- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الإثنين, 18 أيلول/سبتمبر 2017 19:11

تلقي الصراعات والحروب بثقلها اقتصاديا واجتماعيا على المجتمعات، وتفرز ظواهر سلبية تلحق الاذى بها وبأفرادها وشرائحها.
وقد تمخضت الهزات والكوارث التي عصفت بالعراق في الفترة المنصرمة، عن مشاهد اكثر ايلاما مما توقع الكثيرون، خاصة وان بلاياها نزلت على المكون الاجتماعي الاهم، المتمثل في العائلة. فهذه الوحدة الاجتماعية الاساسية فقدت في الكثير جدا من الحالات ولي امرها ومعيلها، اما بالوفاة او نتيجة الاعاقة او الانفصال، وفي حالات اخرى تعرضت الى التهحير داخل وخارج العراق .
وحمل قسم كبير من الاسر التي فقدت منازلها وهجرت من مناطقها بسبب الاعمال الارهابية والعمليات العسكرية، الكثير من الاوجاع وصنوف المعاناة القاسية. وخلال ذلك تراوحت احتياجاتها بين تأمين المأوى وسد الرمق، ما اضطرها الى النزول باطفالها الى الشارع للكفاح من اجل القوت، تاركة حاجاتها الاخرى للصباحات المجهولة اللاحقة.
ونتيجة لهذه الاوضاع القاسية تفاقمت ظاهرة عمالة اﻻطفال، الذين صرنا نجدهم في الطرقات باعة متجولين يعرضون سلعا استهلاكية بسيطة كالمناديل الورقية وقناني الماء، او يصدموننا متسولين تبعثرت احلامهم ولم يبق لهم سوى استعطاف المارة، ويفترشون الارصفة جاهدين للحصول على مبالغ زهيدة، فيما عجلات السيارات والعربات الاخرى تسحق امنياتهم وتطلعهم الى غد اكثر امنا وراحة وطمأنينة.
وبين الحاجة الضاغطة ومسرح الاحداث المتمثل في الشارع، يتعرض هؤلاء الاطفال الى سوء المعاملة والعنف الجسدي والتحرش والاذلال، وتنخر في اجسادهم الغضة مخالب الكواسر المتنوعة ومخاطر الانحراف، فيطغي عندهم سلوك التمرد الناجم عن الحقد على الواقع المرير، المفروض عليهم والذ ي يحرمهم من الحق الاساسي في العيش الكريم. وفي ظروف صعبة كهذه يسهل جرهم شيئا فشيئا وتوريطهم في عالم الانحراف والجريمة.
ومن هنا يتوجب على الجهات المعنية في مؤسسات الدولة ان تبدي الحد الادنى على الاقل من الاهتمام بتوفير الحماية للاطفال المنكوبين، ولايوائهم واعداد برامج تؤهلهم للاندماج بالمجتمع، و فتح ابواب التعليم المهني والحرفي امامهم لاحقا ودعمهم بكل الوسائل ليكونوا جزءا من جيل منتج يسهم في بناء الوطن لا في هدمه .