نصوص / عبدالكريم كاصد

في أصفهان
التقيتُ بفاتن حمامة
ملائكةٌ في الضواحي
وناسٌ يمرّون
«وجهُكِ أبيضُ»
أقسمُ أنّي رأيتكِ في أصفهان
بتلك العباءةِ السوداءَ
وهْي تكادُ تطير
- مساؤكِ خيرٌ..!
ولكنني
- قلتُ -
كيف تراني سأجتازُ تلك السنينَ إليكِ؟
وكيف تراني سأحملُ ما طار؟
كيف تراني أعودُ وأنتِ البعيدةُ؟
أنت القريبةُ..
في أصفهان
ملائكةٌ في الضواحي
وناسٌ يمرّون
أنتِ تمرّين
أنتِ
بتلك العباءةِ السوداء
شاردةً
وهْي تعبرُ ذاك الممرّْ
وتلك السماء
«وحافلةٌ ترحلُ الآن..»
تمضي إلى أين؟
تمضي
بعيداً
بعيداً
ويمضي ملائكةٌ
بضعةٌ
مسرعونْ..
* * *
باب خراسان
لعمري لأن غالتْ خُراسانَ هامتي
لقد كنتُ عن بابَي خُراسانَ نائيا

مالك بن الريب التميميّ

في خُراسان
بابٌ طرقناهُ
هل كان باباً؟
أكنّا الغريبَين؟
كنّا البعيدَين؟
بابٌ أضعناهُ
لم يكُ غيري
ولم يكُ غيرُكَ يا ابنَ تميمٍ
وغيرُ رمالٍ علاها الغضا
هيَ أرضكَ
أرضي
وأرضُ الذين أضاعوا السبيلَ إليها
بباب خراسان
مَنْ ضيّعوها
ومَنْ شيّعوها
ومرّوا بها عابرين
لصوصاً
ومغتربين
وبقيا خوارجَ
إيهٍ.. خراسان!
بابُكِ
ذاك البعيدُ
المتاخمُ
أينَ أضعناهُ؟
أينْ؟
* * *
كرنفالات
دائماً يبدأ الكرنفال بحشدٍ
وينتهي بضحيّهْ
* * *
أجل سينهزمون
غداً
أو بعد غدٍ
غير أنّ ذلك لن يعني انتصارَنا أبداً
* * *
«الإنسان
أثمن رأس مال»
هذا ما أعرفُهُ
لكن ما لا أعرفُهُ هو كيف يكونْ
في هذا البلد الملعونْ
رأسُ المالْ
إنساناً
* * *
اللافتة المرفوعة وسط الأوساخ:
«النظافة من الإيمان»
غيرُ نظيفةٍ أيضاً
* * *
هذا الصولاج
الكولاج
«منْ يُوقفُهُ»؟
كم يبدو
- في الشاشة-
رُقُعاً
نُسجتْ
في ثوبٍ مهترئٍ
مصبوغ!
* * *
فنّانٌ معروفٌ
«متنفّجْ»
حين مررتُ بقريتهِ
لم يعرفْهُ أحدٌ
* * *
حتى في أحلامي
تبدو بغدادُ
مقطّعةً
بشوارعها
* * *
لا تقلْ:
«بلدي غابةٌ»
قلْ لي:
«من الوحوشْ»؟
* * *
مساء الخير أيّها العام
كم يُجهدُ نفسَهُ هذا العام،
ليقطعَ هذا النفقَ المظلم
من أجل أنْ يُشعلَ شمعةً
واحدةً
سرعان ما تنطفئ
* * *
الغرفة كما هيَ:
السريرُ
النافذةُ
الحائطُ القائمُ أبداً
وتلك الغيمةُ..
«من أين أتتْ»؟
ثَمّ ملائكةٌ يمضون
ملائكةٌ
باتجاهِ الجنوب
الجنوب..
الجنوبْ
* * *
لماذا ينتظرني هذا العام
كحوذيّ
بمركبةٍ سوداء
وحصانٍ أبيض؟
* * *
بجناحين كبيرين
وضجّةِ أجراس
تنطلق الكنيسةُ الآن إلى السماء:
نافذتي تهتزّ...
* * *
كقطار الأنفاق
سنواتي تُسرع
هل أهبط؟
أين؟
في أيّ رصيف؟
* * *
في هذه الليلة
كم تبدو أحلامي بسيطةً:
قطعة شمس
* * *
في مفترقٍ
لا أتذكّر أين؟
ثمة لافتةٌ
وطريقٌ لا أعرفُهُ
تسلكه سنواتي
تراهُ طريقي؟