- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الخميس, 25 حزيران/يونيو 2015 14:51

الشعر الشعبي، إيقونة الحياة الأدبية الشعبية،وهو تراث ثقافي يعكس قدرة الإنسان على التواصل مع الإبداع وإنتاج هذا اللون من الفن والتعاطي مع مفردات يغوص في أعماقها إكسير التطور والإبداع، ويفترش ساحاتها الإعجاب والتعبير الصادق والمعاناة الموجعة.
وقد تعددت مشارب ومسارات الشعر الشعبي، ومن تلك المسارات والفنارات الدالة على قمة الإبداع، والتي سجلتها جلسات الشعراء ولقاءاتهم ودواوينهم وإبداعاتهم، ما أطلق عليه " المساجلات ".. وتتسع في هذه المساجلات، دائرة الفطرة والإبداع والتنوع وغزارة الإنتاج ومضمونه،وتتسع محاور المساجلات.
تذكر جرح بچلاي تنشدني عنه
أسرى بجميع اعضاي وأيست منه
كان هذا البيت من الدار مي جوابا على رسالة وصلت الشاعر من احد أصدقائه الشعراء، وفيها يسأل عن الدار والأحباب والجرح القديم:
اشلونك اشلون الدار واشلون الأحباب
اذكر جرح بچلاك بشرني ما طاب ؟
وهذه المساجلات عادة ما تجري من خلال الاتصالات المباشرة او عبر المراسلات التي تستمر طويلا، لكن المهم ان الشعراء يمتلكون القدرة على التواصل والتألق في عالم الشعر مع الفطنة والموهبة والإبداع:
جربت ما خليت كلمن مشه وياي
نص الطريج وگال حد هذا ممشاي
لكن الإجابة كانت نوعا من الفراسة والإمعان في ذكر الوجع الإنساني والمعاناة في الرفقة:
زين ووصل وياك والنص طريجه
بيهم لبـــاب الـــــــدار ينكر رفيجه
الشاعر ابو معيشي كانت له مساجلات رائعة مع شعراء سوق الشيوخ والشطرة وغيرها،تلقى الشاعر أبو معيشي رسالة من الشاعر حمدي ألحمدي.. وفيها بيت من الابوذية:
الدهر من يوم المفارگ شملنه
جفانـــه وچنه ما يدري شملنه
المصايب شتتن منه شملنه
ابعسر بعض وبعض تحت ألوطيه
فكان جواب أبو معيشي:
حرت شأكتب لكم يحباب شملاي
وغدت ما توصل أليمناي شملاي
معاكم لو رفگ بالسير شملاي
يحمدي أول شبابي ايعود ليه
وفي رسالة شعرية تلقاها أبو معيشي من صديقه الشاعر "سعود السراج " حيث ورد فيها:
ما تدري اشجرى عليه وســـادي
فراشي الحزن وهمومي وسادي
بگيت الحم حبل وصلك وسادي
تمت وتگطع ابـــتوته بديـــــــه
لكن ابا معيشي تمعن كثيرا، وأجابه بهذا البيت من الابوذية:
وحگ الصوم والســــبعة وساده
دفگ دمعي وحشر عندي وساده
اغطاي أجبال والمرمر وساده
السدر دوشگ يحجي اسعود ليه
الشاعر كاظم النداف من شعراء سوق الشيوخ وله مساجلات مع الكثير من شعراء هذه المدينة التي تقول الشعر على الفطرة.. أرسل بيتا من الابوذية للشاعر أبي معيشي:
عگب عينك يناهي الحال موحال
شبت والشيب بعده علي موحال
روض الما اشوفك بيه موحال
ربيع ايصير من تجبل عليه
أبو معيشي لا يتردد في الاجابة:
يكاظم من غدو عني ولافاي
هويت ابحر لا مردي ولا فاي
بياض الشيب من يجبل ولافاي
أتيقن واعرف اطروش ألمنيه
الشاعر عبيد السعيد، من أصدقاء الشاعر ابي معيشي وله مساجلات معروفة وموثقة معه 0 وفي واحدة من مراسلاته مع ابي معيشي، حيث أرسل بيتا من الابوذية يقول فيه:
من مثلي بچثير اهموم عالاي
ومن مثلي انهزم وانطرد عالاي
ركبت الجبل عود اعتقد عالاي
الچلب عضني ونابه اثر عليه
ولن يتردد أبو معيشي في الرد على صديقه الشاعر عبيد السعيد:
اعتقد يعبيد بالمخلوگ يملاك
بدليلي اجروح "لك" ايصير يملاك
عالي انت ويعضك فوگ يملاك
أنه وي الصاف دهري ايطير بيه
وتتواصل الجناسات في هذا الجو المفعم بالإبداع والتألق والمطاولة:
ينعمه ارسل مراسيلك ولي واد
إشچخت دنياي بالچبده ولي واد
حشم كل بني مالچ ولي واد
لعند أعبيد كلها أتون سويه
هذا البيت أرسله الشاعر ابو معيشي الى صديقه الشاعر: نعمة الجابري " فأسرع مجيبا:
تگول ارسل يبو معيشي ولي واد
گضوا يا حيف خلاني ولي واد
من أحشمهم بني مالچ ولي واد
اشبديهم لو دنــــا حتف المنيه
وعندما مدحه احد المهاويل الشيخ بدر الرميض اعتزازا بكرمه وسخائه.. بهذا البيت:
بحــــــر يالمنك النهران يارن
وصفاري من چثير الطبخ يارن
الك هــــاون بتالي الليل يارن
تـــــدگ هباشته وناره سريه
وهكذا كان الجواب:
رفعنه اشباب للخطار يــومن
وما ندري عشانه اتغار يومن
تره الشده على الطيبين يــومن
تگضي والنــــذل مشتوم ابيه
الشاعر المعروف هلال الحسن أرسل هذا البيت من الأبوذية إلى أبي معيشي:
مضالي من العمر خمسين عاماي
ومثل مجنون طب وطلع عاماي
هــــاي تگول بويه وهاي عاماي
مــــن اسلم بعد مامش ذوق اليه
وبعد أن تلقى ابو معيشي تلك الرسالة، كان جوابه كالآتي:
من زغري الوسن بالليل عاديت
وهمت يهلا ل وي الضبي عاديت
انچان انته العمر خمسين عاديت
ثمن عشرات عمري حساب ليه
أما عن الحاج زاير فله الكثير من المساجلات مع اغلب شعراء المرحلة، وهي عبارة عن مشاكسات ومداعبات ومنغصات أيضا 0 وقد ورد في ديوانه أن الشيخ محمد النجم اجتمع يوما مع الحاج زاير فكان هذا الحوار الشعري:
طبعنه ما رهم طبعك وزينه
ولا منك بدت طيبه وزينه
اريد الزم عرج شيبك وزينه
ابفردة من النعال وهاي هيه
وبعد فصل من الضحك والعتاب..
رد الشاعر الحاج محمد النجم قائلا:
چثير احفظ من اعيوبك وعدلك
وبعد مالك صدگ عندي وعدلك
بعجد گصبة امن احطنك وعدلك
سنه وتطلع العوجة ذيچ هيه
جعفر الزوين، شاعر من الفرات الأوسط يتردد على الحاج زاير وتحصل بينهما سجالات شعرية،قال هذا البيت أمام الحاج زاير:
دلع وألبان شذر الشاذ والشات
وأتم وجلان مد العمر والشات
صفالي مثل أبو سرحان والشاة
يزاير چيف يرگه حال اليه
فلم يمهله الحاج زاير كثيرا، وهكذا انشد مسرعا:
ابو شعر على المتنين لفات
شبه ريم وعلى الموراد لفات
زهرة زري وكل البيض لفات
يجعفر موش عذرة معنگيه
الشاعر الشيخ محمد آل غضب.. من شعراء وشيوخ الفرات الأوسط، التقى صدفة مع شابة قرويه فأعجبته كثيرا وأثارت في نفسه نوازع الوله والغرام، وقد كانت في غاية الجمال ورهافة الحس الأنثوي، وقد كانت تشم وردة حمراء، وعندما سأل عن اسمها، قالوا انها " ثجيلة" ما دفع الشاعر آل غضب ليقول فيها هذا البيت من الأبوذية:
خشف هذا محله ومحل ورداه
رمه چبدي ابسهم العين وارداه
شفت وردة تشم يا ناس ورداه؟
شــــــفتها عد ثجيلة هالسجيه
لكن الحاج زاير، وعندما سمع هذه الحادثة، أراد أن يشارك الشيخ همه ولكن بأسلوب أكثر طراوة وأعلى مرتبة وتميزا:
ثجيـــلة أحلفت يمحمد بيدها
ثجيــل الردف ما نعلم بيدها
انچان انته شفت ورده بيدها
عيونك سوربت والورد هيه
وكتب الحاج زاير إلى صديقه مراد آل چوير البد يري هذا البيت:
اود الموت كل ساعة ولاحيه
ابسبب ما ظلتش غيرة ولاحيه
تشوفه امعگل ونصبه ولحيه
لچن حچيه وحچي مرته سويه
ألعبادي شاعر معروف وقد عاصر الحاج زاير، قال هذا البيت بحق فتاة كان يعشقها ويهيم بغرامها:
هوالچ ما هوى الغيرچ هوالچ
عليچ ولگطع ادروب الهواچ
نامي ابحضن العبادي هوالچ
نــــجد ما بيه بگ وگارصيه
وعندما بلغ مسامع الحاج زاير، قال هذا البيت شامتا:
وحگ من لولح السبحة ترابي
تظل عيني على ادروبه ترابي
اخبرچ حضن العبادي ترابي
ازريجي وعگرب انطبگوا سويه
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع
1 - صفحات من تاريخ الرميثة/ زهير هادي الرميثي.
2 – ديوان الحاج زاير/ الحاج محمد باقر الايرواني النجفي.
3 –ديوان الشاعر ابو معيشي/ فرقد الحسيني.