اتحاد أدباء وكتاب بابل من دون مأوى !/ محمد علي محيي الدين، منور ناهض الخياط

لماذا تثير كلمة "ثقافة" أو "مثقفون" في نفوس البعض الريبة والفزع؟.. لم لا يضع المسؤولون قضية دعم الثقافة في البلد ضمن أولى اهتماماتهم؟ هذا بالطبع إن كانوا يدركون أهمية وحساسية تلك القضية، وإن كانوا يعرفون أن الدور الذي يمكن أن تلعبه الثقافة في دحر الإرهاب لا يقل أهمية عن المجهود الحربي.
متى يدرك المسؤولون ان الثقافة ليست ترفا؟ بل عملية بناء وتأسيس لمجتمع إنساني متمدن. ربما أن بعضهم يجهل شيئا أسمه "الثقافة" وتلك هي الطامة الكبرى.
العراق قبل كل شيء هو تاريخ .. تاريخ حضاري، ثقافي، نضالي .. إذن كيف يتمكن مسؤول ما من أدارة دفة المسؤولية الملقاة على عاتقه قبل أن يعرف تلك الأبجديات؟
اتحاد أدباء وكتاب بابل من دون مأوى ، واعتداء غاشم على مقر اتحاد أدباء وكتاب العراق المركزي.. بعد ذلك ماذا سيكون؟
ولاتحاد أدباء بابل قصة طويلة قد تطول على قصص ألف ليلة وليلة. فقد كان له مقر قام ببنائه على نفقته الخاصة وبعد سقوط النظام الفاشي، هيمنت عليه قوى متنفذة وأضطر الاتحاد الى إقامة أماسيه في قاعة نقابة الفنانين، وبعد فترة أوعزت حكومة بابل المحلية الى الإتحاد بترك القاعة دون إيجاد مقر بديل له، فاضطر الى أن يتخذ من البيت الثقافي مكانا لعقد أماسيه الأسبوعية، وبعد مراجعات وعرائض ومواجهات خصص للاتحاد قاعة في بناية المتنزه، وكانت خربة متروكة وقامت هيئته الإدارية بجمع التبرعات من رعاة الثقافة في الحلة وتم تأهيلها وأصبحت مقره المعروف.
في رمضان العام الماضي فوجئنا بأن حكومة بابل الموقرة قامت بغارة ليلية أخلت فيها أثاثه ومحتوياته إلى مخازن البلدية بحجة تخصيص القاعة للنازحين، ولعدم ملاءمتها للسكن, رفض النازحون السكن فيها وقامت الهيئة الإدارية بمراجعة المحافظة ومجلس المحافظة الموقر وتمت أعادة الأثاث بعد أن فقد بعضه، وتعهد محافظ بابل بإيجاد مكان ملائم ووافق على تخصيص قطعة أرض للاتحاد وصرح بذلك لوسائل الأعلام ولكن بلدية الحلة وضعت العراقيل والمعوقات تحت حجج لا تخضع الى المنطق باعتبار الاتحاد شخصية غير معنوية.
وزار وزير الثقافة الأستاذ فرياد راوندوزي مدينة الحلة، والتقى رئيس اتحاد أدباء بابل الشاعر جبار الكواز وشرح الأخير له معاناة الاتحاد وما يتعرض له من مضايقات فوعده الوزير خيرا وتعهد رئيس مجلس المحافظة بإيجاد المقر المناسب للاتحاد. ومرت الشهور ولا حياة لمن تنادي، وأخيرا بلغت الهيئة الإدارية بإخلاء مقر الاتحاد خلال أسبوع وبعكسه سترمى أثاثه في الشارع.
وإزاء ذلك لم يجد الاتحاد أمامه غير طريق الإخلاء، ولكن رعاة الثقافة والمهتمين بنمائها وازدهارها ساءهم ما يتعرض له الاتحاد من إقصاء وتهميش ومضايقات فتبرع المهندس نصير الحسيني عضو الاتحاد بشقة يمتلكها لتكون مقرا للاتحاد لحين تيسر المقر المناسب، وفعلا قام الاتحاد بالانتقال الى البناية الجديدة، وهو ينظر الى المستقبل بسوداوية في بلد لا يرعى الأدب والأدباء ويحارب الثقافة والمثقفين، ولا ندري ماذا سيقول وزير الثقافة المسؤول الأول عن رعاية المؤسسات الثقافية؟