المثقف واصلاح النظام السياسي / مجيد خليل ابراهيم

توجهت «طريق الشعب» الى مجموعة من المثقفين العراقيين في المغترب الهولندي، بالسؤال:
كيف ترى دور المثقف في الحراك الحالي؟
اجاب الفنان قاسم حول قائلاً:
المثقف المثقف، وليس نصفه الثقافي، وليس بعضه الانتهازي. المثقف الذي ينتمي للحياة، وبداية ينتمي للوطن يشكل المثل في حياة المواطن، وهو يتطلع إليه رمزاً وروحاً يأخذ منه ومن روحه الحنان الوطني. ولذا تخافه السلطات الدكتاتورية وتخافه الأنظمة الشمولية وتخافه الأنظمة التي تهيمن عليها السلفية، فترصده وتخشاه وتختطفه وتصفيه وتلغيه من الحياة الإنسانية.
في وطني وبعد أن سقط الدكتاتور وتمثاله غير مأسوف عليه في ساحة الفردوس تدهورت الأوضاع السياسية والاقتصادية في العراق، وقد لعب المثقف العراقي في تشخيص الظاهرة المتدهورة على صعد كثيرة،بعد أن استشرى الفساد في جسد الدولة العراقية ما سهّل استباحة الحدود ودخول العصابات الإرهابية التي تتفنن في ترويع الوطن والمواطن.
هنا شعر المثقف العراقي بالمسؤولية فاتخذ الموقف، وإن جاء متأخراً كثيراً ولكنه أفضل من أن لا يأتي.
لماذا جاء موقف المثقف متأخراً؟ هذا سؤال هام ينبغي الوقوف إزاءه بوعي. فمن ضمن التدهور الذي شمل كل مفاصل الحياة، وبشكل مخيف يهدد وجود الوطن والمواطن، طال الحيف حياة المثقف، فتبعثرت مؤسساته الثقافية واستحوذت قوى غير مثقفة باسم الثقافة لتهيمن على المشهد الثقافي وتكاد أن تلغيه بثقافة سلفية متأخرة عن التطور، وهي بالضرورة حيوات لا تمت للثقافة وعلميتها وشاعريتها بصلة. ومن أبرز مظاهر التدهور وعدم نظرة الدولة وحكامها المتخلفون إلى الثقافة كمفردة أساسية من مفردات تطور المجتمع أن وزارة الثقافة ينظر إليها كوزارة هامشية وتمنح للأحزاب كوزارة مجاملة لا شأن للدولة بها.
الآن تحرك المثقفون في قيادة الموقف الشعبي، ووقف المثقفون العراقيون في الواجهة، ما ترك حالة من الرعب لدى قوى لا تريد للثقافة أن تنتعش وتأخذ دورها في بناء الوطن. فاندست بقواها السوداء لتخطف المنادين بالإصلاح، إصلاح الدولة من منطلق الخوف على الوطن والمواطن. مطلوب مزيدا من وعي الموقف للمثقف، مزيدا من وعي الانتباه للمثقف، مزيدا من الدقة التي قد نحتاج إليها.. دقة تشبه دقة لاعب السيرك الذي غير مسموح له بأن يخطأ، لأن أي خطأ صغير قد يودي بحياته!