واحد من اصدارات "دار الرواد المزدهرة" 2016، يقع في 259 صفحة من القطع المتوسط وقد احتوى على 29 عنوانا وملاحظة لابد منها للكاتب... وقد قال فيها (( ان الكتاب ليس شكلا من اشكال المذكرات الشخصية وليس شكلا من اشكال السيرة الذاتية, بل هو شكل من اشكال الكتابة عن الآخر)).

طبعا الهدف من وراء ذلك هو تقديم نماذج انسانيه ناضلت وابدعت في اختيار طريقها الفعلي. اود ان اقول بعد اتمامي قراءة هذا الكتاب الذي ازدحم بالأسماء اللامعة والمواقف الشجاعة للشيوعي المبدئي الذي لا يساوم ولا يهادن حتى النفس الاخير. كنت وعلى مدار يومين في قمة الاستمتاع والحرقة وانا اتلمس مساحة الصدق الكبيرة في السطور واحدا تلو الآخر والتقديم الحميم لشخصيات اجدها في غاية العظمة وهي ايضا ليست غريبة عن القارئ العراقي في صفة نكران الذات لديها من اجل حياة رغيدة لشعب قاسى على مر العصور من القهر والاستعباد والاستبداد.

وجدت ذلك لا يتحقق لولا الصلة الذاتية اللصيقة للكاتب بشخوصه وحسن اختياره, لذا فان هناك سيرة ذاتية بأفعال الآخر وتلك حسنة تضاف إلى براعة الكاتب والصحفي السيد المطير.

خلال عرضي لكتاب (عراقيون في الوجدان) للدكتور فائق بطي وردت عبارة ختم بها كتابه القيم بمقولة شهيرة لأبراهام لينكولن تقول :

( اذا كانت الصداقة هي نقطة ضعفك , فانت اقوى شخص في العالم ).

المطير هنا كان رقيقا رفيقا بشخوصه ولم يذهب بعيدا عما اراه في الصدق والاخلاص والوفاء والشجاعة ايضا. فقط رغبت في شيء من التصنيف فلدينا متوهج حد الشهادة ومتوهج ليومنا هذا في سوح النضال ومتوهج في العلم والثقافة والفنون , حقا كانوا متوهجين فقد اضاف الاستاذ جاسم إلى المكتبة رصيدا جديدا نفتخر به، وسأحاول الخروج برؤية لكل شخصية دون الدخول في التفاصيل ومنح فرصة التمتع بذاكرة الحدث :

• الهوية الاجتماعية في تكوين الحزب الشيوعي

السؤال هل هي نظرية ام حقيقة اثبتتها الايام من ان الشيوعي نشأ منذ البداية في بيئة متمدنة متحضرة تنعدم فيها المكانة الطبقية والالقاب والمذهبية, علاقة الشيوعي بالآخر منسجمة الى ابعد الحدود كل واحد يقدم نموذجا فريدا في العلاقة الاخوية والانسانية (استراتيجية الدمج بين الفرد والجماعة بين المواطن والوطن).

ولاغرو حين قال مؤسس الحزب الخالد فهد..( لقد كنت وطنيا وعندما اصبحت شيوعيا صرت اشعر بمسؤولية اكبر تجاه وطني ).

• في صفحات مشرقة والتي تناول فيها الكاتب شخصية الرفيق فهد والتي تمنى دراستها بشمولية اكثر على ان تكون مدعمة بالوثائق عن هذه الشخصية المهمة في تاريخ العراق، لقد كتب عنه والتقى به الكثير وثبتت في اصدارات عديدة اهمها اللقاء مع محمد علي الزرقة وعبد الكريم حسون جار الله وشخصيات اخرى كانت معه في سجن الكوت وحنا بطاطو واخرين كما تناولته اعداد الثقافة الجديدة في مناسبات مختلفة تناولت حتى حياته الشخصية ومازلنا نتذكر زيارة ابنته سوزان إلى العراق و يمكن الرجوع اليها.

• الدكتور محمد صالح سميسم

الاديب الذي اصبح عرضة للموت على ايدي اعداء الانسانية عقب انقلاب شباط الاسود 1963 حيث مارس نظام صدام واجهزة امنه القمعية ومخابراته ابشع التنكيل بالقوى الوطنية والتقدمية وفي مقدمتها الشيوعية وقد فارق الحياة جراء نزيف في الدماغ

ومن بعده زوجته الاستاذة والأديبة اللامعة الدكتورة حياة شرارة التي ماتت جراء الخنق بالغاز.

• الشهيد محمد صالح العبلي

نموذج الشخصية الشيوعية الذي كتب عنه الكثير كواحد من الذين سطروا ملحمة بالصمود واغاظ جلاديه فقد فارق الحياة تحت التعذيب في زنزانات البعث الفاشي عام 1963م.

• الشهيد فيصل الحجاج

في 8 شباط / 1963م اليوم الاسود في حياة العراقيين حين اقتادوه من غرفة التعذيب مع عشرة شيوعيين آخرين وخلال دقائق اطلقوا الرصاص على جماجمهم ودفنوا في إحدى المقابر السرية.

لقد غيب مناضل طلابي من المناضلين المتميزين بسيرة ذاتية عطرة كباقي الشيوعيين العراقيين.

• الشهيد شاكر محمود

• ابن العائلة الكادحة الشيوعية البارز الذي عمل نظام البعث الفاشي بسبب طبيعة جوهره العدوانية السادية في تدمير الآخر فقد خطط لاغتيال الشيوعيين ففي 12/11/1972م دهسته سيارة فوكس واكن تحمل الرقم 2869 في شارع الكندي بالحارثية لتقتل هذا المناضل العائد توا من موسكو ابن العائلة البصرية الحالم ببناء وطن حر وشعب سعيد.

• عبد علوان الطائي

ابن مدينة الكحلاء الذي كرس وقته ورزقه طوال حياته ليكون متواشجا ومتعاونا مع اغلب رفاقه وزملائه العاملين في خلاياه المناضلة يتحدى البيئة القمعية الصعبة ليدون تأويل الحاضر القاسي للشعب العراقي الى مستقبل لابد ان يأتي حاملا امال وطموحات هذا الشعب في الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي.

• الشهيد ستار خضير

• ابن صائغ الذهب المندائي الكادح القادم الى بغداد من مدينة العمارة افنى زهرة شبابه في السجون والمعتقلات والمنافي مواصلا نضاله العنيد ضد الظلم والتعسف قبل ثورة 14 تموز وبعدها عاملا فترة في التنظيم الشيوعي العسكري حتى ليلة اغتياله برصاصة غادرة اطلقها على صدره ازلام الحاقد المجرم ناظم كزار عدو طفولته في شارع فلسطين ببغداد في 29 / 6/ 1969م نقل على اثرها الى مستشفى الطوارئ وهو على شفى الموت ثم اعتقلوا اخويه جبار وقيس. لقد ندت عن الوحوش الفزعة في قصر النهاية صرخات // مات الشيوعي ستار خضير.

• صالح دكلة

قائد شيوعي كان في يده بعض مفاتيح احداث 14 تموز 1958م في مرحلتها الوسيطة فقد عرف هذا الانسان في النضال الوطني كأجمل لون من الوان الحياة التي انتهت بانتمائه الى حركة تجديد ديمقراطية اسسها في لندن بعد ان امضى سنوات طويله قبلها في العمل الفدائي الفلسطيني مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

• الفنان جواد سليم

• الذي غادرنا وهو في عز شبابه وفي قمة عطائه تاركا لوعة في قلب محبيه وها هو اليوم يبرز شامخا كل لحظة يتجمع عشاق الحرية حول نصبه العملاق مناشدا الجماهير بصوت مدو (دولة مدنية.. عدالة اجتماعية).

• المناضل جاسم حلوائي

الكربلائي الذي فك رموز القراءة وامتلك كنوزا معرفية تنظيميه وهو ذو ذاكرة متواترة جدلية متألق في كشف الكثير من الصفحات غير المقروءة مما جعلته ليس قائدا عماليا فحسب بل كاتب لامع منفتح على كل ظاهرات الحياة مؤمن ان الكون كله يتحرك باستمرار في دوائر التغير.

• سعدي الحديثي

باحث اكاديمي وكاتب صحفي من كتاب المقالة القصيرة بكلام معرفي ذي صوت عراقي

.دافئ حين كان يصدح مع مظفر النواب في سجن نقرة السلمان.

• الكتاب تناول عددا من الاسماء التي تركت اثرا جميلا في حياة الكاتب المطير وهم كل من :

1. سارا ليدمن

روائية يساريه التقى بها الكاتب في قطار سويدي.

2. حامد ايوب

عامل النسيج في معمل نسيج الكاظمية حصل على عضوية الحزب عام 1956

3. الراحل محمد سعيد الصكار

المجنون الهادئ بالفن والثقافة والخط العربي وفن التصميم , صكار البصرة اميرة المدن انظري الى ابنك محاطا بحياة الشيوعيين الناصعة بخدود حمراء منذ ثمانين عاما.

4. الراحلة زكية خيري

كانت قمرا لا يغيب المرأة التي تدفع اولادها وبناتها صوب الانتماء إلى الحزب الشيوعي وتردد دائما (ان عضوية حزب الفقراء هي اكرم الالقاب) عملت ساعية بريد بين منظمات الحزب الشيوعي من دون خوف ولا تردد ظلت مثالا للإصرار على مواصلة النضال الطويل متمسكة بأفكار الماركسية حتى يوم رحيلها.

5. ناظم رمزي

الذي مات في لندن في 8/9/2013 وقد انجز خلال حياته عدداً من المؤلفات منها :

- الارض والناس

- من الذاكرة

- لقطات فوتوغرافية لبعض ملامح الحياة العراقية في القرن العشرين

جولتي مع الكاميرا.

6. حافظ التكمجي

رجل اقتصادي عليم متكامل الرؤية والموهبة والخبرة وتأملات سريعة في ذكريات قديمة ايام التلمذة والعمل في اتحاد الطلبة.

• لقد افرد الكاتب بابا للبروفيسور الاقتصادي الدكتور كاظم حبيب تحت عنوان الحداثة السردية في الوقائع السياسية التاريخية المعقدة (مناقشة) كتاب يهود العراق والمواطنة المنتزعة.

• من الشخصيات المهمة ايضا المفكر الدكتور رشيد خيون و(مناقشة) كتابه الاخير لاهوت السياسية.

• الشاعر محمد مهمدي الجواهري في كتاب سليم البصون ومقال للدكتور عقيل الناصري عن علاقة الجواهري بالزعيم عبد الكريم قاسم.

• من الإصدارات التي استند إليها الكاتب في رحلته الطويلة كتاب حمدي التكمجي وقد درس فيه رموزاً ثقافية تركت اثرا مهما في المشهد الثقافي العراقي وهم كل من:-

1. الفنان المسرحي القدير يوسف العاني

2. المناضل الطبيب والتشكيلي قتيبة الشيخ نوري

3. المناضل الرسام محمود صبري صاحب نظرية الكم.

اخيرا ان الاستاذ جاسم المطير قد ضمن كتابه القيم مقالا عن المؤتمر الوطني التاسع ومن حسن الصدف ان يكون الحزب الشيوعي العراقي يعد العدة لعقد مؤتمره الوطني العاشر.