الأمم المتحدة تعقد اول مؤتمر حول الهنود الحمر

رشيد غويلب

نادرا ما تهتم وسائل الاعلام بما تبقى من السكان الاصليين للأمريكتين، او "الهنود الحمر" وهي تسمية اطلقها الغزاة البيض عليهم للتمييز بينهم وبين هنود آسيا. والهنود الحمر موزعون اليوم على 90 بلدا، ويقدر عدد مجموعاتهم السكانية (شعوبهم) بـ 5 آلاف تقريبا، يبلغ مجموع مواطنيها 370 مليون نسمة وهم يشكلون 5 في المائة من سكان العالم، و 15 في المائة من فقرائه. وحسب منظمة Survival (البقاء) العالمية لحقوق الانسان، هناك 150 مليوناً منهم يعيشون في مجتمعات قبلية، يبلغ تعداد بعضها الآلاف، او المئات، وبعضها الآخر يتكون من عدد قليل من المتبقين على قيد الحياة.
في عام 1993 نظمت الامم المتحدة مؤتمراً لحقوق الانسان مكرسا للهنود الحمر، والمنحدرين من اصولهم، وسمت التاسع من آب يوم السكان الاصليين. وفي عام 1994 عقد مؤتمر في فينا، سمى سنوات 1994 - 2004 بعقد الهنود الحمر. ولم يتمخض عن ذلك شيء ملموس، سوى قائمة من المطالب موجهة الى حكومات البلدان التي يعيش فيها هؤلاء. ومن المعروف ان العديد من هذه المجموعات السكانية تقطن مناطق غنية بالمواد الخام. وفي زمن العولمة الاقتصادية الجامحة، يصبح النضال من اجل حقوقهم حاجة ملحة وحيوية.
وفي سياق اجتماعات الدورة 69 الحالية لـ الجمعية العامة للأمم المتحدة، عقد المؤتمر العالمي الأول حول اوضاع السكان الاصليين (الهنود الحمر). و حضر المؤتمر أكثر من الف مندوب يمثلون الهنود الحمر في خمس قارات، و 140 شخصية تمثل رؤساء الدول والحكومات، واستمر المؤتمر مدة يومين، وأكدت الدول الأعضاء في المنظمة العالمية التزامها بدعم وحماية حقوق السكان الأصليين في بلدانهم، وجرت في المؤتمر مناقشة المشاكل والستراتيجيات حلها.
وافتتح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هذا الاجتماع التاريخي، وقال ان "نجاح المؤتمر ضروري لتقدم البشرية جمعاء"، وأكد امام المشاركين دعمه الكامل لحصول الهنود الحمر على كامل حقوقهم.
وفي جلسة الختام القى الرئيس البوليفي، الذي ينتمي للسكان الأصليين، وهو الرئيس الحالي لمؤتمر مجموعة الـ 77 زائدا الصين كلمة، باعتباره ضيفا استثنائيا. وقال موراليس، ان الهنود الحمر قاوموا الاستعمار، وحافظوا على ثقافة الحياة. وانهم استوعبوا "العيش بتوازن مع أمنا الأرض"، وشكلوا "احتياطياً اخلاقياً للانسانية".
وبمناسبة انعقاد المؤتمر العالمي للتحولات المناخية، اكد الرئيس البوليفي ان افضل وسيلة لمواجهة آثارها السلبية، هي توظيف خبرة الشعوب الاصلية في التصدي لها عبر اعتماد "المنتجات العضوية والطبيعية في التغذية". وطالب موراليس جميع الحكومات بـ "القضاء على الفقر المدقع، والتمييز الذي مازال الهنود الحمر يعانون منه".
لقد اثبتت حركة الهنود الحمر في بوليفيا ان هدفها لا ينحصر في المشاركة في الانتخابات، وانها قادرة على ممارسة الحكم. وهنا اكد الرئيس البوليفي " ان الفضل يعود الى نضال الحركات الاجتماعية في "كون السياسة الآن ليست تجارة، او تكديساً للارباح، وانما هي تقديم خدمات، والتزام، وتضحية في سبيل حقوق شعوبنا" وهذا لا يقدمه" حكم البنوك ورجال الاعمال، والشركات العابرة للقارات".
ووصفت شخصيات قيادية من الهنود الحمر المؤتمر في تصريحات صحفية بانه فرصة لتحديد ملامح المستقبل، ووضع خطة عمل لضمان، و احترام حقوق المجتمعات التقليدية. وقال احدهم عن المؤتمر أنه حدث هام من أجل ابراز صوت الناس" الذين يتعرضون منذ قرون للتمييز والتهجير. ونحن بحاجة إلى هذه الفضاءات، لأن لدينا مشاكل مشتركة، مثل الاضرار البيئية، وتأثير التطور على أرضنا، وعدم الاعتراف والتهميش في اتخاذ القرارات.
واهتمت محاور المؤتمر الرئيسية بقضايا الفقر المدقع، والتهجير القسري، وضعف المشاركة السياسية على المستويات المحلية والوطنية في جميع انحاء العالم. وجرى تحليل الوسائل التي تواجه بواسطتها الامم المتحدة هذه التحديات، وتم وضع الأسس السياسية لورقة استراتيجية للعقد القادم، بدء من عام 2015 .
و باقرار الوثيقة الختامية وضع الامين العام للامم المتحدة البداية لعملية اصدار قرار اممي جديد، لان القرار رقم 169 لسنة 1989 بشأن تعزيز حقوق الهنود الحمر، والذي تمت المصادقة عليه من قبل 22 دولة معظمها من بلدان امريكا اللاتينية، لم يحقق اهدافه.