متابعة"طريق الشعب"
تصاعدت في السنوات الاخيرة اعمال العنف المنظم لقوات الشرطة، واجهزة الامن الاخرى في الولايات المتحدة الامريكية، وخصوصا في الاحياء السكنية، ضد المواطنين السود واللاتينيين، بدوافع عنصرية. وتصاعد الغضب، واهتمام وسائل الاعلام الامريكية والعالمية، واصبح الامر مختلفا بعد اقدام الشرطة في بداية آب الفائت على قتل الشاب الزنجي، ذو الثمانية عشر ربيعا، "مايك براون" في مدينة "فيرغسون" في ولاية ميسوري.
واحدثت جريمة القتل شروخا في المجتمع الامريكي، ولم تجد نفعا محاولات احتواء الحركة الاحتجاجية التي اجتاحت المدينة طيلة ثلاثة اسابيع، وما تزال الصدامات بين المحتجين، وقوات الشرطة المدججة بالسلاح، والتي حولت المدينة الى ما يشبه ميدانا لحرب اهلية عالقة في الاذهان. وتحولت الاحتجاجات التي بدأتها مجموعة من الشبيبة السود، الى حركة رفض انظم اليها الآلاف في عموم الولايات المتحدة.
ويبذل المحتجون جهودا لتشبيك حركتهم، وجعلها اكثر وضوحا ضد استخدام الشرطة للعنف العنصري ضد الشبيبة الملونين، وضد تحويل الشرطة الى جيش مسلح، وضد الفقر، والظلم الاجتماعي - الاقتصادي، وفقدان المشاركة الديمقراطية الحقيقية. وتعبر احتجاجات "فيرغسون" والتعبئة الجارية في عموم البلاد عن سعي المحتجين ورغبتهم في تقرير مصيرهم من خلال تعزيز حركة من أجل العدالة الاجتماعية ووضع حد للعنف ضد السود واللاتينيين. وفي اطار تنامي واتساع حركة الاحتجاج اعلنت منظمة "النضال الأسود" في نداء لها صدر اخيرا عن تنظيم سلسلة من الفعاليات ال?حتجاجية تحت شعار "الأيادي المتحدة" في مدينة "فيرغسون"، في الفترة 10 - 13 تشرين الاول الحالي، يشارك فيها محتجون قادمون من جميع انحاء البلاد. وستشهد المدينة يوم السبت 11 تشرين الاول تظاهرة مركزية تحت شعار "العدالة لـ مايك براون"، كجزء من برنامج متنوع.
وترافق الحركة الاحتجاجية موجة مناقشات ونشاطات تربوية في المدارس والجامعات. وفي هذه المناقشات كما يعتقد احد المتحدثين، وهو ناشط في تجمع تضامني نظم في مدينة نيويورك اخيرا، الخلاصة التي تمخضت عنها احداث "فيرغسون" ،والتي مفادها ان الحرب الاهلية الامريكية انهت نظام العبودية في البلاد رسميا، الا ان "ثورة ضد العنصرية، التي ما تزال مترسخة في المجتمع غير حاضرة ". وينشغل استراتيجيو الوكالات الامنية الامريكية بالبحث عن السبل الممكنة لمنع الحركة الاحتجاجية التي عمت اكثر من 100 مدينة، وتحجيم آثارها المستقبلية. وتمثل ا?مدارس العامة مواقع مهمة لهذه المناقشات، فقد عجزت الادارات عن السيطرة على ما يدور في المدارس خلال ايام الاحتجاجات في مدن تقع على مقربة من مركز الحدث.
وبدلا من مناقشة ما حدث مع تلاميذ هذه المدارس، اصدرت الادارات قرارات بمنع الحديث عن احداث "فيرغسون" اثناء التدريس بحجة ان هذه المناقشات تؤدي الى انتشار العنف في المدارس. ولم يرفع المنع الا بعد ان اصدرت لجنة مؤلفة من 20 شخصا، ضمت ادارات المدارس، ومعلمين، وموظفين، وخبراء في علم النفس، في الثاني والعشرين من ايلول الفائت، قرارا برفع المنع، مصحوبا بشرط، ان تجري المناقشات في اطار مواضيع ذات صلة بالمناهج المقررة، اي فرض آليات للسيطرة على المناقشات ذات الطبيعة النقدية. ونوع آخر للسيطرة كشف عنه اولياء امور الطلبة ال?ود واللاتينيين في ولاية مسيسبي، عندما طالبوا بتوضيحات تفصيلية بشان تسليح ما يسمى بشرطة الحرم الجامعي، التي تتواجد في مدارس ابنائهم. وكانت النتيجة، كما اشارت جريدة "واشنطن بوست"، مثيرة للاستغراب، اذ تم الكشف عن ان الجيش الامريكي يقوم بتسليح قوات الشرطة في الجامعات والمعاهد والمدارس من مخازنه في اكثر من 30 ولاية امريكية، ويشمل التسليح اسلحة ثقيلة، استخدمت اثناء الحرب في افغانستان والعراق. وانتقدت منظمات حقوق الانسان وجود هذه المعدات الحربية في ابنية المؤسسات التعليمية، مشيرة الى ان وجودها يخلق اجواءا من الك?اهية بين الشرطة والطلبة.
ان المناقشات بعد احداث "فيرغسون" ما زالت متواصلة. وتقول منظمة "النضال الأسود"، التي سلمت البيت الابيض قبل ثلاثة اسابيع مليون توقيع، جمعت خلال حملة تحت شعار" نريد مستقبلا بلا فيرغسون"، تهدف الى عملية اصلاح تنهي العنف، الذي تمارسه الشرطة ضد الشبيبة بدوافع عنصرية.