رشيد غويلب
احتضنت حاضرة الفاتيكان، ايام 27 / 29 تشرين الاول الفائت لقاءً عالمياً للحركات الاجتماعية، بمشاركة 100 حركة اجتماعية من جميع انحاء العالم. وجاء اللقاء بدعوة من البابا "فرنسيس" وساهم في اعماله التي استمرت ثلاثة ايام، الرئيس البوليفي ايفو موراليس.
واهتم اللقاء بالقضايا الاساسية للحركات الاجتماعية مثل الحروب، والتهجير، والجوع، الفقر، والبطالة. كما ناقش آليات الاقصاء،و اسباب اتساع وتعمق الظلم الاجتماعي في العالم. ومن اهم الحركات الاجتماعية، التي شاركت في اللقاء حركة المعدمين في البرازيل، واتحاد الفقراء والمشردين في زامبيا، ومنظمة شبيبة كردية قادمة من سوريا، وجمعية الفلاحين الكوريين. وكانت العناوين الثلاثة الرئيسية في اللقاء هي: الارض (الفلاحون، الزراعة، التغذية، والبيئة)، العمل (العمالة غير الشرعية، عمالة الاطفال والشبيبة)، والسكن (المستوطنات، انعدام المساكن، والأطراف الفقيرة للحواضر).
وناقش اللقاء الذي وصف بـ"التاريخي" قضايا العنف والحرب التي اعتبرها البابا "حرباً عالمية على مراحل". وتوقف المجتمعون بشكل خاص عند الوضع في الشرق الاوسط و"العدوان على الشعبين الفلسطيني والكردي". ونوقشت ايضا قضايا عنف الجريمة المنظمة لمافيات المخدرات، والاتجار بالسلاح والبشر" وتناول المشاركون في اللقاء كذلك الانقلابيين في الهندوراس، وباراغواي، وتدخل البلدان الغربية في البلدان الفقيرة.
والقى البابا كلمة امام المجتمعين، تناول فيها مفهوم التضامن. وحسب رأي البابا، يتجسد التضامن عندما يفكر المرء بالمجموع، وينطلق من مصالحهم، وفي إعلاء قيم الحياة على التملك. وفيما عدا ذلك، لا بد من محاربة الأسباب الهيكلية للفقر وعدم المساواة والبطالة وعدم امتلاك الأراضي وعدم تلبية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وامتدح البابا عمل ونضال الحركات الاجتماعية، واكد انه يقف الى جانبها، وانه يناضل معها ضد "الأبعاد الجديدة" للاستغلال والاضطهاد التي تسود العالم. وفي ختام كلمته عبر البابا عن استغرابه، لتكرار وصفه بالشيوعي، بسبب دعمه للنضال الاجتماعي.
والقى الرئيس البوليفي موراليس، الذي كان رئيس الدولة الوحيد المشارك في اعمال اللقاء، والذي شارك في حلقة النقاش حول "التعدد القومي، الدولة، والحركات الاجتماعية"، كلمة تناول فيها الاجابة على سؤال "كيف يمكننا انهاء الرأسمالية". وعرض موراليس، الذي أعيد انتخابه قبل اسابيع رئيساً لبوليفيا برنامج حكومته، وانتقد "الرأسمالية كنظام يباع ويشترى فيه كل شيء". وقال انه مجتمع ينتج حصريا الوفرة في جانب، والفقر في الجانب الآخر. ولهذا "فالرأسمالية جريمة كبرى بحق الإنسانية"، وأكد على قيام ديمقراطية جديدة في بوليفيا، واعتماد سياسة تؤدي الى تمكين الفقراء والشعب، وتعزيز دورهما. وبعد ان انتهى من القاء خطابه التقى الرئيس البوليفي بالبابا، وناقش معه اوضاع الكنيسة في بوليفيا، وإمكانية قيامه (البابا) بزيارة لبلاده.واصدر اللقاء العالمي المشترك بين البابا والحركات الاجتماعية بياناً ختامياً، خلص إلى أن "السعي المحموم الى الأرباح"هو السبب وراء الحروب والعنف والصراعات العرقية والمشاكل البيئية. ولهذا يجب أن يركز عمل الكنيسة والحركات الاجتماعية ضد هذه "الإبادة الجماعية للأرض".و"يجب ان يكونا الضمان الكامل للاستقرار والأمان،وتوفير الحصول على الارض والسكن والعمل، لان هذا الثلاثي (الارض والسكن والعمل)هو الاساس لضمان الكرامة غير القابلة للتصرف، والمتأصلة في الأفراد، وحقوقهم الانسانية". وفي نهاية المطاف جرى التأكيد على اهمية "المبادئ الاساسية للسلوك الأخلاقي للفرد والجماعة والمجتمع ، وتطوير الحياة الإنسانية".
وأصدر عن اللقاء كذلك "رسالة المهمشين الى المهمشين"، التي ينبغي ان تكون الاساس لدعم عمل الحركات الاجتماعية في البلد المعين. والى جانب هذه الرسالة التي ستناقش على النطاق العالمي، اتفق المشاركون على مقترح بشأن "فضاء دائم للحوار بين الكنيسة والحركات الاجتماعية".