ألمانيا.. عشرات الآلاف يتظاهرون ضد العداء للأجانب

رشيد غويلب
عاشت مدن ألمانية عدة، الاثنين الفائت، موجة جديدة من التظاهرات التي تنظمها حركة "الاوربيين الوطنيين ضد اسلمة الغرب" والمعروفة بـ"بيغيدا" الشعبوية اليمينية المتطرفة، والقوى الداعمة لها، من اليمين المتشدد والنازيون الجدد، وبالمقابل تصاعدت الحركة الاحتجاجية المضادة لها، والتي ينشط فيها طيف واسع من القوى الديمقراطية، والمدافعة عن حقوق الانسان، وتلعب قوى اليسار، والحركة الاجتماعية، دورا محوريا فيها.
وفي التظاهرات الاحتجاجية وشكلت رداً ملموساً، وواضحا للعيان على مساعي العنصرين، والتي شارك فيها عشرات الآلاف في جميع أنحاء البلاد. و"بيغيدا" هي تحالف تأسس في مدينة دريدسن في شرق المانيا، واصبح لها فروع في العديد من المدن الالمانية. وفي حين بلغ المشاركون في تظاهرتها في مدينة التأسيس 18 الفا، مقابل 4 آلاف مشارك في تظاهرة الرد، فان الامر كان معكوسا في مدن مثل ميونخ ومنستر، وكولونيا .
في هذه المدن تشكل تحالف واسع من الاحزاب، والمنظمات الاجتماعية والثقافية، والكنائس، ومجاميع المبادرات التي تتشكل في القصبات والمدن في حالات اتساع وتصاعد الصراع مع اليمين المتطرف. ونظمت التظاهرات المضادة تحت شعار"مرحبا باللاجئين". وكان مجموع المشاركين 20 الفا، منهم وفق معطيات دوائر الشرطة 7500 في ميونخ، في حين تحدث المنظمون عن اشتراك 12 الفا ،مقابل 250 متظاهرا فقط من معسكر اليمين المتطرف. وفي مدينة "منستر"، اعلنت الشرطة عن اشتراك 10 آلاف تقريبا في التظاهرة، مع خلو المدينة من تظاهرة انصار "بيغيدا". وفي العاصمة برلين احتج اكثر من 6 آلاف مواطن في فعاليات وتجمعات مختلفة، شهدتها احياء المدينة، مقابل اكثر من 300 فقط في التظاهرة المعادية للأجانب.
وفي الثلاثاء الفائت تناول العديد من السياسيين ظاهرة "بيغيدا"، مجددا في وسائل الاعلام. ودعت 50 شخصية معروفة ، من الاوساط السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، الى تصعيد المواجهة مع المتطرفين. وضمت هذه المجموعة شخصيات من قوى اليمين التقليدي التي اكتشفت فجأة مكان للاجئين في قلوبهم. مثل وزير المالية فولفغانغ شويبله، ووزير الداخلية توماس ديميسير من الحزب الديمقراطي المسيحي، اللذان اسهما في بث قناعة لدى اوساط واسعة من المواطنيين، ان الكثير من اللاجئين غير حقيقيين، ويسيئون استخدام حق اللجوء في المانيا. وكان وزير الداخلية الالماني قد صرح مساء الاثنين لقناة الـ (س ن ن) الامريكية، ان تظاهرات "بيغيدا" هي "ظاهرة محلية"، وينبغي عدم المبالغة في تقييمها.
وقال المستشار الألماني الأسبق هيلموت شميت، البالغ من العمر 96 عاما، في حديث مع صحيفة "بيلد تسايتونغ" الصادرة الثلاثاء (السادس من كانون الثاني 2015) "إن ألمانيا يجب أن تبقى متسامحة ومنفتحة على العالم. ولهذا نرفض حركة "بيغيدا". وأضاف شميت أن احتجاجات حركة "بيغيدا" "تغذي مشاعر كراهية الأجانب الدفينة وتروج لروح عدم التسامح". وتابع المستشار الأقدم في حديثه "أن تاريخنا ومفهومنا الاقتصادي يقولان لنا إنه لا يجوز لألمانيا أن ترفض اللاجئين". ومن جانبه اعاد اورليش غريلو رئيس اتحاد الصناعيين الالماني،تأكيدات المستشار الاسبق اهمية المهاجرين بالنسبة للاقتصاد الألماني. واكدت اوولا يبكه متحدثة الشؤون الداخلية في كتلة البرلمانية لحزب اليسار الألماني على بقاء التأييد محدودا لهذه الحركة العنصرية" في ما عدا داخل مدينة دريسدن، برهنت الحركة العنصرية على انها بالون".
الحزب الوحيد الممثل في البرلمان ، والذي لديه تعامل مع الحركة العنصرية هو حزب "البديل من اجل المانيا" اليميني المتطرف، وهناك لقاءت متفق عليها بين الحزب المذكور وحركة "بيغيدا" في ولاية ساكسن، حيث تقع مدينة دريسدن. ووجه كريستيان ليندر رئيس الحزب الليبرالي الحر، نقدا للحركة العنصرية خلال اللقاء السنوي لحزبه، ولكنه ابدى تفهما لقلق المواطنيين، الذين يشهدون تزايد اعداد اللاجئين في إحيائهم. وطلب عدم اعتبارهم نازيين. وقال نائبه فولفغانغ كيبك للقناة الثانية للتلفزيون الالماني " ان مشكلتنا ليست مع الاسلام، ولكن المشكلة في المجرمين اللذين يبررون جرائمهم دينيا".ولهذا فهذه "مخاوف غامضة"، وينبغي عدم توجيه الاتهامات للناس.