كريم احمد: حياتي كانت وما زالت منذورة للحزب وقضيته العادلة

حاوره: كاظم فرج العقابي
حسين علوان ومحيي العبيدي
توجهنا الى منزل الرفيق المناضل كريم احمد ( ابو سليم) في مدينة كويسنجق مساء يوم الاثنين الموافق 9/2/2015 ، وكان يرافقنا الى زيارته الرفاق: بختيار شعبي واحمد شاهين من كوادر الحزب الشيوعي الكردستاني ، لنطمئن على احواله وصحته.
ترك الرفيق ابو سليم بصمة مميزة في مسيرة حزبنا الشيوعي العراقي كونه قائدا تشهد له مواقفه الحزبية والسياسية ، لا سيما وانه تقلد مسؤوليات حزبية عديدة منذ انتسابه الى صفوف الحزب عام 1944، فهو سكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني السابق وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وعضو مكتبها السياسي لدورات عديدة ، وما ان وصلنا منزله حتى استقبلنا وعائلته الكريمة بحفاوة وترحيب حار ، فكلماته الحميمية المرحبة بقدومنا اشاعت وعززت روح الالفة والرفقة والتماهي معه ، مما شجعنا ان نسجل هذه الدردشة السياسية معه، غايتنا منها ان نضع شيئاً من تجربته الطويلة الغنية امام الجيل الشيوعي الجديد بهدف الاستفادة من دروسها في نضالهم خدمة لحزبهم وشعبهم ووطنهم .
 كيف بدأت علاقة الرفيق ابو سليم بالحزب ؟
-عند دراستي في معهد المعلمين تعرفت على الكثير من الاصدقاء ومن بينهم احد ابناء مدينة السماوة واسمه (محمد السماوي) والذي كان يتمتع بصفات واخلاق حميدة اضافة الى حسه الوطني والتقدمي وقابليته على التحليل وقدرته على الاقناع وكان مؤمنا بحتمية الانتصار على النازية والفاشية ، وكنا نتناقش كثيرا في الامور السياسية ومجريات الحرب العالمية الثانية وقضايانا الوطنية والتحررية ، وذات مرة وخلال تواجدنا في بغداد ( التي اعتدنا على زيارتها ايام الخميس من كل اسبوع بعد انتهاء الدوام في المعهد )عرفني على احد عمال الجلود واسمه (محمد صالح قدوري ) على اعتبار انه من جماعتنا وبعد هذا التعارف غادرنا الصديق محمد السماوي ، وبعد مغادرته حدد لي (محمد صالح قدوري )مواعيد ثابتة نلتقي فيها وهي يوم الجمعة وبمعدل مرتين في الشهر ونبهني واوصاني بعدم اللقاء مع محمد السماوي مرة اخرى، ثم قال لي : نحن نطرح سياستنا وافكارنا دون ان نقول نحن شيوعيون ، وكان هذا اول درس لي في سرية العمل والالتزام الحزبي ، وعلى اثر ذلك تغيرت علاقاتي بالاصدقاء وتغير سلوكي تماما. كانت هذه العلاقة في اوائل عام 1944 حيث رشحني عامل الجلود ( محمد صالح قدوري ) لعضوية الحزب ، وبهذه المناسبة اهداني التقرير السياسي الذي القاه الشهيد فهد في الكونفرنس الاول للحزب ، والميثاق الوطني الذي اقر كبرنامج للحزب. تينك الوثيقتان ثبت الحزب فيهما كيانه السياسي ونهجه الوطني والطبقي 0 ويضيف الرفيق ابو سليم قائلا: في عام 1946 تخرجت من معهد التربية وكنت اتردد على مكتب المحامي سالم عبيد النعمان، عضو الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني في باب الاغا قرب سوق الصفافير حيث اتخذت مقرا ( غير رسمي ) لنشاط الحزب مع عدد من طلاب معهد التربية البدنية وهناك توفرت لنا امكانية ان نستمع ولاول مرة الى محاضر مثقف ثقافية جيدة من الرفاق اليهود الذين القوا علينا محاضرات كانت اولاها بعنوان : القومية والمسالة الوطنية ، ولاول مرة تسنى لي ان افهم بشكل واضح القضية الكردية وكيف قسمت بلاد الكورد بعد الحرب العالمية الاولى وفق مصالح الاستعمار وتقسيم الاسواق ومناطق النفوذ بين الاحتكارات الراسمالية وكيف الحقت كردستان العراق بالدولة العراقية الفتية التي اقامها الاستعماريون على مشيئتهم، ثم تعرفت على الرفاق حسين محمد الشبيبي وزكي بسيم وقبلهما على الرفيق المحامي سالم عبيد النعمان وكان الرفيق الشهيد زكي يهتم بي من الناحية الحزبية فشرح لي علاقة الحزب الشيوعي بحزب التحرر الوطني ، اذ كان يؤكد بان كل عضو في الحزب الشيوعي هو عضو في حزب التحرر الوطني ، ولكن ليس كل عضو في حزب التحرر الوطني هو عضو في الحزب الشيوعي اذ ان حزب التحرر الوطني، هو حزب لأوسع الجماهير الشعبية من العمال والفلاحين والكادحين والمثقفين والبرجوازية الصغيرة عموما ومن جميع القوميات والاديان والطوائف ، بينما يشكل الحزب الشيوعي طليعة حركة هذه الطبقات والفئات الاجتماعية ، كما شرح لي اهمية العمل العلني وكيف ان السلطات الرجعية العميلة لا تسمح بالعمل الشرعي للحزب لانها تعرف دور الحزب في التصدي للاستعمار والدفاع عن الديمقراطية ، وعلى هذا الاساس قدم الحزب طلباً لاجازة حزب التحرر الوطني ليكون الوجه العلني للحزب.
ويستطرد الرفيق كريم احمد قائلا : فعلى ايدي هؤلاء الرفاق الابطال تتلمذت ايامها ، واخذت اول دروس النضال وكانوا ، وعونا نحن الجيل الفتي، ووضحوا لنا خطواتنا في درب التحرر، وانذاك تعلمت ان للنضال خطة عمل واولويات: اذ علينا الاستفادة القصوى من الحريات الديمقراطية للتعريف بافكار ومفاهيم وسياسة وبرنامج الحزب لاوسع الجماهير ، وثانيا تنظيم الجماهير وتحشيدها في المنظمات الديمقراطية والنقابية والمهنية والفلاحية الخ ، ثم يضيف قائلا: وكنت احضر جميع الاجتماعات الجماهيرية لعصبة مكافحة الصهيونية التي كان مقرها في صوب الكرخ ، وكنت معجبا بالمحاضرات والخطابات التي كان الرفيق الشهيد محمد حسين ابو العيس وهو خطيب جماهيري كبير وصوته الجهوري مازال يدوي في اذني حتى هذا اليوم فتكونت لي ذخيرة ثقافية وتنظيمية اولية تمكنني ان اوضح سياسة الحزب ومواقفه وبرنامجه للناس.
كيف كان لقاؤك الاول مع الرفيق الخالد فهد؟
-كان لقائي الاول مع الرفيق فهد عن طريق الرفيق زكي بسيم في احدى بيوتات ( تبة الكورد) وكان الرفيق فهد وقتها يرتدي بنطلونا وقميصا وبعد التحية والقبلات ، جلست وانا في حالة الاندهاش واسال نفسي من يكون هذا الرفيق ، فقد سالني عن دراستي وتخرجي ، وهل لي عائلة كبيرة مكلف باعالتهم ، ومن اي طبقة اجتماعية ، وكنت اجيبه باختصار دون التدخل في التفاصيل ثم تحول لشرح موجز للوضع السياسي ولكن بوضوح ، كنت اصغي اليه باعجاب كبير بحيث لم يترك لي مجالا للاسئلة وشرح لي الوضع في اربيل كأنه يعيش فيها والوضع في كردستان ايران.
بعد ذلك دخل في صلب الموضوع الذي من اجله دعيت الى هذا اللقاء فطلب مني الرجوع الى اربيل لأكون مسؤولا عن حزب التحرر الوطني فيها ، فاندهشت من هذا التكليف المفاجئ فقلت : رفيق انا لست بهذا المستوى الذي يكلفه الحزب به فما زلت في اول الطريق وثقافتي دون المستوى وتجربتي في العمل السياسي والحزبي قليلة ، واثناء طرحي هذا السؤال كان العرق يتصبب من كل انحاء جسمي بالرغم من انني تكلمت الحقيقة ولكن كيف يمكن ان يفسر موقفي من قبل الرفيق. وقد شعر الرفيق بحراجتي فاجاب بهدوء وقال : على الشيوعي ان لا يخاف من المسؤولية لانه في نضاله ومهما كان مركزه الحزبي يتحمل مسؤولية نتاج عمله وان الحزب ليس لديه مدارس ومعاهد لتخريج الكادر، بل مدرستنا الجماهير نتعلم منها ، اما الخبرة فتاتي في اثناء العمل بين صفوف الجماهير وتتراكم لديك ، ويجب على الشيوعي ان لا يخاف من الوقوع في الخطا ، ولكن عندما يشعر بالخطأ او يقال له انك اخطات يجب عليه الاسراع الى تصحيح الخطا دون تردد ، اما الثقافة فيمكن ان تحصل عليها في المطالعة اي ان تقوم بتثقيف نفسك ذاتيا وعليك ان تستعرض نشاطك اليومي عندما تضع راسك على الوسادة مساء في مختلف المجالات ، هكذا تتعلم من الحياة وهكذا تلقيت درسا اخر من قائد حزبنا الكبير فهد الخالد الذي لم اتعرف اليه لانني لم اره او صورته قبل ذلك ، وكان في طبيعة سرية عملنا ان لا نسال عن الاشخاص ، ثم سالني متى تسافر الى اربيل ؟ فقلت: متى اوعزتم لي بالسفر فانا جاهز ، ثم تواعدت مع الرفيق الشهيد زكي بسيم على اساس تزويدي برسالة الى الرفيق فؤاد ( ملا شريف) ثم خرج الرفيقان من الدار قبلي.
 متى بدات علاقتك وعملك الحزبي مع الرفيق سلام عادل ؟
-رأيت الرفيق سلام عادل قبل ان اتعرف عليه واعمل معه في صفوف الحزب ففي زيارتي لمدينة النجف عام 1941 بعد فشل حركة رشيد عالي الكيلاني وعودة الانكليز خرجت تظاهرات في النجف وفيها لفت نظري شاب طويل يحمل العلم العراقي وعندما استفسرت عنه اجابوني بان اسمه حسين الرضي ، وبعد التظاهرة التقيت به وتعرفت عليه وفي ذلك الوقت لم يكن مرتبطا بالحزب وانما كان وطنيا حقيقيا وصادقا ... وبعد فترة من ذلك ارتبط بالحزب واخذ يناضل في صفوفه ولنشاطه المتميز فقد طاردته السلطة الرجعية انذاك واعتقلته وحكم عليه بالسجن والابعاد وبعد انقضاء مدة محكوميته استطاع الهرب من الابعاد ليلتحق بصفوف الحزب مرة اخرى وبعد مناقشة اقتراحي بضم الرفيق سلام عادل الى اللجنة المركزية مع الرفاق في اللجنة بعثت رسالة الى الرفاق القياديين في المعتقل (حميد عثمان واخرين) والذين طلبوا اعادة النظر بذلك الا انني دعوته لحضور اجتماع اللجنة المركزية التي ناقشت من ضمن ما ناقشته تقرير اللجنة المركزية (جبهة الكفاح والنضال ضد الاستعمار والحرب ) وقد ساهم الرفيق سلام عادل مساهمة جدية في افكار وموضوعات وصياغة واغناء ذلك التقرير .
وعندما دعي الحزب لحضور مؤتمر الاحزاب الشيوعية لدول الكومنولث البريطاني في لندن وكان من المفروض ان امثل الحزب فيه باعتباري السكرتير وقتها ولكن لعدم امتلاكي لجواز سفر وصعوبة الحصول عليه وقتها فكرنا ان يمثل الحزب رفيق آخر وطرحت الموضوع على الرفيق سليم الجلبي ولكنه اعتذر ايضا للسبب نفسه وعندها اسرعت بالاتصال بالرفيق سلام عادل والذي كان يقود لجنة المنطقة الجنوبية وطلبت منه الحضور وفعلا فقد وصل في اليوم التالي وهو لايعرف سبب استدعائه وعند وصوله ذهبنا معا الى البيت الذي اسكنه وفي الليل ناقشنا الكثير من امور وقضايا الحزب وطرحت عليه ايضا فكرة السفر لتمثيل الحزب في المؤتمر فابدى استعداده الكامل لذلك ،لذا سافر في اليوم التالي لتهيئة امور السفر وفعلا سافر واخذ معه التقرير الذي حظي باعجاب وتقدير جميع الاحزاب التي حضرت المؤتمر .... وبعد عودة الرفيق من السفر اتصل بي، وفي حينها كنت قد سلمت قيادة اللجنة المركزية الى حميد عثمان بعد هروبه من السجن في 16/6 /1954، وتساءل الرفيق سلام عادل: وهل اللجنة المركزية قررت ذلك ؟ فاجبت : كلا لانني اعتبرت المسالة طبيعية لان الرفاق السجناء وهم كوادر قيادية قد اعتبروا حميد عثمان هو قائد الحزب بلا منازع ، فقال : انا اعترض على هذا الاجراء واعتبره عملا فرديا منك ، فاللجنة المركزية هي صاحبة الحق في ذلك ثم ان حميد ليس بالقائد بلا منازع اذ انه بيروقراطي فردي، يعيش على الصراعات بين الرفاق وغير جامع لوحدة الحزب وقيادته وحتى مستواه السياسي لم يبلغ مستوى قيادة الحزب. ويضيف الرفيق ابو سليم قائلا :- عندما عرضت على حميد عثمان بان الرفيق سلام عادل قد عاد الى العراق ، ابدى عدم اهتمامه فاقترحت عقد اجتماع للجنة المركزية للاستماع الى تقرير الرفيق سلام عادل ولبحث الوضع السياسي وما يجب عمله الا انه رفض ذلك بحجة ان الوضع الامني غير ملائم ولم تجتمع اللجنة المركزية الا في حزيران عام 1955 لمحاسبة حميد عثمان وطرده من اللجنة المركزية وبعدها اصبح عضوا في (البارتي ). وكان الرفيق سلام عادل يراسلني وانا اقضي محكوميتي لسنتين في سجن بعقوبة وشرح لي في احدى رسائله قرارات الكونفرنس الثاني للحزب في ايلول 1956- بعد انتخابه سكرتيرا للحزب- هذا الانجاز جرى في ظل وحدة الشيوعيين في الحزب الشيوعي العراقي والتوجهات الصائبة للحزب حول تحقيق تحالف سياسي وطني في جبهة الاتحاد الوطني والذي كانت ثمرته ثورة 14 تموز المجيدة وكنت بدوري انقل ما يردني منه الى رفاق السجن.
كتاب '' المسيرة '' جسد بعض مذكراتك حول الحزب.. كيف بدات فكرة كتابته؟
-منذ سنوات ، الح علي ّعدد كثير من الرفاق وغيرهم ان اكتب مذكراتي حول الحزب ، كنت اتهرب من الاستجابة لطلباتهم لاسباب تتعلق بالمسؤولية الكبيرة عن كل كلمة اقولها ، وعن نقل الوقائع بصورة صحيحة ، خاصة ان الوثائق الحزبية غير متوفرة بشكل كاف تحت تصرفي على الاقل، وذلك لاسباب موضوعية في اغلبها وليست ذاتية ، اي لابد لي ان اعتمد على الذاكرة بصورة شبه مطلقة مع ذلك استجبت اخيرا لطلب الرفاق لعلني افيدهم وافيد باقي المناضلين الوطنيين التقدميين بعض الشيء من خلال ذكر ما ساهمت به في التجربة التي مرت على الحركة الوطنية وحركة التحرر الكردستانية، ومهما يكن فقد اليت على نفسي ان اقوم بهذه المهمة الكبيرة اعتمادا على ما لدي من الامكانيات المتواضعة فارجو المعذرة ان لم اذكر كل شيء بتفصيلاته خاصة ما يتعلق بمواقف الرفاق الفكرية والسياسية في مواقفهم المختلفة وتسلكاتهم الذاتية ، لاني لا ارى اي فائدة نضالية تاريخية في ذكرها ، دع عنك ان هذا الاسلوب يعطي انطباعا ذاتيا للعمل ياتي بالضد من العمل الجماعي والمسؤولية الجماعية في نضال الحزب ، لذا تجنبت التوغل في هذا الطريق الوعر وغير المبدئي.
 هل يعد كتاب ( عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ) لكاتبه الرفيق عزيز سباهي مصدرا رسميا يعكس تاريخ الحزب ؟
-هو تكليف من قيادة الحزب للرفيق عزيز القيام بمحاولة جمع وثائق الحزب والمعلومات لكتابة مشروع تاريخ الحزب، وقد قام الرفيق بجهد كبير في الحصول على بعض الوثائق وجمع المعلومات من بعض الرفاق القياديين القدامى، الا انه استخدم كل تلك المعلومات والوثائق لكتابة ( عقود من تاريخ الحزب) باسمه الشخصي كباحث ضمنه تقييماته واستنتاجاته وآرائه حول سياسة الحزب ومواقفه في جميع مراحل نضاله وبذلك فقد الكتاب قيمته كمشروع مطروح للنقاش في الهيئة العليا الحزبية الشرعية والموافقة عليه كمصدر رسمي يعكس تاريخ الحزب ، واستدرك الرفيق ابو سليم قائلا : ورغم ما احتواه الكتاب من اراء واستنتاجات وتقييمات شخصية فانه يعد انجازا هاما بجمع المعلومات عن تاريخ الحزب ، وقد اصبح مصدرا يرجع اليه الباحثون، كذلك المذكرات التي كتبها بعض الرفاق عن الحزب يمكن ان تفيد في مجال جمع معلومات عن الحزب، وبحق ان تاريخ الحزب الشيوعي العراقي منذ تاسيسه هو اكبر واوسع واعمق مما تناولته جميع الكتب والمذكرات.
-تعرض الانصار الى خسائر جسيمة بالارواح والاسلحة والمعدات واسر العشرات منهم وقتل عديد منهم في الاسر في معركة بشت اشان عام 1983 وكان من بين من اسر ( كريم احمد واحمد باني خيلاني ) وفي الاسر ادلى الرفيق كريم احمد بتصريحات لم تلق الترحيب لدى انصار الحزب (ص213 الجزء الثالث من عقود تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ) كيف تعلق على هذا ؟
-دعني اتناول ذلك بنوع من التوضيح والتفصيل غير المسهب.
اولا اقول ان معركة بشت ئاشان لم تكن معركة الحزب وانما دفع الحزب دفعا لخوضها واجبرتنا الظروف على ان نكون احد اطرافها ... اما عن موقفي واصداري لنداء وقف القتال الفوري واطلاق سراح جميع الاسرى الموجودين لدى الاتحاد الوطني الكردستاني (اوك) فقد جرى في وقت تنفذ فيه جريمة بشعة بحق انصارنا ورفيقات ورفاق حزبنا وكان يجب ايقاف ذلك بشتى الوسائل والطرق الممكنة ،وطوال فترة بقائنا في الاسر عند قوات (اوك ) لم يضعف موقفنا وكنا نهاجمهم ونناقشهم بكل صراحة ووضوح منددين بما ارتكبوه من فضيع ووضيع الاعمال وطالبناهم بايقاف المجزرة القذرة وكان الحديث مباشرة مع نوشيروان مصطفى وكذلك مع مام جلال ،ونحن في مثل هذا الموقف وتسارعه بشكل كارثي وكذلك تأخر رد المكتب السياسي الينا فقد بادرت باطلاق ذلك النداء حرصا مني على ارواح ودماء رفاقنا ورفيقاتنا الانصار ولم يكن ذلك النداء الا نتيجة مفاوضات او نتيجة مساومات كما يحلو للبعض تسميته وعن اي شيء اساوم؟! على حياتي التي كانت ولا زالت منذورة لحزبي وقضيته العادلة ،انما كان نابعا من: 1- الحفاظ على ارواح رفيقاتنا ورفاقنا الانصار سواء في بشت ئاشان ام غيرها من المناطق . 2- المحافظة على سياسة الحزب في العلاقة مع الاحزاب الكردستانية جميعها وعدم التدهور في القتال اكثر .
وعندما اطلق سراحنا ورجوعنا الى قواعدنا عقدت لجنة الانصار اجتماعا لمناقشة ما جرى وما يخطط له الرفاق من الاستعداد لشن هجوم آخر بالتعاون مع البارتي (بشت ئاشان الثانية )مافي الاجتماع اولا دافعت عن موقفي بكل قوة وثانيا عارضت وبشدة (بشت ئاشان الثانية) وقلت باننا سنقدم ضحايا وشهداء اخرين وان هذا سوف يخدم سياسة الايرانيين لاحتلال حاج عمران وبعد المناقشات الحادة صدر قرار واعتبروني مخطئا باصداري نداء وقف القتال ويجب علي ان انتقد نفسي علنا امام الرفاق الانصار.. ورغم عدم قناعتي الكاملة بذلك الا انني نفذته كونه قرارا صادرا من الاغلبية ايمانا مني ان الالتزام والضبط الحزبي يجب ان يسود حياتنا الحزبية في جميع الظروف والمواقف .. وايضا اقول للتاريخ انني ورغم معارضتي القوية والشديدة لشن الهجوم الثاني الا انني لم اتحدث بذلك مع الرفاق الانصار كي لا تضعف معنوياتهم
كيف ترى عمل الحزب الشيوعي العراقي الان ؟
-اجاب الرفيق ابو سليم قائلا: الحزب نوع ، والجماهير كم ، فاني ارى ان عمل الحزب في الوسط الجماهيري هو في ارتقاء لكن ما نطمح له ان تتوسع صلاتنا بالجماهير ونتبنى مطالبها ، ويشهد البلد اليوم ظروفا في غاية الصعوبة والتعقيد الامر الذي يتطلب حضورنا المستمر بين الناس ، فسر قوة الحزب تتحدد بمدى صلاته بالجماهير ، والتعبير عن مصالحها بمختلف الوسائل وهناك اليوم حراك جماهيري ملحوظ لجميع فئات الشعب وبالذات للجماهير العمالية ، وهي تطالب باستحقاقاتها وتلبية حقوقها وتدافع عن القطاع العام وتتصدى لسياسة الدولة الاقتصادية الخاطئة التي لا تصب في مصلحة الشعب وتنمية اقتصاده ، بما يؤمن ازدهاره وتوفير فرص العمل وتحقيق العدالة الاجتماعية ، اليوم هو يوم الشيوعيين قبل غيرهم ولكي يستطيع ان ينهض الحزب بالمهام المذكورة لابد من تمتين تنظيماته على اساس نوعي وتوسيع قاعدته التنظيمية من الشباب والنساء والاستفادة من خبرات الرفاق الشيوعيين القدامى ، وتوسيع صلاته بالجماهير ، فالحزب النوعي هو القادر على كسب اوسع الجماهير الى برنامجه وشعاراته واليات عمله ، وبالتالي التصدي للتحديات الكبيرة الشاخصة امامه خصوصا بعد احداث 10 حزيران 2014واستباحة داعش واحتلالها لاكثر من 30%بالمئة اراضي الوطن وعاثت بالبلاد فسادا وخرابا، ان خروج البلد من هذه الازمة الكبيرة يتطلب النضال على مختلف الجبهات على المستوى الجماهيري وداخل البرلمان والتصدي لنهج المحاصصة الطائفية وارساء الاساس السليم لبناء دولة المواطنة وهذا يتطلب ايضا الارتقاء بعمل التيار الديمقراطي ليكون اداة فاعلة في الحراك الجماهيري من اجل تغيير موازين القوى.
العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم ، كيف تراها الان ؟
-ان الالتزام بما جاء في الدستور والعمل به وتطبيق وثيقة الاتفاق السياسي بسقفها الزمني المحدد واعتماد الحوار في حل الاشكاليات القائمة او التي ستبرز بالمستقبل، كفيل بتعزيز الثقة بين الحكومتين وسيفوت الفرصة على المتربصين بالعملية السياسية وسيخلق مستلزمات النجاح لقهر داعش وتحرير الاراضي المستباحة من قبلها.
 بعد ايام سنحتفل بالذكرى 81 لتاسيس حزبنا الشيوعي العراقي ، فهل من كلمة بهذه المناسبة ؟
-لابد من وقفة اجلال واكبار لشهداء حزبنا الميامين ، واحيي بهذه المناسبة جميع الرفاق الذين عاصرتهم وعملت معهم ، الاحياء منهم والراحلين ، واحيي الجيل الجديد من الشباب العاملين في صفوفه متمنيا لحزبنا وقادته كل الموفقية والنجاح في تحقيق اهدافه البرنامجية عبر توسيع قاعدته الجماهيرية وتلاحمه الميداني مع الجماهير وقيادتها نحو غدها المشرق من اجل عراق يسوده الامن والاستقرار والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
-وفي ختام الزيارة شكرنا الرفيق ابو سليم على حسن الضيافة والكرم اللذين غمرنا بهما ، وعلى ذاكرته الخصبة التي جادت علينا بما سطرناه من سطور وذكريات ، كما شكرنا الرفيقين ابو بختيار شعبي واحمد شاهين لتضييفهما لنا وتنظيم هذا اللقاء المهم مع الرفيق العزيز ابو سليم ، الذي نتمنى له الصحة الدائمة والعمر المديد.