غواتيمالا.. القضاء يعتقل رئيس الجمهورية لإتهامه بالفساد

رشيد غويلب
بعد اكتشاف ملفات فساد ضخمة واندلاع حركة احتجاجية واسعة، اصدرت النيابة العامة في غواتيمالا قرارا باعتقال رئيس الجمهورية أوتو بيريز. وفي محاولة منه لإستباق صدور قرار اعتقاله، اعلن الرئيس بيريز ليلة الخميس الفائت استقالته من منصبه، لمواجهة التهم الموجه اليه شخصيا، على حد زعمه. وستقرر المحكمة الإجراء الذي سيتخذ بحقه، والذي سيكون اما الحبس على ذمة التحقيق، وإما فرض الأقامة الجبرية.
وقالت النائبة العامة ان الرئيس فقد منصبه حتى قبل ان يقدم استقالته، وسيكلف نائبه اليخاندرو مالدونادو بادارة البلاد حتى انتهاء الدورة الرئاسية الحالية في منتصف كانون الثاني المقبل.
منذ نيسان الفائت هزت البلاد سلسلة من فضائح الفساد في أعلى المستويات، عرفت باسم شبكة"لا لينيا" وقد كشفت عنها النيابة العامة، ولجنة دولية مكلفة من قبل الأمم المتحدة،حيث افادت ان شبكة اجرامية يقودها وبعلم الرئيس ومعرفته، قامت بعمليات احتيال واختلاس في قطاعي الكمارك سكرتير في مكتب رئاسة الجمهورية، والصحة بلغت ملايين الدولارات. وعملت الشبكة لقاء الحصول على اموال ضخمة، على دعم الشركات الكبيرة وتمكينها من استيراد كميات هائلة من البضائع من دون المرور بدوائر الكمارك.
وكان البرلمان قد رفع بإجماع الحاضرين الحصانة عن الرئيس أوتو بيريز المتهم بالفساد، لكي يمهد لمحاكمته في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد. وقد تغيب 26 نائبا عن الجلسة لعدم رغبتهم في التصويت ضد الرئيس. ورفضت المحكمة الدستورية طعنا بقرار البرلمان قدم لها في اليوم التالي.
ومنذ منتصف نيسان، تشهد مدن البلاد الرئيسة تظاهرات اسبوعية كبيرة تطالب باستقالة الرئيس.وتتركز الإحتجاجات أساسا ضد الفساد وضد إفلات النخب السياسية والإقتصادية من العقاب. ويطالب المحتجون بانتخاب مجلس انتقالي واصلاح قانوني الأحزاب والإنتخابات، وعقد جمعية تأسيسية لإرساء أسس تحول حقيقي للنظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في غواتيمالا.
وشارك في التظاهرات العمال والفلاحون والطلبة والأكاديميون وناشطون من مختلف التيارات السياسية والحركات الاجتماعية، ما اكسب الإحتجاجات زخما وطنيا شاملا. وشهدت ساحة الدستور وسط العاصمة اكبر تجمع احتجاجي رفعت فيه شعارات مثل: "ليس لدينا رئيس"، و"لا نريد انتخابات في ظل هذه الظروف"، وكان الكثير من الشعارات التي تطالب بمحاسبة المفسدين عفويا.
وسيتوجه الناخبون في غواتيمالا هذا اليوم الأحد لانتخاب رئيس جديد للبلاد، واعضاء مجلس الشيوخ والبرلمان الوطني، ورؤساء الحكومات المحلية. وتشير استطلاعات الرأي الى انه لن يحصل اي من المتنافسين على منصب الرئيس في هذه الجولة على اكثر من 50 في المائة، ما سيفرض التوجه الى جولة انتخابات ثانية تنظم في الخامس والعشرين من تشرين الأول المقبل. ولا يتوقع ان تسفر الأنتخابات في ظل توازن القوى السائد عن تغيير جدي في الحياة السياسية، فمازال مرشحو اليمين المحافظ الذين يصرفون مبالغ خيالية على الحملة الإنتخابية هم الأوفر حظا. ع?ى الرغم من تقليلهم من اهمية التجمع والإحتجاج فهم يقولون: "دعوهم يناقشون"، ودعوهم يحتلون الساحات"، و" لن نهزم وسنكون اقوياء". وعلى الرغم من ذلك فان الكشف عن شبكات الفساد، ومثول رموز سياسية كبيرة امام القضاء، في اطار توازن القوى السائد والدستور النافذ، يمثل خطوة مهمة الى أمام على طريق تحقيق التغيير الحقيقي.