- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الخميس, 18 شباط/فبراير 2016 17:38
رشيد غويلب
لا يزال ملف تشكيل الحكومة الأسبانية الجديدة مفتوحا على جميع الاحتمالات. وحزب "نحن قادرون" اليساري يعمل بثقة في سبيل تشكيل حكومة "يسارية تقدمية" بعد النجاح الذي حققه في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها اسبانيا في كانون الأول الفائت، والذي منح الحزب فرصة لعب دور مقرر في الصراع على طبيعة وبرنامج الحكومة المحتملة.
ويصعد الحزب اليساري الضغط على بيدرو سانشيز زعيم الحزب الاشتراكي (وسط)، المكلف بتشكيل الحكومة، مستفيدا من عامل الوقت الذي بات محرجا بالنسبة للأخير، بعد أن حدد رئيس البرلمان الأسباني باتشي لوبيز، الثاني من آذار المقبل موعد أخيرا للتصويت على الحكومة.
وليس باستطاعة زعيم الاشتراكيين تشكيل الحكومة من دون دعم قوى اليسار: حزب"نحن قادرون"، واليسار المتحد على الصعيد الوطني، واحزاب وتحالفات اليسار في ولاية كاتالونيا، والباسك، والتي حققت في الانتخابات مواقع متقدمة. ويرفض حزب الشعب اليميني الامتناع عن التصويت، اذا ما تحالف احزاب الأشتراكي مع حزب "المواطن" الليبرالي اليميني. ومن المعروف ان حزب الشعب اليميني المحافظ الذي احتفظ بصدارة اللوحة السياسية في البلاد، ولكنه خسر الأكثرية التي كان يتمتع بها في البرلمان السابق، بعد أن خسر 16 في المائة، ولم يحافظ على سوى 29 في المائة، وبعد ان رفضت جميع القوى الممثلة في البرلمان الدخول معه في تحالف حكومي اضطر زعيمه راخوي إلى اعلان فشله في تشكيل الحكومة.
وبإمكان الحزب الاشتراكي تشكيل تحالف حكومي مع قوى اليسار الأسباني، ولكن عليه إنهاء مباحثاته مع حزب "المواطن"،فزعيم حزب "نحن قادرون" اليساري، شدد على عدم إمكانية الدخول في تحالف حاكم مع "عكازة المحافظين"، في اشارة منه لحزب "المواطن" اليميني، وعلى هذا لأساس يرفض "نحن قادرون" الدخول في الاشتراك في مباحثات تشكيل الحكومة الجديدة.
أما سيناريو تشكيل حكومة أقلية من الحزب الاشتراكي وحزب "نحن قادرون" فيتطلب امتناع ، الأحزاب التي تطالب باستقلال كاتالونيا والباسك، عن التصويت، في جولة التصويت الثانية على الحكومة المفترضة في الخامس من آذار.
وعلى أساس ما تقدم قدم بابلو اغليسياس زعيم حزب "نحن قادرون" برنامجا من 98 صفحة اكد ، ضمن أمور أخرى، على إن إجراء استفتاء على استقلال الولايتين المذكورتين، على غرار ما حدث في اسكتلندا، "أمر لا غنى عنه"، على ان يكون ملزما للجميع، وأن يتبعه إصلاح دستوري جوهري يضمن حق تقرير المصير للشعوب المنضوية تحت راية الدولة الاسبانية. ومن المعروف ان حزب الشعب اليميني المحافظ يرفض أجراء تعديل دستوري يسير في هذا الاتجاه.
ويمثل برنامج ،"نحن قادرون"، عقبة أساسية بالنسبة للزعيم الاشتراكي، الذي تعارض شخصيات قيادية في حزبه فكرة إجراء استفتاء يشأن استقلال الولايتين. وفي هذا السياق جاء رد المتحدث باسم الحزب الاشتراكي أنطونيو هيرناندو، الذي عبر عن دهشته وقلقه وخيبة امله من المقترح، وان حزب "نحن قادرون" يريد في الواقع تحالفا حكومي "يسيطر بموجبه على الحزب الاشتراكي". ويعتبر الحزب الاشتراكي ان مطالبة قوى اليسار بنصف مقاعد الحكومة المرتقبة يمثل "إذلالا" للحزب الاشتراكي.
والعقبة الرئيسة في برنامج اليسار المطروح تتمثل في المطالبة بإنهاء سياسة التقشف، التي بدأها الحزب الاشتراكي قبل أن يخسر انتخابات عام 2011 وكذلك زيادة الإنفاق بنسبة 96 مليار يورو ، اي المطالبة بإعادة التفاوض مع المفوضية الأوربية، وهو ما يعني عمليا تصعيد المواجهة مع الاتحاد الأوربي.
وهذه المطالب (العقبات) طرحتها قوى اليسار قبل استطلاعات الرأي الأخيرة، التي عكست تراجعا واضحا لقوى اليمين والوسط على حد سواء. وبدلا من أن يتقد م الاشتراكي على حزب "نحن قادرون" قليلا ، تراجع الحزب في استطلاعات الرأي إلى المرتبة الثالثة. وحسب المتحدث باسم الحزب الاشتراكي فان "ليس لدى الحزب مخاوف من الذهاب إلى انتخابات مبكرة"، ولكن الحزب يفضل الدخول "اليوم قبل الغد" في حوار مع "نحن قادرون"، لترتيب جلسة مباحثات تشكيل الحكومة. ويرى متابعون إن أمام زعيم الحزب الاشتراكي فرصة أخيرة، إذا أراد الاتفاق مع قوى اليسار، تتمثل في إجراء استفتاء داخل حزبه حول التحالف الحكومي، في حال التوصل إليه.