دور الولايات المتحدة الامريكية والأمم المتحدة في أزمة الكونغو من 1960-1963 تأليف مشتاق عيدان اعبيد / مخير العلوان

تضمن الكتاب موضوع عرضنا في البداية مقدمة وتحليل المصادر تناول فيه زمان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الطبيعيين دول اوربا الغربية، ومن جهة اخرى الاتحاد السوفيتي السابق وحلفاؤه دول اوربا الشرقية الشيوعية ذلك الوقت قبل انهيار جدار برلين عام 1990 وتفكك دول المنظومة الاشتراكية فكانت السياسة كما ذكر الباحث تدور في هذا الفلك بين قطبين متعادلين من ناحية الدرع النووي العسكري وقد كان سباق التسلح الاستراتيجي على اشده ثم بدأت مرحلة حرب النجوم. وفي خضم هذا الصراع انبثقت منظمة دول عدم الانحياز من الدول النامية (العالم الثالث) كما كانوا يدعونه. والتي كانت الولايات المتحدة الامريكية تخشى مواقفها القريبة من السوفيت. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية برزت ظاهرة الحرب الباردة وعلى ضوئها تقاسم الحلفاء المنتصرون في الحرب الدول النامية حديثة الاستقلال ذات الموارد المالية الهائلة خصوصا البترول والفحم والغابات الطبيعية والمعادن الاخرى كالذهب والنحاس والفضة وكانت قارة افريقيا تدعى القارة البكر وكانت دولة الكونغو من حصة المستعمرين البلجيكيين من الذين استحوذوا على الموارد الكبيرة لهذا البلد الافريقي المتخلف اجتماعياً وعمرانياً ولكن القطب الامريكي الاقوى حاول بكل طريقة ازاحة البلجيكيين وغيرهم من طريقة بعد ان تحول الاقتصاد فيها إلى إدارة كولنيالية. وقد بين الباحث دور الامم المتحدة من احداث دولة الكونغو ومدى تأثيرها وانحيازها إلى الامريكان وبين الباحث أنه اختار يوم 30/6/1960 بداية لبحثه لبوادر الازمة التي ظهرت على اثر خطاب باتريس لومومبا في حفل الاستقلال الذي مثل بداية النهاية له من وجهة نظر الغرب. كما اختار يوم 21/12/1963 نهاية للبحث في مثل هذا اليوم دخلت قوات الأمم المتحدة إلى مدينة كولويزي آخر معاقل الإنفصاليين في كاتنغا. ويعتبر الباحث إن هذا السبب هو الذي أطال الأزمة. و في الوقت نفسه وضع حداً للاقتتال بين الفصائل الكونغولية المتحاربة. وبين الباحث في التمهيد (أسباب ودواعي إهتمام الولايات المتحدة الامريكية والأمم المتحدة حتى 30/6/1960 وقد استطاع الباحث من خلال توسعه في مصادر البحث أن يسجل الحدث التاريخي الآتي بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن لها دور في عملية التقسيم الاولى لمناطق النفوذ والسيطرة داخل القارة الافريقية على عكس الدول الرأسمالية الاوربية الغربية التي تقاسمت النفوذ الاستعماري على دول افريقيا وآسيا بالسواء. وفي الصفحة (32) من الكتاب بيّن الباحث دور الاتحاد السوفيتي المساند لحركة التحرر الوطني. ووضع حد للنهب الاستعماري واحتكاراته العالمية التي بنت تطورها ونهضتها على حساب جوع وقهر الشعوب المستعمره وكان الاستقلال الشكلي الذي تؤيده منظمة الامم المتحدة للشعوب الافريقية وغيرها يتم وفق السياسة الأمريكية والغربية حيث يتم بمعاهدات جائرة تصادر حق الشعوب بالعيش الكريم وعلى جهة اخرى يتم التآمر على الحركات التحررية وقادتها من الثوار المطالبين بالخبز والكرامة والحرية وتحت شعار محاربة السوفيت والشيوعية. وكما بين الباحث في (المبحث الاول – بدء الأزمة وموقف الولايات المتحدة الامريكية والأمم المتحدة منها من 30 حزيران إلى 13 تموز 1960 – حيث بدأت مراسيم احتفالات الاستقلال لدولة الكونغو في مبنى البرلمان وتمت بحضور (بودان) ملك بلجيكا وألقى خطبة مجّد فيها التضحيات البلجيكية من اجل قيام دولة الكونغو. كما حذر الحكومة الجديدة من التدخلات الخارجية. وخلال الاحتفال اعلن رئيس الوزراء باتريس لومومبا القضاء على كل مخلفات الاستعمار البلجيكي وندد بالنظام الاستعماري مؤكداً على اهمية دور بلاده في مستقبل القارة الافريقية وذكر الباحث ان هذا الخطاب اعتبر اهانة لملك وحكومة بلجيكا واعتبر ايضا بأنه نذير شؤم يعكس طمع لومومبا في السلطة. وجاء في المبحث الثاني ((دور الولايات المتحدة الامريكية في تدويل ازمة الكونغو من 13 تموز إلى 14 آب من نفس العام ومنذ ذلك التاريخ يبدو جلياً لدينا دور امريكا في التاثير المباشر وغير المباشر على عمل منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي وبحجة الحفاظ على الامن والسلم في الدول بحيث تضمن مصالحها وحلفاءها وشركاتهم العابرة للقارات والهيمنة على ثروات الامم والشعوب. وهنا نرى الباحث الاستاذ (مشتاق عيدان) يطرح رؤيته الموضوعية ومن خلال مصادر رصينة في أنه لا يمكن اصدار قرار من تلك المنظمات الدولية يدين الاستعمار البلجيكي ودوره الذي يعمل على زعزعة الامن والاستقرار لدولة الكونغو وباعتبارها عضو في حلف الناتو. وهناك نقطة اخرى تسجل للباحث هو انه اظهر الغاية من تقديم الدعم الممكن واللوجستي لضمان عدم تدخل دول معاهدة (باندونغ) والخطر الشيوعي المزعوم علماً ان رئيس وزراء الكونغو باتريس لومومبا لم يكن شيوعياً في حياته، و هو شخصية وطنية ذو ميول قومية تحررية يرى من حقه المشروع ان يتلقى الدعم والاسناذ من أية جهة تؤيد نهجه الوطني. واضيف أن هذا الشخص قريب من نهج الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم الذي تمت محاربته وتصفيته عام 1963 بنفس الاساليب وهي قربه من الدول الاشتراكية ومساندته "المد الاحمر" في العراق. والذي يؤكد صحة ما طرحنا ومن خلال مواضيع البحث فإن يأس لومومبا من المساعدات الأمريكية دفعه إلى الطلب من كندا تقديم العون. ولقد استغلت امريكا ابشع الاساليب في اضطهاد الشعوب زمان الحرب الباردة وكانت تخطط وتنفذ ابشع الاساليب للتآمر في محاولة منها لإبعاد السوفيت والانظمة الاشتراكية الاخرى خصوصا للدول ذات الموارد الهائلة من النفط والخامات الاخرى لتحل الهيمنة الكولنيالية في كافة ارجاء المعمورة ويرى الباحث في هذا الفصل كيف كانت قوات الامم المتحدة الممولة من امريكا وحلفائها تعمل بين مد وجزر في حماية الامن والاستقرار في دولة الكونغو المستقلة حديثاً وهي لا تمتلك مؤسسات حديثة وثقافة انتخابية حرة تستطيع من خلالها بناء دولة مدنية ديمقراطية حرة تماماً كما حدث اليوم من ثورات دول الربيع العربي الذي تحول إلى حمامات دم بفعل عدم وجود وعي مؤسساتي مدني قادر على النهوض والبناء فكانت الانتكاسبة في ذلك الزمان وهذا الزمان على منوال واحد هو المطامع الامبريالية الرأسمالية التي تعتاش على بؤر التوتر والحروب مما يسهل عوامل الهدم وشيوع المافيات الارهابية لترويج تجارة السلاح والمخدرات والعصابات الاجرامية وكل هذه العوامل وغيرها تساعد على القضاء على أزمات الدول الرأسمالية العصية على الحل فكانوا وليومنا هذا وفق النظرية الهدامة (الفوضى الخلاقة) وتصدير الديمقراطية لسياسيين يجهلونها اصلا. وجاء في المبحث الثالث ((خلاف لومومبا مع الامم المتحدة وموقف الولايات المتحدة الامريكية منه في 14 آب 1960)) وهنا علم (باتريس لومومبا) علم اليقين برسائله إلى الأمين العام للأمم المتحدة الواردة في البحث بأنه فقد الثقة فيها وخصوصاً امينها العام الخادم الأمين للقوى الامبريالية خصوصاً في قضية انفصال اقليم كاتنغا المتمرد وهنا جن جنون الولايات المتحدة الأمريكية من توجه حكومة (لومومبا) إلى الإتحاد السوفيتي وأوضح البحث إنه بتاريخ 2 أيلول 1960 أوصت هيئة الأركان المشتركة للولايات المتحدة بمجموعة من الاجراءات التي تتخذ لمواجهة الأزمة وهي نقطتان الاولى منع وصول المساعدات العسكرية السوفيتية مع اتخاذ جميع الوسائل الممكنة لتشويه سمعة لومومبا كقائد سياسي كنغولي. وفي الفصل الثاني وهو محور الاحداث التي بلغت ذروتها في التآمر على إبعاد القائد لومومبا وابعاده عن السلطة. والتهديد لاحقاً بقتله حتى تستتب لها الأمور بشكل نهائي مع وضع حد لإنفصال اقليم كاتنغا الذي هو عصب الاضطرابات الداخلية وكانت البداية في 5 أيلول 1960 قرر كازافو بو إعفاء لومومبا من منصبه والقى خطبة بهذا الشأن وأرسل اشعاراً إلى ممثلي الأمم المتحدة والذين اصروا على أنهم لا يستطيعون التدخل وعدوا ذلك شأناً داخلياً وكان الاعلام الامريكي قد وصف لومومبا بأنه (سيء) و (ساحر) و (شرير) و (أداة شيوعية) وقد باشر كما ذكر الباحث ان (دلفين) مسؤول وكالة المخابرات الأمريكية قد بدء عمله على ابعاد لومومبا وحلفائه من السلطة وقد وجدت امريكا ضالتها في شخصية (موبوتو). واكد الباحث بالتأكيد على وصول الاسلحة والاموال، وقد تم تجريد بعض الوحدات العسكرية الموالية للومومبا من اسلحتها في خطوة تعد سابقة خطرة في التدخل الامبريالي الامريكي لتصفية الشخصيات الوطنية ذات الميول التحررية، وجاء في المبحث الثالث دور الولايات المتحدة الامريكية والأمم المتحدة في اغتيال لومومبا في 27 تشرين الثاني 1960 / كانون الثاني 1961 حيث تم التأكيد في هذا المبحث الذي جاء فيه خرج لومومبا في ليل 27 تشرين الثاني وفي اجواء ممطرة ومن بين حصار الجنود الذي كان يحيط بمقر اقامته وكان متخفياً وحملته سيارات اخرى إلى مدينة ستانلي على بعد (2000) كيلو متر من مقر اقامته الجبري وقد وصلت معلومات إلى السفارة الامريكية وتابعت الطرق المحتملة لهروبه، وبعد فترة وبالتحديد في مساء 1 كانون الأول 1960 تم اعتقال باتريس لومومبا قبل وصوله إلى مدينة ستانلي من قبل قوات موبوتو رجل امريكا وفي اليوم التالي هبطت طائرة في مطار ليوبو دفيل وعلى متنها لومومبا وبعد ذلك حمل على شاحنه واقتادوه إلى مخيم (بينيزا) تم نقله إلى معسكر (هاردي) وكان اعتقاله كما ذكر الباحث موضع ارتياح الامم المتحدة وعندما وقع لومومبا في قبضة عدوه موبوتو اوقفت وكالة المخابرات المركزية الامريكية عملها وقررت تركه تحت رحمة اعدائه وفي 17 كانون الثاني 1961 تم نقل لومبا إلى كاتنغا برفقة بعض وزراء حكومته المعتقلين معه نقلوا بسيارة مسافة (50) كيلو متر وكان قائد السيارة ضابطاً بلجيكياً وقد اقتادهم إلى كتيبة الاعدام واعدم الثلاثة رمياً بالرصاص وتم التخلص من الجثث من خلال رميهم في حوض مليء بحامض الكبريتيك المركز ولم يعلن عن وفاتهم. لذلك تأمل الرأي العام أنهم سجناء، بعد ذلك واصلت الحكومة بإسناد امريكي غربي مواصلة تقدمهم إلى أقليم كاتنغا الانفصالي وانهت التمرد هناك وبذلك اصبحت الكونغو دولة موحدة من جديد بعيدة عن الخطر الشيوعي والسوفيتي هذه الحجة التي تم من خلالها اعدام وتصفية الآلاف من الوطنيين والاحرار لكي تصفى الاجواء للنفوذ الرأسمالي الغربي والامريكي لنهب ثروات الشعوب.
بيبلوغرافيا المؤلف: مشتاق عيدان اعبيد ، مواليد 1979، البصرة/قضاء المدينة .
صدر للمؤلف (مظفر النواب والتجديد في الشعر الشعبي) ، (المدينة في العهد العثماني 1817) ، (دراسة في الاحوال السياسية والاجتماعية) ونشر له العديد في الصحف والمجلات العراقية والعربية.