البرازيل.. البرلمان يعطي الضوء الأخضر لعزل روسيف

رشيد غويلب
اقر مجلس النواب البرازيلي أمس الاول الاحد وبعد مناقشات حادة استمرت يومين، اجراءات اقالة الرئيسة اليسارية ديلما روسيف، وجرى التصويت في اجواء من التوتر الشديد. واقر اجراء الاقالة بموافقة 367 نائبا، اي بزيادة 25 نائبا على الثلثين (342 نائبا) المطلوبة للسماح لمجلس الشيوخ بعزلها. وصوت ضد الاقالة 137 نائبا معظمهم ينتمون الى اليسار. وامتنع سبعة نواب فقط عن التصويت بينما تغيب ثلاثة آخرون.
والتهمة الموجهة لروسيف تتخلص في القيام بمناقلات في ابواب الموازنة، من دون علم البرلمان، لغرض سد بعض الثغرات وتقليص العجز. وكانت الحكومات السابقة قد لجأت إلى نفس الأسلوب من دون ان تتعرض لمساءلة قانونية. وليس بخاف ان عمل المعارضة اليمينية على عزل روسيف والسعي إلى إحالتها الى القضاء يأتي في اطار هجوم واسع يشنه اليمين في امريكا اللاتينية بدعم واسع من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لإسقاط حكومات اليسار في بلدان القارة.
ووصفت الرئيسة روسيف ما يجري في خطاب مصور لها بانه "انقلاب ومغامرة". ونجحت المعارضة في الحصول على قرار قضاني يمنع بث الخطاب في وسائل الاعلام الحكومية، ولذلك نشر خطاب روسيف في وسائل الاعلام الاجتماعية فقط. وقالت روسيف أيضا، "أنا لم ارتكب أية جريمة.وليس هناك ضدي ما يدل على فساد أو اختلاس في الأموال العامة. واسمي غير مدرج في أي قائمة للرشوة، وما يجري يمثل أكبر عملية احتيال قانوني وسياسي في تاريخ بلدنا."
وحاولت الحكومة منع التصويت بواسطة اللجوء الى المحكمة العليا، ولكن الأخيرة اصدرت، صباح الجمعة الفائت، قرارا لصالح المضي قدما في عملية التصويت.
واقر زعيم كتلة حزب العمال (يساري) في مجلس النواب البرازيلي جوزيه غيمارايس مساء الاحد بهزيمة الرئيسة ديلما روسيف، وقال غيمارايس للصحافيين ان "الانقلابيين انتصروا هنا في المجلس" ولكن هذه "الهزيمة المؤقتة لا تعني خسارة الحرب، وان النضال سيتمر في الشارع وفي مجلس الشيوخ".
ويكفي ان يصوت اعضاء مجلس الشيوخ بالاكثرية البسيطة في ايار المقبل لمصلحة اقالتها من اجل توجيه التهمة اليها رسميا وابعادها عن الحكم لفترة اقصاها ستة اشهر في انتظار صدور الحكم النهائي بحقها.
من جهة أخرى، قال جاك واجنر مدير العاملين في مؤسسة الرئاسة البرازيلية إن الحكومة واثقة من رفض مجلس الشيوخ اقتراح مساءلة الرئيسة ديلما روسيف الذي وافق عليه مجلس النواب مساء الأحد. وأضاف أن تصويت مجلس النواب بتأييد مساءلة روسيف يمثل نكسة للديمقراطية في البرازيل وأن معارضيها الذين لم يقبلوا قط إعادة انتخابها في 2014 هم الذين نسقوا هذا الإجراء.
وعندها سيتولى نائب الرئيسة ميشال تامر الذي كان حليفها في الحكومة، وغادر التحالف الحاكم غداة التصويت. واصبح خصمها ، سيتولى السلطة ويفترض ان يشكل حكومة انتقالية. وشهدت جلسة مجلس النواب مشادات وتبادل شتائم منذ افتتاحها وسط هتافات معادية من نواب اليسار، ضد رئيس المجلس ادواردو كونا العدو اللدود لروسيف والمتهم الى جانب عدد كبير من نواب اليمين وشخصيات سياسية أخرى في اطار فضيحة شركة النفط العملاقة بتروبراس. وحلت الفوضى في بعض الاحيان إذ كان النواب فيها يتعاركون بالايدي، ثم عاد الهدوء. وبعد تدخل رئيس البرلمان وقادة الكتل البرلمانية منح كل نائب عشر ثوان ليصوت.
وتشهد البرازيل انقساما حادا حول هذه الازمة التي تشل هذا البلد العملاق في امريكا اللاتينية بالتزامن مع فضيحة فساد هائلة وانكماش اقتصادي غير مسبوق. وطافت يومي الأحد والاثنين شوارع اكثر من 70 مدينة تظاهرات حاشدة، شارك فيها عشرات الالاف، تأييدا لرئيسة الجمهورية، واخرى معارضة لها.