كولومبيا .. مفاوضات السلام تدخل مرحلتها النهائية

رشيد غويلب
اتفقت الحكومة الكولومبية في الخامس من آب الحالي مع وفد الحركة المسلحة الثورية (فارك) في العاصمة الكوبية هافانا على خطة زمنية مفصلة لتنفيذ وقف اطلاق النار بين الطرفين. وبموجب الإتفاق تبدأ (فارك) بتسليم سلاحها على مراحل، بعد مرور 90 يوما على توقيع اتفاق نهائي للسلام.
وكانت الحركة المسلحة الثورية قد خاضت كفاحا مسلحا استمر أكثر من 50 عاما في سبيل العدالة الإجتماعية والإشتراكية. وقد انبثقت فارك ومنظمة جيش التحرير الوطني اصلاً من لجان دفاع شعبية اسسها الحزب الشيوعي الكولومبي ومنظمات الفلاحين عام 1964 . ومنذ تأسيسها انخرطت في النضال ضد حكومات اليمين المتعاقبة، والاقطاع المتحالف معها. وخاض الثوار اليساريون، طيلة هذه العقود، معارك شرسة ضد الجيش الحكومي، والمليشيات اليمنية المتطرفة. وتمتلك المنظمة اليسارية 8 آلاف مسلح. وتشير المعطيات الرسمية الى ان الصراع المسلح، كلف الكولومبيين 220 الف ضحية تقريبا، وأكثر من خمسة ملايين مهجر ولاجئ. وكان الرئيس الكولومبي مانويل سانتوس وقائد الحركة المسلحة رودريجو لوندونو قد وقعا في 23 حزيران الفائت في هافانا اتفاقاً دائماً لوقف اطلاق النار. والآن تحققت خطوة ملموسة مهمة نحو تنفيذ اتفاق سلام نهائي، بعد ان اعلن رئيسا الوفدين المتفاوضين في العاصمة الكوبية الإتفاق على آليات لمراقبة وقف اطلاق النار، وخطة لتسليم الاسلحة.
وأشاد المتحدث باسم القوات المسلحة الثورية الكولومبية ايفان ماركيز بالاتفاق قائلا: « هذا الإجماع يشير الى أننا نسير على الطريق الصحيح، وأن التوصل إلى اتفاق سلام نهائي اصبح قريبا».
ويتضمن الإتفاق خطة لتنفيذ وقف اطلاق النار في ثلاثة وعشرين منطقة كولومبية، وجدولاً زمنياً لقيام الحركة المسلحة بالقاء سلاحها. وبموجب الجدول ستقوم فارك بعد 90 يوماً من التوصل الى اتفاق سلام نهائي بتسليم 30 في المائة من اسلحتها. وبعد 120 يوما تقوم بتسليم 30 في المائة اخرى من السلاح. وبعد 180 يوم اخرى ستسلم الحركة الـ 40 في المائة المتبقية من السلاح، وعلى ان يتم تسليم السلاح كله الى لجنة خاصة تابعة الى الامم المتحدة.
وتم الإتفاق على آليات لمرحلة انتقال الحركة المسلحة الى الحياة المدنية، واشكال مشاركتها في السلطة. وسيقوم ممثلو الحكومة وفارك والامم المتحدة والصليب الاحمر الدولي بزيارة المناطق، وتحديد الأماكن التي تتجمع فيها قوات الحركة ، والتي ستكون تحت سيطرتها لغرض اعادة التنظيم والإنتقال للعمل السلمي.
وستقوم مجموعة عمل تضم 80 عضواً من الحركة المسلحة بتنفيذ اتفاقية السلام على الصعيد الوطني، فيما تتكفل مجموعة اخرى من 10 اعضاء بتنفيذ الإتفاقية على صعيد البلديات. وبعد مرور 8 ايام على توقيع اتفاقية السلام تبدأ الحركة بتقديم معلومات بشأن قوام مقاتليها.
وبمجرد جهوز الاتفاقية للتوقيع سينظم في البلاد استفتاء عام للتصويت عليها. ويناقش الطرفان امكانية تحديد يوم 25 ايلول المقبل موعداً لاجراء الإستفتاء.
هذا وتصدرت الصفحة الأولى للجريدة المركزية للحزب الشيوعي الكولومبي (الصوت) والتي تصدر اسبوعيا، كلمة (نعم) الى جانب العنوان الرئيسي، وقدمت الجريدة عرضا مفصلا للحجج الداعمة لاتفاقية السلام. وحسب المعلومات التي قدمها رئيس تحريرها لوفد نقابي الماني زائر، فان توزيع الجريدة الان يبلغ 30 الف نسخة، وتعتبر المطبوع اليساري الأكثر تأثيرا في البلاد. ولا تلاقي الجريدة صعوبات في التوزيع في العاصمة، ولكنها لا توزع في العديد من المناطق الخاضعة للادارات المتعاونة مع المليشيات اليمينية ومافيات المخدرات. ويسعى اليمين المتطرف والميليشيات المرتبطة به، ومعهم رئيس الجمهورية السابق اوربي، إلى افشال عملية السلام بكل السبل، ويصرون على السعي الى الحسم العسكري.