28 حكماً في الارجنتين بحق اعوان الدكتاتورية البائدة

رشيد غويلب
بعد القضاء التشيلي يكتب القضاء الأرجنتيني فصلا جديدا في ادانة جرائم الدكتاتورية البائدة و اسلافها من الأنظمة اليمينية.
فإلى وقت قريب كانت الأحكام تصدر بإدانة منتسبين في الجيش والشرطة لقيامهم بجرائم ضد حقوق الإنسان في سنوات الدكتاتورية 1976– 1983 والآن يصدر القضاء لأول مرة احكاما بحق مدانين بجرائم ضد حقوق الإنسان في عهد الحكومة التي سبقت سلطة الانقلاب.
وبهذا الصدد اكد النائب العام الارجنتيني فاكوندو تروتا اهمية الأحكام الصادرة واثرها المستقبلي قائلاً: "لأول مرة يعترف القضاء بوجود ارهاب الدولة في السنوات التي سبقت الدكتاتورية".
وكان 10 آلاف مواطن قد تجمعوا امام مبنى المحكمة الاتحادية في مدينة قرطبة الارجنتينية في انتظار الأحكام التي تصدرها بشأن المتهمين بملف هذه القضية. واحتفلت الجموع بالقرارات الصادرة، فقد حكمت المحكمة بالسجن مدى الحياة على 28 متهما من اصل 43 كانوا يعملون في الجيش والشرطة. وحكم على 10 آخرين بالسجن مدداً تتراوح بين 2 و 14 عاما، و اخلى القضاء سبيل المتهمين المتبقين.
وتعلقت المحاكمات بجرائم التعذيب السري والاحتجاز في معسكرات اعتقال "لا بيرلا، كامبو لا ريبيرا" و D2 في سنوات 1975 - 1979. ويبعد معسكر الاعتقال لا بيرلا، حوالي 15 كيلومترا من مدينة قرطبة. ووفق تقديرات منظمات حقوق الإنسان فقد تم اعتقال قرابة 2300 معارض في حينه، نجا منهم من الموت 17 شخصا فقط.
وسيتم الإعلان عن الاحكام في 14 تشرين الاول.
ويضيف تروتا: "الآن يمكن ان تصدر احكام بشأن جرائم انتهاك حقوق الإنسان التي ارتكبت قبل الانقلاب. وفي الوقت نفسه يتم تبيان مسؤولية حكومة رئيس الجمهورية الاسبق إيزابيل بيرون ". وكانت المحكمة قد رفضت طلب الدفاع بإغلاق ملف الجرائم التي سبقت سنوات الدكتاتورية، عملا بمبدأ التقادم.
وكانت نائبة الرئيس خوان ديمنغو بيرون، وهي زوجته الثانية ماريا إستيلا مارتينيز دي بيرون، المعروفة باسم إيزابيل، قد خلفته في الحكم بعد وفاته في عام 1974، وعقدت صفقة مع الجيش والقوى المحافظة وكلفت مليشيات مثل "التحالف الارجنتيني" المعادي للشيوعية بإبادة الجماعات المعارضة.
ووفقا لمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، فان أكثر من 3500 معارض قتلوا في عهدها . ومع ذلك، اعتقد العديد من العسكريين آنذاك بانها ضعيفة جدا، وغير قادرة على الحفاظ على النظام وفق معاييرهم، وقاموا في 24 اذار 1976 بالانقلاب عليها وازاحوها من منصبها. واليوم تعيش إيزابيل البالغة من العمر 85 عاما في أسبانيا.
وفي بداية المحاكمات في عهد حكومة اليسار السابقة في عام 2012 ، كان يجلس في قفص الاتهام 58 متهما، توفى 11 منهم قبل صدور الأحكام، وتم اعفاء 4 آخرين لأسباب صحية. وكان على 43 متهما آخر مواجهة اتهامات تتعلق بقائمة طويلة من الجرائم التي ارتكبت بحق 716 معارضا، وشملت القتل، والشروع في القتل، والاعتقال، والتعذيب، والتغييب، واغتصاب الأطفال حديثي الولادة.
وكان المتهم الأبرز هو الجنرال السابق مينينديز، الذي كان في سنوات 1975-1979 يشغل منصب قائد الفيلق الثالث في الجيش، المسؤول عن مراكز الاعتقال السرية في شمال غرب الأرجنتين. وبإدانته هذه المرة يكون هذا الجنرال السابق، البالغ من العمر 89 عاما، قد حكم عليه للمرة الثانية عشرة بالسجن المؤبد لإدانته بجرائم تتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان.
علما ان غالبية الضحايا كانوا من النشطاء في المنظمات السياسية والطلابية والنقابات ومنظمات الجيران في الاحياء السكنية. وقد تم قتل 385 منهم. وحتى الآن تم العثور على 46 من جثثهم وتم التعرف على 8 منهم فقط.