- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الجمعة, 27 كانون2/يناير 2017 18:05
مقدمة
تستمر الازمة السياسية التي شملت العمل المؤسساتي اجمالا في اقليم كردستان منذ عامين، بالتزامن مع الازمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها السلبية على معيشة وحياة الناس. ان تزامن هاتين الازمتين مع وجود المخاطر على مستقبل اقليم كردستان اضافة الى استمرار اشكالية الدولة في العراق والمتمثلة بشكل العلاقة بين الاقليم والمركز، ومخاطر الارهاب في المنطقة بشكل عام واستمرارالمعارك والاضطرابات في الشرق الاوسط وتعميق المحاور الاقليمية وتضارب مصالح القوى العظمى، وتداعياتها على واقع المنطقة بشكل عام ، تشكل بمجملها السمات الاساسية للوضع في كردستان والمنطقة عموما. وتأتي هذه الامور مع غياب وحدة الصف ووحدة الخطاب للقوى السياسية الكردستانية التي فاقمت حالة الشلل في المؤسسات الشرعية. ان الحزب الشيوعي الكردستاني يحمل الاحزاب الحاكمة المسؤولية المباشرة عن تداعيات الوضع و وصول الاوضاع الى ما وصلت اليه .
وفي ضوء المشهد السياسي هذا ومع احتمالات التطورات اللاحقة فان الحزب الشيوعي الكردستاني يطرح هذا المشروع كخارطة طريق تتضمن آليات واضحة للوصول الى مشروع شامل للاطراف السياسية الكردستانية في التعامل مع الازمات وأبعادها والعمل على الخروج منها بمعالجات مناسبة تصب في مصلحة جماهير كردستان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، والعمل على بناء الديمقراطية وخلق الارضية المناسبة لأنجاز حق تقرير المصير والخيار التاريخي لشعب كوردستان.
ان المبدأ الرئيسي لخارطة الطريق هذه يعتمد على مشروع الحزب الشيوعي الكردستاني لمعالجة الازمة السياسية والذي اعلنه في حزيران 2015 اضافة الى وثائق المؤتمر السادس للحزب في تشرين الاول 2016. وعلى هذا الاساس يرى حزبنا بان المشكلة الرئيسية هي في كيفية بناء المؤسسات وتغيير السياسات المنفذة حول الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اقليم كردستان.
أولا/ الازمة السياسية/ تتجسد الازمة السياسية في اقليم كردستان بالنقاط التالية:
1ـ رئاسة الاقليم
سبق وأن اشار حزبنا في حزيران 2015 الى منهجية التوافق بين الاطراف السياسية في مركز القرار في الحكومة لغرض معالجة الصراع والازمة القائمة فيما بينها حول موضوع رئاسة الاقليم.
وقد اشار في الوقت نفسه الى خيار آخر في حالة عدم الوصول الى توافق بشأن المشاريع المختلفة للاطراف السياسية المتنازعة. وتضمن هذا الخيار تاسيس مجلس رئاسي لاقليم كردستان لمدة لاتزيد على سنة واحدة ، ويتكون هذا المجلس من ( رئيس الاقليم ، نائب الرئيس ، الشخصيات الحزبية الاولى داخل البرلمان ، ممثلي المكونات التركمان والكلدان الاشوريين السريان ) ويشرع ويحدد صلاحياته كقانون من قبل البرلمان، ويعمل المجلس من اجل خلق ارضية لاستمرار الحوارات ومنع احتمالات حدوث صدامات بين هذه الاطراف لتهيئة الاجواء المناسبة لاجراء الانتخابات.
غير ان الاحزاب الخمسة المتواجدة في مركز القرار تعاملت مع الازمة من خلال خلق أزمة أخرى، وأدى الأمر الى زيادة حدة الخلافات والصراعات بين الاطراف السياسية وتدهور الاوضاع المعيشية والحياتية للمواطنين وتفاقم ذلك مع انتهاء المدة القانونية لرئيس الاقليم وتعطيل البرلمان وعمل الحكومة وضعف ثقة الجماهير بهذه المؤسسات اضافة الى استمرار الازمة الاقتصادية.
في أواخر 2016 وبدايات 2017 بدأت المحادثات بين الاطراف المتنازعة، وطرح مقترح التغيير في منصب رئاسة الاقليم بالتزامن مع التغيير في رئاسة البرلمان وتشكيل حكومة جديدة.
ورغم ان هذه المحادثات لا تجري بوتيرة سريعة تتناسب مع التطورات المتسارعة في الاحداث في المنطقة بشكل عام ، فان حزبنا يرى ان البدء بحوارات غير مشروطة يشكل نقطة ايجابية، ومن هذا المنطلق دعا الى تسريع المحادثات بمشاركة جميع الاطراف السياسية الكردستانية ودعم ومساندة فكرة التغييرات، من خلال تطبيع العلاقات بين الاطراف السياسية الكردستانية أولآ والبدأ بالمحادثات حول التغييرات ثانيا.
اننا نرى بان تحقيق هذه المهمة في ظل الظروف الراهنة ليس بالامر السهل، ولهذا نرى بان البديل الافضل والانسب – في حالة عدم الوصول الى توافق حول هذا اختيار شخصية سياسية لتولي هذه المهمة - هو بالعودة الى مشروع حزبنا الذي اعلنه في حزيران 2015.
وهذا يتم عن طريق تشكيل مجلس رئاسة الاقليم لحين اجراء الانتخابات البرلمانية في 2017 على ان يكون عمل هذا المجلس بشكل مؤقت ويتحمل المسؤولية السياسية للوصول الى التوافق الشامل حول مشروع وطني مشترك لمعالجة الازمات، مع التأكيد على اجراء الانتخابات البرلمانية في اقليم كردستان في وقتها المحدد في ايلول 2017 والاستفتاء حول كيفية انتخاب رئيس الاقليم عند كتابة الدستور إن لم يتم التوافق بشأنه.
2ـ رئاسة البرلمان
يرى حزبنا بان البرلمان اضافة لكونه مؤسسة تشريعية فانه المكان الأنسب لتقريب وجهات النظر حول مجمل الخلافات حول المشاريع السياسية والاقتصادية وادارة الصراعات بشكل ديمقراطي مدني ، وبلا شك فان جميع اعضاء البرلمان تابعين للاحزاب والاطراف السياسية ويتم توجيههم من قبل احزابهم، وليس من الخطأ أن نقول بأن مواقفهم تحسب على هذه الاحزاب بالذات. غير أن ادارة الصراع بالمجمل داخل البرلمان لم يكن موفقاً.
ويرى حزبنا ان التغييرات في قوام رئاسة البرلمان هي حالة اعتيادية في اطار حزمة التغييرات التي تشمل الكابينة الخماسية.
3ـ حكومة الاقليم
ترتبط قضية حكومة الاقليم بالمحاور الاخرى للازمة السياسية ، فتزامنا مع الاتفاق أو التوافق لمعالجة ازمتي رئاسة الاقليم ورئاسة البرلمان فانه يجب معالجة الواقع الراهن لحكومة الاقليم لارتباط هذه المواضيع الثلاثة ببعضها .
ان حزبنا مع استمرار الحكومة الحالية بعملها كحكومة انتقالية حتى اجراء الانتخابات البرلمانية في 2017 وبشكل تكون فيه الاحزاب المؤتلفة هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن الازمة السياسة والاقتصادية وتدهور الاوضاع المعيشية.
4ـ السلطة القضائية
أولى حزبنا اهتماما كبيرا لدور السلطة القضائية في مشروعه المقدم الى الكابينة الثامنة للحكومة ودعا الى تفعيل هذه السلطة وتقوية مرافقها وضمان استقلاليتها التي تعتبر شرطا اساسيا لمفهوم دولة القانون. فالجزء الاكبر من مشاكل الاقليم هي مشاكل قانونية ودستورية ، ولهذا فان وجود سلطة قضائية مستقلة وفاعلة سيشكل دعما قويا لمعالجة الازمات .
ثانيا : إجراء إنتخابات برلمان اقليم كردستان
تتحدث اوساط واسعة من الاطراف السياسية الكردستانية عن احتمال عدم اجراء الانتخابات البرلمانية في وقتها المحدد في 2017 بحجة التعقيدات في الوضع السياسي الراهن والمشاكل ووجود الازمات وظروف المنطقة ومخاطر الارهاب .
اننا نعتقد بان معالجة قسم من الازمات تبدأ بأستئناف الحوار بين الاطراف السياسية ، اما القسم الاخر من المشاكل العميقة التي لا يتم التوافق عليها او التي لايمكن تخطيها ، فان اجراء الانتخابات والعودة الى الراي العام وقبول جميع الاطراف بنتائجها هو الاسلوب المناسب لتذليل المشاكل المعقدة.
وحسب المدة القانونية يجب اجراء الانتخابات في ايلول 2017 ، ويجب على الحكومة ابلاغ المفوضية العليا للانتخابات بهذا الخصوص في شهر آذار أي قبل 6 اشهر من موعد اجراء الانتخابات .
ثالثا : العلاقات بين الاقليم والحكومة الفيدرالية
على الرغم من اعلان دستور العراقي الفيدرالي منذ عام 2005 والذي يحدد شكل الدولة والنظام السياسي فان القسم الاكبر من المواد التي حددها الدستور الفيدرالي والمتعلقة بالعلاقات بين الاقليم والحكومة الفيدرالية وخاصة المواد المتعلقة بالمناطق الكردستانية خارج الاقليم والتي جاءت في الدستور حسب المادة (140) لم يتم تنفيذها ، هذا عدا المواضيع التي لها علاقة بممارسة الصلاحيات السيادية ومواضيع الميزانية والنفط والغاز ووضع البيشمركة وعدد من المواضيع الاخرى .
ان القاسم المشترك لمجمل هذه المشاكل يرجع الى كون الدولة العراقية هي دولة فيدرالية في الدستور فقط، في حين تتصرف الحكومة كحكومة مركزية مطلقة لا تريد معالجة المشاكل العالقة حسب الدستور.
ان الاشكاليات المتعلقة باشكالية الدولة العراقية وتلك المتعلقة بنظام المحاصصة الطائفية على أرض الواقع يطرح سؤالا اساسيا حول تداعيات اشكاليات الدولة ومصير تلك الدولة وتأثيراتها على الوضع في كوردستان.
وحول هذا الموضوع فان حزبنا يدعو الى حوار بين الاقليم وبغداد والذي يتطلب حسب وجهة نظرنا أولا وضع الخطوات اللازمة لحل الازمات الداخلية للاقليم، وان تكون المفاوضات مع بغداد مبنية على اسس توحيد آراء الاطراف السياسية ووحدة الصف في المواقف في التعامل مع الحكومة الفيدرالية لغرض الوصول الى حق تقرير مصير اقليم كردستان وحسم قضية المناطق المتنازع عليها باسلوب سلمي وديمقراطي مدني وصولا الى تحقيق كيان مستقل لاقليم كردستان يكون عاملا اساسيا في حفظ الامن والاستقرار والتطور الاقتصادي والتعايش السلمي بين جميع شعوب المنطقة بسلام وحرية .
رابعا : دستور اقليم كردستان
تزامنا مع الخطوات الرامية لمعالجة مجمل الازمات في اقليم كردستان والنضال من اجل حق تقرير المصير للشعب الكردستاني، يعتبر العمل من أجل اعداد مشروع للدستور في كوردستان مهمة بالغة الاهمية.
وفي هذا المجال يرى حزبنا :
_ اقرار دستور ديمقراطي مدني علماني.
_تجسيد التوافق الوطني الشامل بين الاحزاب السياسية حول كيفية انتخاب رئيس الاقليم وصلاحياته في الدستور. وفي حالة عدم الوافق بشأنه يتم استفتاء الجماهير بشأنه.
_ الاخذ بنظر الاعتبار مستقبل اقليم كردستان والعمل لاقرار حق تقرير المصير وتحديد حدود اقليم كردستان في الدستور.
خامسا : العلاقات الخارجية لاقليم كردستان
تحتاج العلاقات الخارجية لاقليم كردستان واسلوب التعامل مع الدول الاقليمية والمجتمع الدولي الى ضرورة وضع وثيقة سياسة خارجية تعبر عن سياسة الحكومة بعيدا عن سياسة خارجية معبرة عن ارادة الاحزاب السياسية والتي من شأنها الافتراق الى قطبين في التعامل مع الدول الاقليمية ومع السياسة الخارجية عموما. ونرى أن تستند وثيقة السياسة الخارجية للاقليم على القرار السياسي الوطني الكوردستاني المستقل وفق مصلحة الشعب الكوردستاني، والتعبير عن هذه السياسة من خلال اختيار ممثلي حكومة الاقليم في الخارج على اساس الكفاءة والقدرة المهنية بعيدا عن المحاصصة الحزبية.
سادسا : الازمة الاقتصادية في اقليم كردستان
مر أكثر من عامين على استمرار الازمة الاقتصادية في اقليم كردستان التي اثرت سلبيا على حياة المواطنين ومعيشتهم. وتعتبر هذه الازمة نتيجة حتمية للسياسات الاقتصادية الخاطئة التي اتبعتها حكومة اقليم كردستان مما أدى الى الفشل في تحقيق التنمية. ان الاسباب الحقيقية للازمة الاقتصادية ترجع الى طبيعة الاقتصاد الريعي في الاقليم الذي يعتمد على القطاع النفطي فقط بتجاهل القطاعات الانتاجية الاخرى،وفشل سياسة التعامل مع الطاقة البشرية في المجتمع ، وانعدام الثقة بين المواطن والحكومة، اضافة الى قيام الاحزاب في الحكومة بتوجيه السياسة الاقتصادية للحكومة لتحقيق مصالح اقتصادية وحزبية ضيقة، مما أدى الى تفاقم الازمة الاقتصادية.
من جهة أخرى استندت سياسة حكومة الاقليم لمعالجة الازمة الاقتصادية على برنامج البنك الدولي والتي تتضمن الادخار الاجباري وزيادة الضرائب والتوجه نحو الخصخصة الاقتصادية خاصة في مجال الكهرباء والخدمات الصحية والعمل من أجل خفض الرواتب بشكل رسمي وفتح اقتصاد كردستان امام الاستثمار المطلق واللامحدود، وتجسدت مجمل هذه القضايا باختيار نموذج النيوليبرالية ( الليبرالية الجديدة ) في السياسة الاقتصادية على حساب ضعف التطور وزيادة حجم البؤس والفقر.
ولمعالجة الازمة الاقتصادية يقترح حزبنا النقاط التالية :
1 - التخلي عن السياسة الاقتصادية التي صيغت لحكومة الاقليم من قبل البنك الدولي والتي اعلنت في ايار 2016.
2 - وضع سياسة اقتصادية جديدة على اساس مفهوم التنمية البشرية المستدامة والاستفادة من قدرة الخبراء في الاقليم وخبرة الخبراء الدوليين الذين ينظرون الى السياسة الاقتصادية بمنظار معاكس لنموذج البنك الدولي.
3 - اتباع سياسة واضحة وشفافة في مجال النفط والغاز والواردات والعقود المرتبطة به.
4 - الاستمرار في مواجهة الفساد ومكافحة الاحتكارات وتحجيم النفوذ الحزبي على الاسواق والمشاريع وتفعيل الاجهزة المختصة بهذا المجال ومنها جهاز الرقابة المالية وهيئة النزاهة واشراك برلمان كردستان في مهام الرقابة.
5 - تقليل المصاريف الزائدة في مجال عمل الحكومة، شرط ان لايكون على حساب تقليل الخدمات العامة وخاصة في مجالات الصحة والتربية والتعليم.
6 - اقرار ميزانية سنة 2017 والحسابات الختامية لها.
7- وقف الخصخصة المفرطة التي تتم وفق شروط البنك الدولي وفي كافة المجالات وخاصة في مجال الكهرباء والعمل لانشاء الشركات المساهمة والتي تكون للحكومة فيها اسهم مناسبة والاهتمام بالنظام المصرفي المتطور والتخطيط لوضع قوانين الضمان الصحي والرقابة والمعونة الاجتماعية للحفاظ على الفرد الكردستاني من خطوات الخصخصة في القطاع الصحي.
8 - اعادة النظر بنظام الادخار الاجباري والعمل على انهائه والحفاظ على حقوق موظفي الدولة .
ختاما:
في الوقت الذي يطرح فيه الحزب الشيوعي الكردستاني خارطة الطريق هذه فأنه يدعو جميع الاطراف السياسية الكردستانية وخاصة ( الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) ومن منطلق المسؤولية ان يأخذوا بنظر الاعتبار الاوضاع المعقدة والشائكة السائدة في المنطقة والتعامل مع معطياتها من خلال وحدة الصف والاجماع على الموقف المشترك، كما يدعو الحزب لتكون هذه الخريطة اساسا للتحرك لحل الازمات. وفي نفس الوقت يرى حزبنا بان السند الحقيقي لانجاح هذه الخارطة يتم من خلال العمل على اقناع جماهير كوردستان بالاستمرار باحتجاجاتهم بشكل ديمقراطي مدني سلمي على الوضع الراهن بحيث تكون اداة ضاغطة على الاطراف المتصارعة للاتفاق على مشروع شامل يصب في مصلحة مستقبل كوردستان.
23 كانون الثاني 2017