- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 31 كانون2/يناير 2017 19:45
إبراهيم المشهداني
على مدى عشرات السنين يبحث الاقتصاديون في منافع ومضار القروض الخارجية وبصورة خاصة القروض التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية ومنها على وجه الخصوص صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذان يهدفان بحسب تصورات العالمين الاقتصاديين جون مينا رد كينز وهاري ديكستر وايت اللذين لعبا دورا محوريا في إرساء الوظائف الأساسية للمؤسستين والتي تنصب بشكل خاص في دعم الدول المتضررة في الحرب العالمية الثانية والدول النامية الطامحة لتنمية وتطوير اقتصادياتها .بخلاف ما كانت تفكر به الدول الممولة لهاتين المؤسستين فهل تتسق القروض الممنوحة للعراق بحسب ما خطط الخبيران الاقتصاديان؟
القروض الخارجية في ندوة
ذلك كان موضوع الندوة الاقتصادية التي نظمتها منظمة تموز للتنمية الاجتماعية بالتنسيق مع منظمة فردريش ايبرت الألمانية يوم الأربعاء الموافق الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني الجاري على قاعة فندق بابل والتي تحدث فيها الدكتور مظهر محمد صالح مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والدكتور ماجد الصوري عضو مجلس إدارة البنك المركزي بالإضافة إلى الدكتور عزت عضو مجلس نواب إقليم كردستان وحضرها العشرات من المتابعين الاقتصاديين من أكاديميين ورجال اعمال ونقابيين من الاتحادات النقابية العمالية المتواجدة على الساحة العراقية.
مفترق طرق
المستشار لرئيس الوزراء، تحدث عن الغاية من القروض التي تنصب بالأساس على تغطية جزء من العجز في الموازنات السنوية خاصة في السنوات الأخيرة منذ عام 2014 بعد هجمة الدواعش واحتلالهم خمس محافظات عراقية بين ليلة وضحاها، وانخفاض أسعار النفط في منتصف عام 2014 بشكل فاجأ الحكومة وخلق أزمة مالية كبيرة، مضيفا ان العجز في الموازنة العراقية لعام 2014 أدى الى مفترق طرق، حيث يشكل النفط 95 بالمائة من مصادر تمويلها ويشكل 50 بالمائة من الإنتاج المحلي الإجمالي وكان هذا العجز متوحشا بحسب توصيف المستشار المالي، وان الإدارة المالية كانت تكافح بصعوبة بالغة في هذا المعترك لكنها استطاعت ان تقدم نتائج ايجابية وان الدعم المالي الدولي كان متقلبا بخلاف الدعم العسكري، مبينا ان المشكلة الأساسية التي تواجه العراق تتمثل بغياب التصنيف الائتماني الدولي لهذا بدأنا في أيلول عام 2015 بالتحرك على الاقتراض من الصندوق وفي نفس الوقت تحقيق قدر معقول من التصنيف الائتماني على مستوى (b-و b+) لكن التحدي الاخر الذي يواجهنا هو غياب الغطاء المالي الدولي من السوق الرأسمالي وبموجب ترتيب الاستعداد الائتماني استطعنا الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بمقدار 5،3 مليار دولار بفائدة سنوية مقدارها 1،2 بالمائة سنويا الدفعة الأولى مقدارها 200 مليون دولار بفائدة مقدارها 1 بالمائة ولمدة عشر سنوات. وتعد هذه النسبة مثالية قياسا بالقروض الدولية الأخرى التي تكون فائدتها في العادة 10 بالمائة وان الهدف من هذه الدفعة تأهيل المناطق المتحررة في ديالى. كما عرض البنك الدولي قرضا اخر بقيمة 1،2مليار بفائدة واحد بالمائة لمدة 18 سنة وسيوظف هذا المبلغ للتنمية الاقتصادية في بعض الوزارات ومنها وزارة الكهرباء مقابل ذلك فان الدول الصناعية السبع قدمت قرضا مقداره خمسة مليارات دولار ومقابل هذه القروض فان التزامات الحكومة تتمثل بحوكمة المالية العامة وتعديل قانون الإدارة المالية والدين العام وقانون البنك المركزي وقانون هيئة النزاهة بما ينسجم مع الاتفاقية الدولية حول استرداد الأموال العراقية وتسديد استحقاقات الشركات النفطية ومقدارها 11 مليار دولار وتدقيق استحقاقات الدوائر الحكومية واختتم الدكتور مظهر محمد صالح حديثة بالإشارة إلى ان مجموع القروض العراقية في عام 2016 كان 14 مليار دولار منها 3،5 قروض أجنبية و11 مليار دولار قروض داخلية.
حجم الديون الخارجية والداخلية
اما د. ماجد الصوري اشار الى أرقام الديون الخارجية والداخلية، مبينا ان مجموع الديون الخارجية تبلغ 69 مليار دولار أما الديون الداخلية فكانت 54 مليار دولار وبذلك يكون مجموع الديون المترتبة على العراق 123 مليار دولار وارجع سبب هذا الحجم من الديون الى عدم وجود رؤيا إستراتيجية واضحة وعدم تطبيق الدستور كما ينبغي بالإضافة الى كارثة الفساد المستشري كالوباء في كافة مفاصل الدولة وأيضا غياب النظام الإحصائي الدقيق الذي يعبر عن نقص كبير في إدارة الدولة.
وكان اخر المتحدثين الدكتور عزت عضو مجلس النواب في اقليم كردستان قد عرض حالة الاقتصاد الكردستاني الذي لا يختلف عن حال الاقتصاد العراقي بالنظر لترابط الاقتصادين، عازيا السبب إلى الخلاف بين المركز والإقليم بما يتعلق بإشكاليات تصدير النفط وحصة الإقليم من الموازنات السنوية بالإضافة إلى الصراعات بين القوى الحاكمة في الإقليم وظاهرة الفساد التي لا تختلف عن المركز ما أنتج قطع رواتب الموظفين وتوقف التنمية، موضحا ان حضوره كممثل عن الشعب وليس عن الحكومة.
خطورة عملية الاقتراض
وكان مسك الختام مداخلات الحضور وأسئلتهم التي انصبت حول خطورة الاستمرار في عملية الاقتراض كإجراءات سهلة ولابد من توظيف هذه القروض في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وغياب الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية والعمل على إيجاد مصادر داخلية للتمويل والسيطرة على عمليات النهب المنظمة من المال العراقي والتطرق إلى مواضيع كثيرة في الاقتصاد العراقي والاهم في الموضوع محل النقاش التخطيط ليس للاقتراض وإنما لكيفية تسديد القروض دون ان يؤثر ذلك على عملية التنمية وان يحول الاقتصاد إلى اقتصاد تابع بل تكون السياسة الاقتصادية مستقلة.