نتيجة لنظام المحاصصة الطائفية 2013 في العراق.. أسوأ عام سياسياً

بغداد – محمد الحكمت

رأى سياسيون أن عام 2013 يعتبر من أسوأ الأعوام التي مرت على العملية السياسية في العراق؛ حيث شهد صراعات سياسية انعكست نتائجها على الشارع العراقي بأحداث أمنية ذهب ضحيتها الكثير من المدنيين الأبرياء، فيما لفتوا إلى أن البلد لم يشهد تقدماً ملموساً في مجال الخدمات والإعمار والبنى التحتية.
في حين رأى نائب آخر أن القوى السياسية المتنفذة أعطت نموذجا رديئا لنظام الحكم في العراق، والذي صنف كـ"أسوأ عاشر نظام حكم في العالم".
وفي حديث مع "طريق الشعب" أمس الأحد، قال رائد فهمي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، إن "استمرار الأزمة السياسية وتعمقها واتساع مداها، ملقية بظلالها وآثارها على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وخصوصا على الأوضاع الأمنية خلال الأشهر الأخيرة، بات أمراً محسوسا وملموسا لدى المواطنين والمواطنات عموما، ما يعفي عن الاستغراق في الشرح والتحليل لتأكيدنا التراجع في عملية بناء الدولة التي تمتلك مقومات التوصيف المدني الديمقراطي".
وأضاف فهمي أن "العام 2013 شهد مزيداً من التجاوزات على مبدأ فصل السلطات، والإخلال باستقلالية القضاء والهيئات المستقلة، وترافق ذلك مع ازدياد مظاهر التجاوز على الحريات وخصوصا حرية التعبير وحرية التظاهر، وعودة نشاط الجماعات المسلحة والميليشيات وتحرك بعضها بحرية مريبة وهي تمارس أعمالها في الاغتيال والترهيب، خلافا لمبدأ حصر السلاح بيد الدولة".
مشيراً إلى إن "آثار نظام المحاصصة الطائفية والأثنية، المناقض والهادم لمبدأ دولة المواطنة، تجلى في استمرار التردي في أداء أجهزة الدولة ومؤسساتها نتيجة لعجز الدولة عن تأمين رؤى وتصورات موحدة وسليمة تؤسس لسياساتها العامة".
وأشار عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، إلى أن "عدم اعتماد معايير النزاهة والكفاءة والإخلاص في التعيين بالوظائف العامة ادى الى تحول الفساد إلى منظومة إخطبوطية تمتد في جميع مفاصل الدولة، شديدة البأس سياسيا واقتصاديا، تستنزف المال العام وتعطل المشاريع وتسيء تنفيذها وتخلق بيئة طاردة للاستثمار".
لافتا إلى أنه "انعكس هذا في حياة المواطنين على شكل تدهور في الخدمات. وكانت الفيضانات في أعقاب موجة الأمطار مؤخرا شاهدا صارخا على ذلك".
وبين إن "الضعف المؤسسي لم يقتصر على السلطة التنفيذية، إذ ظهر مجلس النواب معظم هذه السنة مشلولاً بسبب الصراعات والخلافات والمزايدات بين الكتل المتنفذة، عاجزا عن مناقشة وإقرار القوانين المهمة. كما انتزع منه حقه في اقتراح القوانين دون موافقة السلطة التنفيذية، وحدت الصراعات والمناكفات والتفاهمات والتواطؤات إلى حد كبير من دوره الرقابي الفاعل".
وأكد أننا "نقترب من طي صفحة عام 2013، والعراق أكثر انقساما وتشظياً مما كان في بدايتها، وأعداد ضحايا الإرهاب والعنف بمختلف أشكالهما ومصادرهما تفوق ما كانت عليه العام المنصرم، والعلاقات بين القوى السياسية والأجواء العامة أكثر توترا واحتقانا، ومستويات الانجاز في المشاريع أكثر تدنياً، والتدخلات الخارجية أكثر وضوحا وسفورا من أي وقت مضى، بحيث لم يعد يثير حرج المسؤولين الاقرار والاستقواء بها"، مبينا أنه "لذلك لا نرى افقاً لإقرار الأمن والسلام في البلاد ووضعها على سكة البناء والإعمار والتقدم والازدهار، دون إحداث ت?يير في بنية الحكم، واتخاذ خطوات عملية لبناء مرتكزات الدولة المدنية الديمقراطية، ونبذ نظام المحاصصة الطائفية".
وختم فهمي تصريحه بالقول إننا "نتطلع بثقة ونعمل بجد مع سائر القوى والأحزاب والشخصيات المدنية الديمقراطية في بلادنا، لأن يسجل عام 2014 تحولات ونجاحات لصالح مشروع التغيير المدني الديمقراطي".
من جانبه، وصف وائل عبد اللطيف السياسي المستقل، العام 2013 بـ"أسوأ عام مر على العملية السياسية، لما حدث من فجوة كبيرة بين الأطراف والقوى السياسية، حيث سجل مجلس النواب تراجعا كبيرا في أدائه وفقدان الثقة بين القوى السياسية، ما خلق مشاكل كثيرة انعكست على الشارع العراقي".
وأضاف عبد اللطيف في حديث مع "طريق الشعب" أمس، أنه "نتيجة الفشل أصبحت الحكومة تدار بالوكالة، الامر الذي انتج أزمة ثقة كبيرة جداً بالرغم من حصول مؤتمرين للقوى السياسية؛ حيث كان الأول في بيت الحكيم والثاني هو وثيقة الشرف التي طرحها نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي"، مستطرداً بالقول إن "القوى السياسية أعطت نموذجا رديئا لنظام الحكم في العراق، والذي صنف كأسوأ عاشر نظام حكم في العالم".
ورأى عبد اللطيف أن "التوافقات السياسية في سنة 2014 ستكون أصعب من الماضي وبالتالي حدة التوتر ستكون أكثر على اعتبار أن مخصصات الإقليم في الحدود والنفط والغاز ستكون أكبر، والتمزق بين المنطقة الغربية أكبر وبين القوى الشيعية كذلك".
بدوره، أكد النائب عن التحالف الكردستاني، محمود عثمان، أن "العملية السياسية كانت متعثرة في عام 2013 لافتقادها أسس المصالحة والتفاهم ولم تسر بالمسار الصحيح، بالإضافة إلى الصراعات بين الأطراف السياسية".
وأوضح عثمان في حديث لـ"طريق الشعب" امس، أن "غياب الرئيس جلال الطالباني أثر بشكل كبير على العملية السياسية، كونه عاملا وسطيا يجمع بين جميع الأطراف السياسية".
وبين أنه "لم أشاهد نية حقيقية لدى الفرقاء السياسيين لتجاوز الأزمة التي تمر على البلد".
وخلص عثمان إلى القول إن "الأوضاع لم تتحسن إلى الأمام وبالشكل الإيجابي، حيث تركت آثاراً سلبية خاصة في مجال الأمن والخدمات والإعمار، ونأمل ألا يحدث ذلك في عام 2014"، معربا عن اعتقاده بأن "النصف الأول من العام الجديد لن يأتي بتغيير قبل الانتخابات، ولكن بعدها سيكون الوضع مغايراً".
وشهد العراق خلال العام 2013، ازمات سياسية عديدة ابرزها محاولة سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي، من قبل خصومه السياسيين في مجلس النواب.
وايضاً الاحتجاجات الشعبية في ست من محافظات البلاد، على خلفية اعتقال حماية وزير المالية المستقيل رافع العيساوي.
ويقيم الاف المحتجين مخيما على الطريق السريع قرب الرمادي مركز المحافظة على بعد 100 كيلومتر غربي العاصمة بغداد قبل النقطة التي ينقسم عندها الطريق الى طريقين أحدهما يتجه الى سوريا والاخر الى الاردن.
وحدثت هذه الاضطرابات في الوقت الذي أشعل فيه الصراع في سوريا توترات طائفية اقليمية.
ومع احتدام الوضع السياسي شهدت البلاد اوضاع امنية متردية بسبب استمرار التفجيرات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة.
وكان أخر تطورات الأزمة خلال هذا العام هو انطلاق عملية عسكرية في صحراء الأنبار باسم (ثأر القائد محمد)، على خلفية مقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش، العميد الركن محمد الكروي، ومجموعة من ضباطه ومرافقيه خلال اقتحام وكر لتنظيم القاعدة في منطقة وادي حوران، (420 كم غرب الرمادي).
وعلى خلفية هذه العملية، قامت قوة مشتركة من الجيش و(سوات)، وأخرى خاصة قادمة من العاصمة بغداد، اعتقلت، عند الساعة الخامسة والنصف من فجر يوم السبت الماضي، النائب احمد العلواني من منزله بقرية البو علوان، وسط الرمادي، بعد الاشتباك مع أفراد حمايته، مما أسفر عن مقتل شقيق العلواني وإصابة عدد من أفراد حمايته.