تركيا.. هل يسقط أردوغان؟ / رشيد غويلب

يبدو أن ربيع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وحزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم قد قارب نهايته. ويمكن القول إن الحركات الاحتجاجية الكبيرة التي اجتاحت تركيا في الصيف الماضي تتفاعل اليوم في تركيا على خلفية فضيحة الفساد، التي استقال على اثرها ثلاثة وزراء من الحكومة، واجبرت أردوغان على استبدال 10 وزراء في حكومته.

ولم يعد الصراع الدائر الآن في تركيا، ينحصر في المطالبة بمحاسبة المفسدين وكشف ملفات الفساد، بل تحول في جانب منه الى صراع مكشوف على السلطة بين أردوغان وحزبه من جهة، وحركة رجل الدين المتطرف فتح الله كولن المقيم في الولايات المتحدة الامريكية، والذي لعب دورا أساسيا في تعزيز سلطة أردوغان وحزبه. و قد مكن التحالف، الذي ظل حتى الامس القريب قويا أنصار كولن من السيطرة على الكثير من المناصب الهامة في القضاء والشرطة وحزب العدالة والتنمية نفسه.
وكانت الحكومة التركية قد أصدرت تعليمات لقوات الشرطة بتغيير إجراءات التحقيقات وإبلاغ المسؤولين قبل تنفيذ أي تحقيقات تطلبها النيابة، في محاولة منها للحد من تأثيرات ملف الفضائح، الذي طال مقربين من رئيس الوزراء بما في ذلك ابنه بلال، إلا أن محكمة عليا بتركيا ألغت القرار لكونه يسبب "دمارا لا يمكن معالجته". وتشير آخر المعلومات الى هرب بلال الى جورجيا، بعد تورطه في عمليات تلاعب وتزوير في 28 مناقصة بلغت قيمته 100 مليار دولار، واكد رئيس حزب اليسار الديمقراطي معصوم توركر، في تصريح صحفي له خبر هرب بلال أردوغان.
واتهمت المعارضةُ الحكومةَ التركية بمحاولة عرقلة التحقيقات في قضايا الفساد بتسريح المسؤولين بالشرطة، في حين يقول أردوغان إن هذه التحقيقات ما هي إلا مؤامرة لإسقاط حكومته. وكان مدعٍ عام تركي يدعى معمر آكاس، قد أُقيل من منصبه عقب تصريحه بأنه مُنع من التوسع في التحقيقات الخاصة بقضايا الفساد، وهو ما اعتبره ضغطاً على سلطة القضاء.
وتسعى حكومة أردوغان للحد من تبعات الأزمة والحفاظ على السلطة، حيث من المقرر عقد استفتاءات شعبية في آذار المقبل تليها انتخابات رئاسية في آب، ثم انتخابات تشريعية في 2015.
وقالت هيئة الاركان العامة للقوات المسلحة في تركيا، انها لن تتدخل في الجدل والصراع السياسي، ومعروف ان الجيش التركي كان المؤسسة الاقوى في الدولة التركية، التي اسسها في بداية عشرينيات القرن الفائت اتاتورك، وقد قام الجيش التركي المدعوم من الناتو بتنظيم العديد من الانقلابات العسكرية، التي كانت على الدوام، الوسيلة التي يستعين بها اليمين القومي المتطرف لحماية سلطته في مواجهة القوى اليسارية والديمقراطية، التي خاضت صراعا مريرا طيلة سنوات تاريخ الدولة التركية الحديثة، ضده. وقد عمل أردوغان على ابدال العديد من قبادات ?لجيش وقوات الامن بعناصر موالية له لضمان استمرار عملية الاسلمة التي يقوم بتنفيذها منذ سنوات.
وقد انعكست الازمة التي يعيشها النظام السياسي في تركيا بشكل واضح على الاقتصاد، فقد تراجعت قيمة الليرة التركية يوم الجمعة الفائت امام الدولار إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 2.1761 ليرة للدولار الواحد. وتعرضت السندات، والأسهم الحكومية الى ضغط عمليات بيع كبيرة في سوق الأوراق المالية، بعد أن غادر المستثمرون الأجانب السوق جزئيا.
ويواجه حزب العدالة والتنمية العديد من الاستقالات في صفوفه، واعلن ثلاثة برلمانيين يوم الجمعة الفائت استقالتهم من الحزب قبل ان يصدر قرار بطردهم من صفوفه، بعد أن اتهمتهم قيادة الحزب بممارسة نقد شديد وضار لسياسة الحزب والحكومة، كما استقال مؤخرا نعيم شاهين وزير الداخلية التركي السابق من الحزب، وترك صفوف الحزب ايضا النجم الكروي هاكان سوكور، حتى قبل الاعلان عن فضائح الفساد الاخيرة.