كشفت الاحداث الاخيرة والانتكاسة التي حدثت في مدينة الموصل، الكثير من الحقائق والدروس التي يجب الوقوف عندها بجدية وبمسؤولية وطنية، لا تقبل التأجيل، وعدم المرور عليها كما مر على غيرها مر الكرام . خاصة وان تلك الحقائق قد شخصتها القوى الوطنية والديمقراطية منذ وقت بعيد ، مطالبة بمعالجتها من خلال مؤتمر وطني واسع لجميع العاملين في العملية السياسية قبل حدوث المحظور، لكن خوف المتنفذين على مصالحهم التي هي فوق مصلحة الوطن والشعب ، حال دون عقد المؤتمر، وذهبت جهود المخلصين ادراج رياح المحاصصة .
ومن هذه الحقائق :
_عدم تطهيرالقوات العسكرية والامنية التي يشك بولائها للوطن والمواطن، التي دخلت على اساس محاصصي طائفي ، وليس مهنيا وطنياُ، وقد جاءت الاحداث في الموصل لتبرهن على ذلك ، وكيف اعطت قيادات طالما تغنت بالنصر وتلقين الارهابيين الدروس ؟!، كيف اعطت سيقانها للريح وترك المقاتلين في حيرة من امرهم ؟!، واثبت ان تلك العنتريات لم تقتل ذبابة ارهابية .
لذلك جاء الوقت لوضع الرجل المناسب في الوضع المناسب، وهوما سيعافي الوضع السياسي والعسكري على حد سواء .
_ حلفاء الارهابيين ( ما يسمونهم بالحواضن ) :
هؤلاء تمرسوا في عملهم السياسي والعسكري، واصبحت لديهم خبرة وفن، وضفوها الى خبرتهم السابقة في صفوف النظام الدكتاتوري، وكانوا همزة الوصل بين الحكومة والارهابيين ، يوفرون المعلومة المخابرتية للعدو ، و بث الدعاية والتشويش على القطعات العسكرية ، وبرهنت احداث الموصل هذا من خلال هروب القيادات ، واصدار اوامر بالهروب ، مهد الطريق امام الارهابين للاستيلاء على الموصل ,لتستقبلهم الحواضن.
_ وظف البعثيون حملتهم الايمانية من جديد في حث ازلامهم في الجيش والمؤسسات بان يوظفوا خبرتهم الطويلة في زمن الدكتاتورية ، لمساعدة حلفائهم الداعشيين .وذلك من خلال عرقلة العملية السياسية ، وتعطيل الخدمات ، وايصال معلومات كاذبة ، ونشر الفساد والرشوة ، والتستر على اصحابها وغيرها من الاساليب الخبيثة التي دأبت قوى الردة على اتباعها .
_ليس كل من دخل الى الاحزاب الاسلامية مخلصاُ للعملية السياسية والديمقراطية .
اننا نعلم بان النظام الدكتاتوري قبل سقوطه بأشهر قد وجه الحزبيين البعثيين وخاصة المنضوين في جهازه المخابراتي ان يلتحقوا بالاحزاب المستلمة للوضع الجديد ويعملوا لنخرها واضعافها من الداخل، او تحويل بوصلتها بالاتجاه الذي يريده البعث الصدامي . حتى ان بعض المؤسسات قد استقبلت العديد من ابناء هؤلاء عن طريق ( رفاقهم ) الذين تعج المؤسسات بهم، ووضعتهم في مكانات مقررة .
وهذا ما جرى واقعاُ، وعندما ارتفع صوت الجماهير بضرورة التدقيق في هويات المنتسبين لهذه الاحزاب الاسلامية ، لما يمثله هؤلاء من احتياط يستثمره الاعداء في تمرير مشاريعهم عندما تحين الفرصة ، و بدل ان يستمع المعنيون لهذه الاصوات المخلصة ، جرى اعطاء الظهر اليها ، لا بل جرى اعادة فدائيي صدام !! الى بعض المفاصل المهمة بالحكومة !! وها هو اليوم يقع الفأس بالراس، وتسقط مدينة الموصل وهروب مبرمج ومتفق عليه مع الارهابين .
_ اعادة هيكلة الجيش العراقي ووضع القيادات المخلصة وذات التأريخ النضالي المشرف، الذي سطرته مواقفهم المشرفة في الدفاع عن قضايا شعبهم الوطنية ،ووضعهم في مواقع هم اهل لها ، يكون الوطن امانة في اعناقهم ، وبعد احداث الموصل اصبح الوضع لا يقبل التأجيل والتأويل .
_ اشراك جميع القوى الوطنية الديمقراطية التي تهمها مصلحة الوطن والمواطن، ووضع الامور في نصابها الحقيقي، والاستماع الى ملاحظات الشعب ووضعه في الصورة الحقيقية لمجريات الاحداث قبل حدوثها ليأخذ الاحتياط لمجابهتها، فالشعب العراقي يريد وحدة وطنية لوطنيين مخلصين ، لا وحدة هشة تقودهم اليها مصالحهم، سرعان ما تنتهي في اول منعطف حاد ،وتنقلب على مواثيقها يأخذها المد للجرف الاخر المعادي للعملية السياسية والديمقراطية .
_ تحالف ستراتيجي للقوى الوطنية الديمقراطية ، يؤسس لدولة العدالة والديمقراطية والمواطنة ، يجسد ارادة الشعب العراقي ، المتصيدين في الماء العكر، ويقف تطاولهم على هيبة الدولة بهدف اضعافها .
ان التنسيق بين القوى الوطنية الديمقراطية المؤمنة حقاُ بالعملية السياسية ،كفيل بدفعها الى الامام لتحقيق اهدافها وتعميق مسيرتها الديمقراطية ، ويعني التنسيق الستراتيجي تعميق الثقة بين هذه القوى الوطنية الديمقراطية ، وسد الابواب امام حلف الارهابيين واصدقائهم من قوى الردة .
_ اثبتت الاحداث الاخيرة بأن الكادحين والفقراء هم السياج الواقي للوطن وحصنه الذي على قوته تتحطم جميع مناورات اعداء الديمقراطية، لذلك حان الوقت بتوفير مطاليب الجماهير والعمل على متابعة تنفيذها ومحاسبة المقصرين في ايلام المواطنين وايذائهم، واصدار قوانين لمصلحة الكادحين والفقراء تحمي حياتهم وتسعد عوائلهم ، لان اعداء الكادحين من المواطنين هم اعداء الوطن والعملية السياسية ، وهذا التوجه هو من يوجد لحمة وطنية قوية منيعة بين الحكومة والمواطن تتصدى للعدو الداخلي والخارجي ، اما غير ذلك والبقاء في خوف من الشعب وعدم مصارحته وتحقيق مطاليبه، سيشجع الاعداء ويسهل مهامهم التدميرية .
ان الحياة مدرسة كبيرة وخير القادة من يضع ما تعلمه في خدمة شعبه ووطنه ، اما بغير ذلك فستلعنه الحياة والتأريخ .
__ الطلاق مع نظام المحاصصة اس البلاء ومكمن الخطر والتوجه الجاد الى المشروع الوطني الديمقراطي الذي يضع المواطن في اول اولوياته دون النظر الى شكله ودينه وقوميته ، بل الى ما يقدمه كمواطن للوطن والشعب .
والدرس الاخير في الموصل جاء ليفصم ظهر نظام المحاصصة الطائفي القومي ويؤكد عدم صحته ، لا بل هو المسبب في كل المآسي التي يعاني منها الشعب العراقي .