انتهاء حرب الثماني سنوات 88.8.8 / طه رشيد

في هذا اليوم 8 / 8 / 1988، كنت اعمل بائعا للورد في الحي اللاتيني في باريس .. كانت الساعة قد تجاوزت السابعة والنصف بقليل من مساء ذلك اليوم حين دخلت مطعما كان مديره عراقي مبعوثا في دورة بحرية ورفض العودة للوطن خوفا من الحرب لا معارضة للنظام!!
ما ان رآني حتى دعاني للاقتراب منه وقال فرحا : انتهت الحرب..
لم اصدق فقال لي استمع للاخبار:
كانت موجة الراديو بجانبه تبث اخبار المساء من محطة اذاعة الشرق في باريس وبدء المراسل من بغداد ينقل صورة فرح الناس بالمناسبة وقد خرجوا في الشوارع وعلى نهر دجلة يغنون ويصفقون ويعزفون اغانيهم لاول مرة بعد تلك السنوات العجاف السوداء مستخدمين كل ما وقع بين ايديهم - وهكذا كان وصف المراسل - من صحون وطناجر..
لم افرح منذ تركت العراق قبل عشر سنوات (تركت الوطن في 8/8/ 1978) كما فرحت في تلك اللحظة ..ترقرقت عيني بالدموع وشعرت بانني في عيد حقيقي وكنت عبر الامواج اركض مع الناس في الشوارع متحسسا مدى كرههم للحرب ولمن اشعلها واغرق الوطن بالدم طيلة تلك السنوات ..كنت احس كراهيتهم للحرب وحبهم للسلام ..
اليوم ما زلنا ندفع فاتورة تلك الحرب التي ادت لحروب اخرى اكثر غباء ..
لكي تكون ايامنا اعيادا حقيقية لابد ان نتذكر الشعارات التي يجب ان نناضل من اجل تحقيقها دوما اذا ما اردنا ان نعيش بطمأنينة : لا للحرب .لا للدكتاتورية .ونضيف اليوم: لا للطائفية . لا للمحاصصة .لا للفساد الاداري والمالي . لا للانقلابات . لا للارهاب . لا لداعش . لا للتقاتل من اجل الكراسي. لا للصقة جونسون!
ونعم (نرفعها كبيرة) لدولة تحترم مواطنيها وخياراتهم في العمل وتكافؤ الفرص وحقهم في العيش الكريم. نعم لحقهم في التظاهر والاحتجاج . نعم لاحترام خياراتهم بالانتخابات . نعم للسلاح بيد الدولة . نعم لجيش قوي يأتمر للوطن ومن اجل الوطن. نعم لدولة مدنية قوية تستطيع ان تحقق الشعار الذي لو طبق لضمنا السلام والأمان، الا وهو « الدين لله والوطن للجميع «!