ولاءكم للطائفة والدولار افقدكم الولاء للوطن / حيدر سعيد

اعتمد نظام الدكتاتورية الفاشية الساقط الولاء لحزب البعث في بداية سيطرته على الحكم ثم تدرج الولاء ليتحدد بشخص صدام الذي اصبح وحده هو معيار مواطنة المواطن !! .وبعد سقوط هذا النظام الدكتاتوري بصنمه ،الذي استقبلته الجماهير بفرح غامر وسعادة لا توصف ، متأملة بان القادم سيكون نظاماً اكثر قربا من المواطن وهمومه ومشاكله ويعمل على جعل المواطن العراقي القيمة الاكثر اهمية من اية قيمة اخرى ،لكن مسيرة النظام السياسي المبني على المحاصصة الذي جاء بعد سقوط الدكتاتورية ،لم يخرج من موروث ثقافة الولاءات ،فاعتمد الطائفية والقومية اساس الولاء للوطن !! وطورها بتقسيم الوطن الى حصص ومغانم ! تدر على كتل النظام السياسي التي لم تعرف للاكتفاء الذاتي حدا ،وبذلك بدأت بتمزيق النسيج الوطني وتغييب تأثيره في الشارع العراقي ليتقدم الولاء للطائفة والقومية والعشيرة ، ويأخذ المساحة الاكبر والاخطر على امن وسلامة المواطن العراقي ، وهذا ما تحقق لاحقا اذ اصبح الولاء للوطن ضعيفاً جداً اذا لم نقل في عداد الاموات ،وبذلك ترك هذا النظام السياسي الباب مفتوحاً لمن يشهر ولاءه الطائفي لهذه الطائفة او تلك ، دون ان يكون لمبدا المواطنة نصيبا في التقسيم ، ومن هنا جاء القول السديد ( من دخل بيت ابي سفيان فهو آمن ) بمعنى المتحكم بمصير الناس الولاء الطائفي ، وفي ظل هذه الولاءات الفرعية التي اعتمدها النظام السياسي الجديد اساسا لنهجه بدل الولاء للوطن ، بدأ الضعف والتراجع يصيب المجتمع العراقي ويهز كيانه ووحدته ، مما سهُل دخول المتلونين والطارئين على السياسة والغير نزيهين وغير المخلصين لهذا الوطن الى مؤسسات الدولة متسلقين حيث مصدر القرار، ليدفعوا بالوطن الى الهاوية من جراء سلوكهم الطائفي القومي المسيس ، مهتمين بمصالحهم الذاتية على حساب مصلحة الشعب والوطن ، من هنا دخل الارهاب متمثلاً بداعش وحلفائه ، بعد ان لعب على وتر الطائفية موظفا اياها لخدمة مشروعه الاجرامي ، مستفيدا من غياب مبدا المواطنة وما يشكله من اهمية في توحيد ارادة الشعب وقوته ، ولم يقف الحال عند هذا الحد بل استمر نظام كتل المحاصصة في نهب وسرقة المال العام وتدمير اقتصاد البلد وشعبه، متخذا من الدولار كعبته التي يحج اليها، مدخلا البلاد في دوامة العنف والفوضى والصراع على السلطة والمغانم، غير آبها بما وصلت اليه الامور، وما اصاب ابناء الشعب من كوارث وويلات ومجاعة وحرمان من ابسط حقوق المواطنة، الا وهو توفير الكهرباء والماء الصالح للشرب والصحة وتشغيل الاف العاطلين من الخريجين الشباب التي تفتخر الامم بهم لما يمتلكوه من طاقات وإمكانات يمكن الاستفادة منها وتوظيفها في خدمة البلد ، لكن النتيجة المنطقية لنهج نظام المحاصصة يقول غير ذلك ، والتجربة غنية لفترة الاثني عشر سنة من وجود هذا النظام .
ان انتشار الفساد والسرقة ونهب المال العام الذي اصاب مقتلا من جسم مؤسسات الدولة بشكل عام ، والتي لم تترك مجالاً امام الشعب العراقي الا الخروج الى الشارع ليقول لنظام كتل الفساد ارفعوا ايديكم عن المال العام ، كفى سرقة ، كفى تجويع الكادحين ، كفى تسلط الفاسدين ، كفاكم ولاء للطائفة والدولار على حساب الولاء للوطن والمواطن ، تطهيراً للقضاء من أدوات الشطرنج، التي يحركها المتنفذون حسب الوجهة التي يريدون .
ان من لم يحفظ هذا الدرس البليغ الذي هتفت حناجر المتظاهرين به في ساحات النضال ، ولخصته شعاراتهم ودعمته المرجعية الرشيدة مؤكدة على نبذ المحاصصة الطائفية وتطهير مؤسسات الدولة وفي مقدمتها المؤسسة القضائية ، فهو يحكم على مبادراته الاصلاحية بالفشل ، فأصحاب السحت الحرام( بالدولار)!! يتحينون الفرص وهي سانحة بوجود الحيتان الكبيرة على راس المؤسسات ولن يطالها التغيير، ومواجهتهم تتم من خلال احلال البديل السياسي الذي يجعل الولاء للوطن قبل الولاء للطائفة والدولار !!