الإصلاح في مجال الخدمة المدنية / هادي الطائي

يدور الحديث هذه الأيام عن الإصلاح والتغيير وعن مدى الحاجة إليه وعن ضرورته ومدياته وإبعاده وهل هو إصلاح جذري وعملي وشامل وجوهري أم جزئي وشكلي وفوقي؟
يؤكد الكثير من الكتاب والمفكرين والسياسيين بان الإصلاح لم يعد وجهة نظر وإنما أصبح ضرورة واستحقاقا سياسيا، يتطلب تغييراً حقيقياً ينطلق من رؤيا متكاملة ذات إبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وأمنية. اضافة إلى كونها إدارية لأنه لم يعد بالإمكان الاستمرار في إدارة الأمور كما كان في السابق، ونود في هذه المناسبة الحديث عن الإصلاح في مجال الخدمة المدنية.
ان الإصلاح الإداري هو مشروع شامل يتضمن ثلاثة محاور أساسية هي: إصلاح الخدمة المدنية وإدارة السياسات العامة الوطنية والإدارة اللا مركزية. هذه المواضيع مترابطة كل منها يكمل الآخر وان كل محور من هذه المحاور يتضمن عددا من الفقرات.
ما يهمنا الآن هو المحور الأساسي من محاور الإصلاح الإداري وهو " إصلاح الخدمة المدنية " وقبل البدء يتناول الموضوع يجب أن نشير إلى الفقرات الأساسية التي يتكون منها هذا المحور وهي:
• مجلس الخدمة الاتحادي.
• مجلس الخدمة المدنية في المحافظات.
• معهد الخدمة المدنية.
• إدارة الموارد البشرية في الوزارات والمحافظات.
• قواعد القوى العاملة.
إن الركيزة الأساسية رقم واحد في برنامج إصلاح الخدمة المدنية هو قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي، الذي مر على تشريعه أكثر من سبع سنوات ولم يتم تفعليه بسبب نهج المحاصصة الطائفية ورفض وتسويف ومماطلة الكثير من القوى المتنفذة لأنه يتعارض مع رغباتهم ويقوض مراكزهم التي اعتلوها من دون كفاءة.
وأصبح عصياً على الدولة انجاز مشروع الإصلاح خاصة بعد أن تسلقت قيادات غير كفوءة إدارة الموارد البشرية وعجزت عن معالجة ابسط القضايا التي تهم الموارد البشرية، وبالتالي أصبح هناك تباين كبير جدا في سياسات الموارد البشرية بين وزارة وأخرى وكذلك في داخل الوزارة الواحدة وبين مفاصلها.
وبناء على هذا الوضع للوظيفة العامة أصبحت عملية الإصلاح ضرورية وليس اختيارية خاصة وان الدستور العراقي في المادة (107) منه، نص على ضرورة القيام بإصلاح الخدمة المدنية وإنشاء مجلس خدمة يتولى شؤون الوظيفة العامة بما فيها اصدار التعليمات والنظم ووصف وتصنيف الوظائف وتقييم الأداء وتدريب الموارد البشرية.
ومن أهداف برنامج إصلاح الخدمة المدنية، خلق نظام خدمة مدنية، مهني، فعال وشفاف يقوم على أساس الاستحقاق ويمثل المجتمع العراقي الديمقراطي الجديد بمختلف الأجناس والأعراق. وتنفيذاً لإرادة الشعب وجماهير المتظاهرين ينبغي الإسراع في عملية الإصلاح على أساس استبعاد نهج المحاصصة وتعزيز نهج الكفاءة والنزاهة والمواطنة وبالدرجة الاولى الإسراع في تطبيق قانون مجلس الخدمة والانطلاق بالإصلاح من الواقع العراقي الملموس والإفادة من التجارب العالمية بعيدا عن الأهواء والمزاجية والشخصية في إعادة هيكلة الوزارات وغيرها من المؤسسات وفي دمجها مع بعضها او إلغاء واحدة واستحداث أخرى.
ويجب أن تتم العملية بالتشاور الجاد مع ذوي الرأي الحصيف والوطني. وينبغي اتخاذ التدابير التي تحول دون التفريط بالقوى والطاقات والكفاءات، بل على العكس ينبغي أن نحسن إعادة توزيعها وتوظيفها لخدمة المجتمع والبلاد.
وأخيرا يجب الالتفات إلى الكفاءات والمواهب العراقية الكثيرة المنتشرة في بلدان العالم المختلفة، وتأمين التسهيلات التي تشجع عودتها والاستفادة من خبراتها في تحديث أجهزة الدولة وتطوير إدامتها.