ظروف مبهمة وراء ارتفاع حالات انتحارالنساء في ذي قار

ذي قار – وكالات

أخبرتها المعلمة أن مستواها الدراسي لهذا العام لم يكن جيدا قياسا بالاعوام السابقة، وعلى إدارة المدرسة أن تخبر والدها بتدني درجاتها بشكل عام، وبعد أن علم الأب بتدني درجات ابنته نجاة، لم يخفِ غضبه وانهال عليها بالسب والشتم أمام صديقاتها، صمتت الفتاة في وقتها وبعد وصولها للمنزل، أغلقت باب الحمام عليها وأحرقت نفسها..
نجاة محمد، البالغة من العمر 17 سنة، طالبة في الصف الخامس الإعدادي تنتمي لعائلة تتكون من خمسة أفراد، تميزت عن قريناتها بالجد والنجاح المستمر، إحدى صديقاتها وتدعى حنين علي، تقول "نجاة كانت من الطالبات المتفوقات في المدرسة، فأنا أعرفها منذ الدراسة الابتدائية، ولم تكن لديها مشاكل مع أي شخص إطلاقا، وتضيف في حديثها، أن "نجاة في أيامها الأخيرة بدت مضطربة ولا تخبرني بأي شيء، رغم أنني الصديقة المقربة منها، كما أن مستواها الدراسي بدا ينخفض باستمرار، وأحيانا تتغيب عن المدرسة بحجة المرض، مبينة "انتحارها كان صدمة بالنسبة لي، إذ لم أتوقع أبدا أن تصل لهذه المرحلة من اليأس والانهيار.
محافظة ذي قار لم تعلن أو تعقد أي مؤتمر خاص بانتحار النساء، وسبل معالجة هذه الظاهرة، لما لها من خصوصية عادة ، وربما قد تثير الكثير من التحفظات والحساسيات الاجتماعية خاصة في مجتمعات يغلب عليها الطابع العشائري كمحافظة ذي قار. لكن الدائرة الإعلامية التابعة لقيادة الشرطة، ذكرت، أنه في العام 2012 تم تسجيل 12 حالة انتحار للنساء، وفي العام الماضي ارتفع عدد الحالات إلى 14 حالة، أما العام الحالي فقد شهد لغاية الآن، انتحار ثمان نساء.
خلال السنوات الثلاث الماضية، نظمت قيادة الشرطة مؤتمرات عامة بالتعاون مع محكمة استئناف ذي قار، حول تقييم الواقع الجنائي والأمني، سلطت الضوء فيها بشكل عام على ظاهرة الانتحار وكيفية وضع حلول لها.
نجاة، هي واحدة من بين كثيرات أقدمن على إنهاء حياتهن بطريقة مؤسفة، كذلك " ليلى جهاد" هي الأخرى أحرقت نفسها في ظروف غامضة ولا أحد يعرف سبب إقدامها على الانتحار، نهاد وفاطمة، وجدت جثتيهما قرب أحد أنهر نواحي ذي قار، والأسباب مجهولة أيضاً.
الطبيب النفسي أحمد حسين، يقول إن "هنالك نقطتين مهمتين بالنسبة للحالة التي يصل اليها المنتحر، وهي أما اكتئاب بيولوجي يولد أفكارا جنونية، وهذا مرض نفسي من الممكن علاجه من خلال عدة جلسات يتم تنظيمها بشكل دوري، والنقطة الثانية لأسباب اجتماعية تحتاج إلى جلسات إرشادية مستمرة وحسب درجة الخطورة.
الناشطة المدنية شذى القيسي، تقول: باعتقادي أن حالات الانتحار منتشرة في معظم محافظات العراق، لكن يبدو أن وسائل الإعلام في محافظتنا أنشط من المحافظات الأخرى في نقل الوقائع الاجتماعية وغيرها، مضيفة أن "حالات الانتحار في تزايد مستمر، لكن المستغرب أن بعض هذه الحالات هي قتل تحت مسمى غسل العار أو مزاحمة الأخت في الميراث ، ولفتت القيسي إلى أن "المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي يعاني منها المجتمع الجنوبي هي أحد الأسباب الرئيسة للانتحار، إضافة إلى البطالة وتعاطي المخدرات وحبوب الهلوسة والإصابة بالاكتئاب، وأيضا المشاكل الدراسية وحالات الرسوب، تسببت بانتحار بعض الشباب من كلا الجنسين.
الناشط المدني محمد سالم، يقول : بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني في ذي قار، لم أجدها قد اهتمت أو ناقشت قضايا انتحار النساء، حتى المنظمات المعنية بحقوق المرأة، لم أجدها يوما ما قد اهتمت بهذه الظاهرة، موضحا أنه "ربما بسبب البيئة الاجتماعية والتخوف من طرح هذه المواضيع.
ويشكك سالم في الأرقام التي تعلنها الجهات الرسمية بخصوص ظاهرة انتحار النساء، مبينا أن ،هناك مشكلة كبيرة أخرى نواجهها، وهي جرائم غسل العار التي تنتشر بشكل واسع في المحافظة، لكن في الأغلب تدون على أنها حالة انتحار. وتابع أنه : لكي نتخلص من هذه الظاهرة، يجب تأسيس مراكز تأهيل عدة، وتفعيل دور المرشد التربوي في المدارس، والباحث الاجتماعي والنفسي في المؤسسات الصحية، وإشراك وسائل الإعلام في حملات التوعية، من خلال تسليط الضوء على العنف ضد المرأة، وتفعيل دورها في المجتمع وجعلها تشعر أنها جزء حيوي ومهم فيه، ولا يجب تهميشها أو إقصائها".
و اخيرا يشير مختصون الى ان انشغال أولياء الأمور بقضايا ومشاكل واهتمامات أخرى، أبعدتهم عن التواصل مع أبنائهم وبناتهم، في ظل غياب المراكز الاجتماعية والرياضية والعلمية الخاصة بالشباب، فضلا عن التطرف الديني، كل هذه المعطيات أدت إلى ارتفاع نسب حالات الانتحار.