ابو رشدي صالح البديري
"المرأة في عيوننا.. أجمل شيء بالكون"
زهير الدجيلي
نشرت صحيفة البرافدا الروسية مقالا طويلا للرفيق الخالد لينين بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة اكتوبر المجيدة عام 1921، اقتطف منه بعض ما ورد "لم يعد عندنا في روسيا الاساس المادي للانكار السيئ الصيت لحقوق المرأة او عدم المساواة بين الجنسين، هذه البقايا البغيضة من الاقطاع ومن عهود القرون الوسطى، التي أنُعشت من قبل البرجوازية الجشعة، ومن قبل البرجوازية الصغيرة المذعورة، في كل بلدان العالم بدون استثناء".
لقد آمن لينين أيمانا مطلقاً بالإنسان وبقدراته الخلاقة، بخاصة الانسان الواعي والمدرك لسمو صفاته الإنسانية، والتي سوف تنعكس بنظرته تجاه المرأة، أولا باعتبارها انساناً قبل كل شيء، وثانيا بانها الأم التي تهب الحياة وترعاها، وبالنهاية ستشكل الطرف القوي المتماسك في المجتمع ككل، على الرغم من انها استضعفت واضطهدت خلال عصور طويلة من تاريخ البشرية.
وبالارتكاز الى صواب المبدأ وصلابة الايمان بالفكر فقد شن هذا العبقري حرباً فكرية لا هوادة فيها ضد الأفكار الرجعية البالية، التي تقف بالضد مع تمتع المرأة لكامل حقوقها الانسانية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية،ومساواتها بكافة مجالات الحياة. لذا اتخذ موقفا حازما هدفه الاساس الكشف عن حقيقة هذه الافكار الرجعية وجوهرها، ومن جانب اخر حارب كل الافكار والمفاهيم البرجوازية الاباحية والمتحللة التي انتشرت وتنتشر تحت شعارات براقة زائفة من اجل الاستهانة والتقليل من قضية تحرر المرأة، كما اوضح الخالد لينين بكل جلاء المفهوم الطبقي الواقعي لتحرير المرأة باعتبارها انساناً قبل كل شيء ومؤكداً ان تحريرها الاقتصادي هو مفتاح اكتسابها لحقوقها الانسانية المشروعة في داخل العائلة والمجتمع والعمل. بالاضافة الى تأكيداته التي تخص الشأن نفسه، وبان جذور الافكار الرجعية المناهضة لمساواة الجنسين تنبع من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية لنظامي الرق والاقطاع، وحيث ما تزال هناك بقايا لهذه العلاقات الانتاجية في اي مجتمع كان، فأنها ستصبح الاساس المادي للأفكار الرجعية ضد قضية المرأة بل وفي كل المجتمعات التي تسودها العلاقات الانتاجية الرأسمالية.
اسوق هذه المقدمة التي لابد منها للوقوف بكل ضوح وجلاء على عطاء المرأة بصورة عامة وبالأخص نضال المرأة العراقية، طوال سنوات من العهد الملكي، ومناصرتها لثورة تموز وتحقيق بعض المكتسبات التي تحتسب لصالح المرأة في عهد الثورة، وما بعدها من حصول الانكسارات التي اصابت قضية المرأة ونضالها المتواصل من اجل تحقيق هدفها بعد انتكاسة ثورة تموز ايام الردة السوداء في شباط عام 1963، وما تلاها من سنوات العسف والمطاردات والتنكيل والسجون بعد عودة البعث الفاشي في تموز عام 1968، او بعد انهيار الجبهة في عام 1978، وعقد الثمانين والتسعين من القرن الماضي.
كان يوم السابع من حزيران عام 2014 في قاعة جمعية الثقافة للجميع الواقعة بمدينة بغداد العاصمة يوماً مشهوداً وحافلاً بشهادات قدمتها الشيوعيات الرائدات، عن صور وملاحم لمآسي ومحن مررن بها، سواءً بسبب اعتقال او استشهاد الاب او الزوج او الاخ او الابن، او بسبب ما طالهن من عسف وتعدي على ايدي جلاوزة البعث الفاشي. كانت الشهادات تؤكد ان ظروف الاعتقالات والتعسف ايام نوري السعيد اهون بكثير من ظلم مجرمي صدام وأعوانه ودوائر آمنه ومخابراته العلنية والسرية والتي كانت اقرب الى الكوابيس منها الى الواقع.
قناديل من صور الشهيدات تزدان بها الباحة الخارجية للجمعية ( ضويه مهاجر، هدية الركابي، جميلة محمد، تغريد البير، موناليزا أمين شهيد (انسام)، انتصار خضير، ثائرة بطرس، سهيلة عبد القادر) والقائمة تطول.
تحية لكن ايها الرائدات المبجلات وقد عشتن زمن الخسارات والفواجع والضياع وتحية لمن تعيش زمن المرارة والديمقراطية العرجاء والخراب والتزوير وفرض الإرادات ولغة الاقوياء.. كل الفخر للمرأة العراقية المناضلة التي تواصل النضال من اجل العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد البعيد عن الطائفية والتعصب.