تجسد حلم المرأة العراقية بحقيقة ملموسة يوم الرابع عشر من تموز العام 1958 واعلان الجمهورية، اذ شاركت وساندت المرأة ثورتها ، ثورة الشعب والجيش ضد الظلم والتهميش الذي طالها ابان النظام الملكي المباد ، و شكلت قوة مهمة في الحركة السياسية لمؤازرة الأحزاب الوطنية بنضالها ضد الاستعمار من أجل استقلال العراق.
كان اعلان الثورة التحررية بمثابة اعلان تحرر المرأة من قيد العبودية، للانطلاق يدا بيد مع اخيها الرجل في دروب بناء مستقبل البلد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الزاهر، فكللت مسيرتها بانجاز اعتبر منجزا متطورا قياسا بالدول العربية ولغاية يومنا هذا، وهو قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، الى جانب استيزار امرأة عراقية هي " نزيهة الدليمي " في تشكيلة الحكومة الفتية، وقد جرت محاولات عديدة ايام الحكم الدكتاتوري المباد وبعد عام 2003 للالتفات الى مكسب المرأة الوحيد، عبر طرح مشاريع لقوانين "مدنية" مجحفة لا تنسجم م? المواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوقها.
هذه المحاولات ليست بالساذجة او الساعية لمداراة حقوق المرأة، بل ان هدفها هو تعطيل وشل النصف الثاني من المجتمع، عبر تشريع قوانين ترجعها القهقرى، للنيل من كرامتها واهدارها وبالتالي ايقاف عجلة تطور البلاد عن التقدم بإصابة لولب المجتمع العراقي وباني وواهب اجياله الحياة، الا وهي المرأة.
لقد اعطت ثورة تموز زخما معنويا وماديا كبيرا للمرأة، فنشطت المنظمات النسوية منها رابطة المرأة العراقية باستقطاب آلاف النساء ضمن صفوفها للدفاع عن حقوقهن القانونية والمجتمعية وحق التعليم والعمل، حتى وصل عددهن حوالي اربعين الف رابطية عام 1959. وتمكنّ من اثبات جدارتهن على المستوى الاقليمي والعالمي.
كانت المرأة صلبة الإرادة ، مؤمنة وواثقة بثورتها، لذا لم تخن العهد وواصلت النضال عبر التمسك بمنجزاتها الكبيرة، فأخذت نصيبها من القمع والاضطهاد ايام الانتكاسة في شباط عام 1963، واحتلت الصدارة باقدامها وتضحيتها فكانت اسطورة في الاقدام والتحدي، ورغم التنكيل والمطاردات والاعتقالات التي طالت المرأة العراقية لكنها استطاعت من الوثوب مرة اخرى.
واليوم يتكرر سيناريو الاجرام والظلم بحق المرأة العراقية متمثلا بعناصر داعش الاجرامية، التي استباحت مدنا ونساء، ودمرت وقتلت وهجرت عوائل، وشرعت قانونا يحرم خروج المرأة من منزلها، ويحق بجلدها وقتلها لأتفه الاسباب، وهذا دليل لا لبس فيه على ان مكانة المرأة كبيرة مهما حاول الاقزام اذلالها، وقوة المجتمع نابعة من قوتها، وما هي الا وسائل للسيطرة على منابع القوة عبر تصغير وتحجيم مكامن قوة المجتمع.
لا يسعنا في مناسبة ذكرى ثورة تموز المجيدة ، كـ " نساء " الا لنستمد القوة والعزم و الارادة من ثورة الشعب، و لتسطع شمس تموز من اجل تغيير واقعي و حقيقي لواقع المرأة في البلد، ولنطالب بمساعدات اكثر للمرأة المهجرة، وشمول الارامل و الايتام والمطلقات برواتب تكفيهن ذل السؤال، ولنخلد شهيدات الوطن والحرية عبر انصافهن وتكريمهن هن و عوائلهن. فالمرأة العراقية رمز العنفوان والكرامة..