النشاط المدرسي.. رؤى ومقترحات

حسين علي ناصر
دأبت معظم مدارسنا في بدء العام الدراسي الجديد أن تضع هيكلية وآلية العمل لرسم برنامجها في المجال التربوي والعلمي , وهذا يتم من خلال تشكيل اللجان ذات الاختصاصات المتنوعة التي تكون بدورها عاملاً خلاقاً في الإبداع وتهيئة الأجواء الصحية لنمو المهارات والهوايات الكامنة لدى التلاميذ.
وقد لعبت هذه اللجان إذا أحسن اختيار العناصر الكفوءة والمثقفة والمتنورة من زملائنا وزميلاتنا الذين أدوا دورهم بأمانة واخلاص ونكران ذات , فهذه اللجان تؤدي دورها اذا تضافرت جهود المخلصين من أعضاء الهيئة التعليمية والمؤسسات التربوية , فنلاحظ بروز الرموز والقامات الأدبية والعلمية على مستوى القطر والعالم , والفضل في ذلك للتخطيط السليم لهذه اللجان ولعائلة التلميذ التي تهيئ البيئة الجيدة له وتقديم مستلزمات التفوق . ان النشاطات المدرسية تحبب للتلميذ ممارسة رغبته في التعلم والتزود بالمعارف التي تخلق منه مواطناً واعياً يساهم في بناء مجتمعه ووطنه وهذا الهدف النبيل الذي تتطلع اليه مدارسنا , فالنشاط المدرسي يتم من خلال عمل هذه اللجان بعلمية ومسؤولية تربوية .
أنواع اللجان :
1- اللجنة الثقافية :
أ- النشرات المدرسية : تزويد التلميذ بالمعارف المتنوعة وتشجيعه على المطالعة حيث يجد الحكمة البليغة والمعلومة العلمية والنكتة الهادفة ويجب أن يكون للتلميذ دور في المساهمة وكانت جدران مدارسنا تطرزها هذه النشرات بألوانها الزاهية وموضوعاتها المتنوعة .
ب- الخطابة : تدريب التلاميذ على قراءة الموضوع بشكل جيد وسليم من حيث الكتابة والنحو وخلق الشجاعة الأدبية في مواجهة الآخرين .
2- لجنة الفنون الجميلة :
التي تشمل الرسم والخط والمسرح ويتم ذلك من خلال الأهتمام
أ- بمادة التربية الفنية وعدم التفريط بأهميتها لأن التلميذ يجد المتعة والمنفعة في هذه المادة والتمتع بأجواء الحرية لممارسة هوايته , وكم من طفل أخذ بيده وصقلت موهبته وأصبح فناناً يشار اليه بالبنان كالرمز والقامة العراقية الفنية طيب الذكر الفنان الراحل جواد سليم وآخرين.
ب- الخط : هذا الفن الجميل الذي يؤدي المعلم المختص في صقل موهبة ورغبة التلميذ لتدريبه على ممارسة هذا الفن وكم من خطاط كان لمعلم الخط دوره في خلق جيل من الخطاطين .
ج  المسرح : قيل اعطني مسرحاً وخبزاً أعطك شعباً مثقفاً .
للمسرح دور تربوي وترفيهي في حياة الشعب من خلال عرض مسرحيات هادفة ذات مدلول انساني فكانت مدارسنا تنشئ المسرح باصطفاف الرحلات والستائر وتدريب التلاميذ على حفظ النص المراد تمثيله بإشراف وإرشاد معلم الفنية وأخرج من معطفه كثيراً من المسرحيين الذين برزوا واحتلوا مكاناً لائقاً ومرموقاً على مستوى البلد والمحيط الدولي كالفنان يوسف العاني وخليل شوقي والفنانتان المتألقتان الراحلة زينب وناهدة الرماح، نتمنى لها العمر المديد وآخرين وأخريات.
د- النشيد والموسيقا :
في بدء الدوام المدرسي يصطف التلاميذ في ساحة المدرسة لينشدوا أحد الأناشيد التي حفظوها ذات الأتجاه الوطني أو الأجتماعي لأحياء النشاط في نفوسهم وتدربهم على الإنشاد الجماعي .
أما الموسيقا :
قيل : اذا أردت أن تعرف تقدم أي شعب فاسمع موسيقاه، وتستعمل الموسيقا كعلاج لبعض الأمراض، ويقال ان الأبقار عندما تستمع لأنغام الموسيقا تدر حليبها سريعاً . وأما وجودها في المدرسة فإنها تنمي وتربي إحساس التلاميذ وتنمي لديهم التذوق الفني .
2- لجنة العلوم :
أن الأمم والشعوب تتقدم بالعلم وبواسطته حلت كثير من الإشكالات التي تعتري حياتنا، كما ساهم العلم في صنع آلات وأدوات ساهمت في جعل الإنسان يعيش حياة مملوءة بوسائل الترفيه والمعرفة , وتساهم لجنة العلوم في خلق وغرس وعي علمي لدى التلاميذ من خلال النشرات ذات المدلول العلمي والمجلات العلمية المبسطة، وكذلك عرض الأفلام ذات المحتوى العلمي تشويقاً لهم على حب العلم، ولا ننسى دور معلم مادة العلوم في ممارسة بعض التجارب العلمية البسيطة في مختبر المدرسة التي مع الأسف الشديد ان معظم مدارسنا تشكو من عدم وجود هذه الورش العلمية كي تساهم في ترسيخ المواد العلمية في ذهن التلاميذ، كما يجد فسحة من التأمل و التفكير، ولا ننسى دور السفرات العلمية كمشاهدة تصفية المياه الصالحة للشرب تدعيما لمنهجهم الدراسي والمتحف الطبيعي والتأريخي والقبة الفلكية ان وجدت في مدينتهم هذه الفعاليات كلها دور ايجابي ومهم في تنمية عقول التلاميذ، ونجعلهم محبين للعلم، ولا ننسى العالم العراقي الفذ الراحل عبد الجبار عبدالله الذي كان للمدرسة ومعلم مادة العلوم التي صقلت ونمت موهبته حيث يفتخر به العالم قبل وطنه .
وكذلك المجسمات لأعضاء جسم الإنسان كالقلب والرئتين وبقية الأجزاء ليطلع التلميذ على أعضاء جسمه .
4- لجنة الرياضة : العقل السليم في الجسم السليم :
الأهتمام بدرس الرياضة من خلال تعيين معلم اختصاص لهذه المادة المهمة في حياة شعوب الأمم المتحضرة حيث التخطيط السليم بممارسة التمارين والألعاب الرياضية بتجهيز التلاميذ بالمستلزمات الرياضية وتكوبن فرق لممارسة لعبة كرة القدم والسلة والطائرة والمنضدة وتدريب التلاميذ على ممارسة الركض لمسافات قصيرة او طويلة وكانت محلات اشتهرت بلعبة كرة القدم وأخرى بكرة السلة واخرى بكرة الطائرة وخاصة في الأرياف. ودرس الرياضة محبوب مشوق للتلاميذ حيث يجدون الراحة والحرية بعيدا عن الدروس العلمية الجادة , ولا ننسى بطلنا الأولمبي طيب الذكر الراحل عبد الواحد عزيز التي احتل مكاناً مرموقا على المستوى العالمي الآسيوي، وكانت مدارسنا مصنعاً للأبطال، كم بطلاً تخرج وكان للمدرسة الكأس المعلى في خلق جيل من الأبطال، وكانت الفرق الرياضية في تسابق للفوز بكأس البطولة؟ أهملنا الرياضة لأسباب معروفة لا تغيب عن بال الاختصاصيين في مجال الرياضة لنعيد الروح الى مؤسساتنا التربوية في خلق جيل رياضي متنور
5- لجنة الحديقة المدرسية والبستنة:
أهمية هذه اللجنة في تطبيق مفردات المنهج لمادة الزراعة على بساط الواقع . ونظراً لأهمية الحديقة في حياتنا حيث يتمتع الإنسان بالمنظر الجميل للأزهار والأشجار المثمرة التي لها دور في تلطيف البيئة و مكان للدرس والخروج للطبيعة .
6- لجنة الحانوت المدرسي :
وجد الحانوت لسد حاجة التلميذ من القرطاسية وتوفير بعض احتياجاته من أكلات بسيطة وتدريبهم على أسلوب البيع والشراء وغرس روح مبادئ التعاون بينهم، ويجب ان تكون هذه الأشياء التي تباع واطئة الكلفة وليس الأرباح الفاحشة التي تجعل التلاميذ الذين لا يتمكنون من الشراء في وضع نفسي مؤلم . كانت مدارسنا تختار من الهيئة التعليمية معلّماً أو أكثر وتختار بعض التلاميذ ليمارسوا مهنة البيع وحبذا لو وزعت على التلاميذ البائعين بعض الأرباح بالأضافة الى أن رأس المال من التلاميذ ليدر عليهم ربحاً مناسباً لتشجيعهم على الأستثمار مبكراً فيساهموا مستقبلاً في بناء الوطن والأستفادة من الطاقات الوطنية.
أما المدارس الأهلية فيهدف المستثمر الربح فقط على حساب مبادئ التربية
7- لجنة السفرات المدرسية:
اختيار العناصر الكفوءة ومعلم التربية الرياضية مساهم فعال ونشط فيها . للسفرات اهمية تربوية وترفيهية حيث يشعر التلاميذ بجو من الحرية لممارسة بعض الهوايات والألعاب الرياضية والتمتع بممارسة بعض الألعاب خاصة في مدينة الألعاب , حبذا لو عمل تمثيلية مستوحاة من منهجهم الدراسي لبعث المتعة والمسرة في نفوس التلاميذ واختيار مكان بعيد عن الأخطاء ومراقبة التلاميذ اثناء مزاولة بعض الألعاب وان يتحلى المعلم بالصبر والتضحية بوقته لفائدة تلاميذه وبعد تحديد الوقت جمع التلاميذ والأشراف على ركوبهم الحافلات ثم توديعهم الى أهاليهم. والمسؤولية تقع على أعضاء الهيأة التعليمية كافة.
8-لجنة المكتبة المدرسية:
تعتبر هذه اللجنة مهمة جداً في حياة المعلم والتلميذ لدورها التنويري في حب المعرفة والعلم , وان المكتبة المدرسية مركز اشعاع معرفي فعلى معلم العربية بل كل معلم في المدرسة يشجع ويساهم في حب الكتاب في نفوس الناشئة لما للكتاب من دور فعال وايجابي في كسب المعارف الأنسانية النبيلة .
ان وجود مكتبة في المدرسة تساهم في بناء صرح ثقافي وان معظم الأدباء والفنانين والعلماء كان للمدرسة عامة والمكتبة خاصة دور في تحبيب الكتاب لهم فالاستعارة المدرسية ومتابعة امين المكتبة للحفاظ على الكتاب وقراءة محتوياته وكذلك مهمة المدرسة تشجيع التلاميذ عل تكوين مكتبة بيتية بسيطة لهم تحتوي على المجلات الثقافية والعلمية والأدبية البسيطة، تشجعهم مستقبلا على تكوين مكتبات عامرة بمؤلفات متنوعة، وان أوفى صديق هو الكتاب كما قال الشاعر :
أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب
ان غياب النشاط المدرسي وعدم الاهتمام به سبب ما يلي:
1- ضعف الأداء وقلة بروز الرموز والقامات الأدبية والعلمية والفنية.
2- غياب التواصل بين المدرسة والمجتمع.
3- اهمال هذه النشاطات يؤدي الى غلبة النشاط الصفي على النشاط الترويحي.