بين هيفاء الأمين وفاتن حمامة / سهاد ناجي

في خضم الاحداث وما بين جذب القرارات الحكومية التقشفية بسبب انخفاض أسعار النفط عالميا، وشد الارهاب المتمثل بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي هيمن في المناطق المستلبة كالموصل، وفرض أحكاما شرعية على معيشة المواطنين وتداولاتهم التجارية، كما باشر بتنفيذ أحكام الإعدام بحق هذا المواطن او ذاك، ولم تسلم النساء من بطشه بل كان الظلم اكبر عليهن حين فرض نوعية الملابس ومنع خروجهن من بيوتهن، وأخيرا في الايام الماضية نفذ حكم القتل بحق امرأة رفضت الانصياع لجهادهم...
نعم المرأة في الموصل تكابد صنوف الألم والمعاناة وعلى مدار الايام بل على مدى ساعات اليوم الواحد. ولا ننسى معاناة الأمهات والأطفال النازحين في مخيمات العراء المتهرئة، حيث لا ترحمهم برودة ولا الحكومة المنشغلة عنهم بضائقة السيولة النقدية في البلد.. اليس حل هذه الاشكالية بالأمر العسير على حكومة المحاصصة الطائفية والاثنية، فضلا عن التراكمات التي خلفتها الحكومة السابقة نتيجة الفساد والاداري والمالي؟
وفي طرف اخر من العالم العربي، كان الانشغال بوفاة الفنانة فاتن حمامة التي نعتها رئاسة الجمهورية المصرية، ووصفتها بالقامة الفنية المُبدعة، وعرضت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية بعض لقاءات متلفزة سابقة للفنانة. ولفت انتباهي في احدها حين سئلت الراحلة عن التمثيل في مصر ابان حكم ثورة يوليو 1952 قالت بانه كان معيبا، لكن بفضل جديتها واصرارها جعلت التمثيل مهنة جديرة بالاحترام، لأنها مناضلة. قالت: نعم. إنني مناضلة.
وكان آخر ظهور للفنانة في لقاء للرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء حملته الانتخابية، بمجموعة من الفنانين، وحينها نزل من المنصة وتوجه أليها وقبَل يديها..كان ذلك تعبيرا عنفرط الاحترام لنساء البلد باعتبار الفنانة حمامة تمثل نساء مصر.
نعم التقدير والاحترام من قبل الساسة يعني "إشارة لاحترام نساء البلد وأولها من ولدتني".. هكذا يرسل السيسي رسالته للشعب المصري.
واعود الى بلدي العراق لأتكلمَ عن مناضلة محترمة قارعت النظام المباد ورفعت السلاح ضده في صفوف الانصار زاهدةً بالبيت والراحة والدفء فيما كان آخرون ينعمون بالمعيشة الآمنة المريحة، ها هي اليوم تهدد وفي وضح النهار من قبل جماعات مسلحة، في عقر دارها (الناصرية) دون ان يحرك احد ساكنا، حكوميا او مجتمعيا.هذه المناضلة هي (هيفاء الامين) التي حازت على اثني عشر ألف صوت من الناخبين الحقيقيين في الانتخابات الاخيرة وبجهود ذاتية لابواسطة مال سياسي او غيره، وبما يفوق عدد اصوات الكثيرين من نواب البرلمان الحالي، بالرغم من شراءالذمم والأساليب غير القانونية الأخرى.
يحق لي ان استهجن واستنكر لأن هيفاء الامين امرأة تمثل بشخصها نساء البلد المناضلات المحترمات.أليس غريبا ان يُسكت على الفاعلين بحقها دون قصاص، ولا تقوم الدنيا او تقعد، ولا تدول القضية ؟.. و أية رسالة يبعثها المسؤولون بصمتهم المطبق؟
ان ما يتوجب حقا هو إماطة اللثام عن المجرمين ومعاقبتهم فهو جرم لا يقل عما يرتكبه الداعشيون في الموصل، بل اشد، علما ان الداعشيين يعلنون دولتهم جهارا لا من وراء الحجاب كما فعل الذين هددوا هيفاء الأمين.
اخيرا اقول: احترموا نساء بلادنا كما تُحترم النساء في بلاد العالم..لا أكثر.