- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 10 حزيران/يونيو 2015 20:59

أقام التيار الديمقراطي العراقي، أمس الأول الثلاثاء، ندوة نقاشية واسعة في مناسبة مرور عام على اجتياح تنظيم داعش الإرهابي مدينة الموصل.
الندوة التي عقدت في فندق بغداد، تحت شعار (من أجل الوحدة والتضامن لتخليص العراق من عصابات داعش والمتعاونين معها)، حضرها جمهور واسع بينهم شخصيات سياسية ومختصون ونشطاء مدنيون.
وتضمنت الندوة ثلاثة محاور رئيسية، الأول كان "توصيف ظروف ما قبل وأثناء اجتياح الموصل"، الذي قدمت خلاله مداخلات كل من جاسم الحلفي القيادي في التيار الديمقراطي، ومعتز محيي الدين الخبير في قضايا الأمن.
ضرورة معالجة الوضع السياسي
وبدأ جاسم الحلفي مداخلته بطرح سؤالين هما: هل تم استخلاص واستيعاب الدروس السياسية بعد سقوط الموصل؟ وهل تم استيعاب الدرس السياسي؟.. وهل أن انهيار الموصل مفاجئ ومباغت للحكومة وللإطراف الأخرى؟
وقال الحلفي: أن إحدى وسائل الإعلام نشرت معلومات قبل اجتياح الموصل، تشير الى اقتراب المدينة من الانهيار والسقوط المفاجئ بيد جماعات إرهابية، ولكن هذا الخبر الصحفي، جرى تجاهله إضافة إلى المعلومات الواردة للقائد العام والأجهزة الأمنية.
وأضاف الحلفي: لم يكن سقوط الموصل مفاجئاً، وان تداعيات الأزمة الأمنية سوف تستمر برغم الانتصارات التي تحققت في أكثر من جبهة، بسب النظام المأزوم، نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، وان تلك الأزمة سوف تتفاعل وتنعكس على جميع مفاصل الحياة الأخرى، ما لم تتخذ إجراءات جدية.
وأكد الحلفي على ضرورة معالجة الوضع السياسي إلى جانب المعالجة الأمنية والعسكرية، فالجو سياسي مشحون وفيه حالة من التوتر وهي موجودة داخل كل كيان سياسي وفي مقدمتها التحالف الوطني، إضافة إلى أزمة لم تحل بين الاقليم وعلاقته بالحكومة الاتحادية حتى وصلت في حينها إلى التهديد باللجوء إلى السلاح بين الطرفين.
وأوضح الحلفي، عضو المكتب التنفيذي للتيار الديمقراطي، ان تلك التشنجات بين الاطراف والكتل السياسية وفرت ملاذا أمنا للإرهاب والفساد.
الفساد الاداري والمالي أحد الأسباب
من جانبه، قال معتز محيي الدين الخبير في القضايا الأمنية، أنه تمت مناقشة مواضيع مهمة وفي فترات سابقة خلال جلسات حوارية، وكان من تلك النقاشات ما له صلة بمطالب ساحات الاحتجاج في المدن التي تعاني نقصا كاملا في بناها التحتية وخلصنا الى القول أنه اذا لم تتم تلبية مطالب مواطني تلك المدن فسوف تكون العاقبة سيئة ومريرة .
واضاف: ان ما حصل من انهيار في الفلوجة والرمادي والموصل كان له صلة بعدم تلبية مطالب المحتجين ، ولو جرى الالتفات اليها، ولم يجر تجالها، لما وصل الحال الى ما نحن عليه الان.
وفيما أكد عدم وجود منظور إستراتيجي للأمن لدى الحكومة، أشار إلى أن العراق يمتلك قدرات عسكرية كبيرة، كان بإمكانها أن تقود الوضع الأمني في البلد قبل تداعيات الموصل وتكريت والرمادي، ولكن الفساد الاداري والمالي هو من اوصل البلد الى هذه الحالة.
وتساءل محيي الدين: أين وصلنا بالملف الأمني ما بعد احتلال المدن؟ فأجاب: هناك فقط تصريحات بدون واقعية أو رؤيا حقيقية. فقط أصوات تتعالى من دون نظرة إستراتيجية أمنية حقيقية .
مشروع داعش هو تحطيم الدولة
وفي المحور الثاني الذي كان عنوانه "تشخيص المواقف دوليا واقليميا وسياسيا"، تحدث د.عامر حسن فياض عن قوة داعش ومكمنها قائلاً: أن داعش لا تعتمد على القوى الخارجية بقدر ما تعتمد على ضعف العوامل الداخلية.
واضاف: ان داعش تستمد طبيعة قوتها من داخلها وخارجها، وهي تمتلك مشروعاً أكبر من مسألة تتعلق بقتل الشيعي أو المسلم المرتد وإنما هدفها تحطيم فكرة الدولة، مشيراً إلى ان كل من يسهم في تحطيم مؤسسات الدولة هو شريك لداعش.
وقال أن السلوك الذ ي يجب ان نتبعه هو ليس مواجهة عسكرية فقط، وانما يجب مواجهتهم فكريا وسياسياً ايضاً. يجب ان يكون الحسم عراقي من خلال ترميم كافة الفجوات في كافة مفاصل الدولة العراقية.
داعش لا يحارب بالبندقية فقط
أما في المحور الثالث فقد تحدث اللواء عبد الكريم خلف الخبير في القضايا الأمنية مشيراً في بداية حديثه إلى أنه يجب ان تكون لدينا فكرة كاملة عن الجيش قبل تداعيات الموصل حيث ان الجيش العراقي كان يتكون من 14 فرقة عسكرية و30 قطعة بحرية وخمس فرق شرطة اتحادية، في الموصل كانت الفرقة الثانية/ شرطة اتحادية متواجدة، و24 الف شرطي ومنظومة كبيرة من التجهيز وحوالي 3000 عجلة وهذا يكفي للدفاع عن الدولة.
وأضاف: ان تلك القطعات بامكانها القضاء على داعش بسهولة. نحن بحاجة الى الضبط العسكري والذي فقدناه في تشكيلات الجيش العراقي.
وقال أن داعش دخلت إلى الموصل بعد مشاكل سياسية كبيرة حيث لا توجد نقاط التقاء بين القيادة الادارية المدنية والقوات العسكرية وهذا مبرر لوجود داعش. وأوضح أن انهيار داعش في شمال بابل ومناطق اخرى، لم يكن سببه عسكرياً، وانما لفقدان التنظيم حواضنه ومؤيديه في تلك المناطق.
خاتماً حديثه بالقول: لا يجب ان يحارب داعش بالبندقية فقط .
وفي المحور الاقتصادي، تحدث الخبير الاقتصادي ماجد الصوري قائلاً أنه هناك نظرة محلية وإقليمية ودولية للقضايا الاقتصادية وبالتأكيد هناك مصالح لدول كبرى في العراق وهي تحاول ان تعمل جهدها لوضع الفوضى في البلد من اجل إعادة تقسيم المصالح الدولية، حيث ان العراق دخل إليه وارد نفطي قيمته 800 مليار دولار ولم تفعل هذه الأموال شيئا يذكر.
وقال أن السبب وراء الإخفاق الاقتصادي هي مصالح ذاتية فئوية وبالنتيجة هي منفعة للمصالح الخارجية.
وتساءل الصوري: كيف نستطيع ان نحارب داعش ولدينا اكثر من 7 مليون أمي وأكثر من 20 في المئة من أبناء الشعب يعيشون تحت مستوى الفقر؟
وفي المحور الاجتماعي والإنساني، تحدثت الناشطة المدنية هناء أدور عن أوضاع النساء أولاً قائلة أن المرأة العراقية هي المتضرر ألأكبر من جرائم تنظيم داعش.
وأضافت أن الاقليات القومية كانت ضحية أولى للتنظيم الإرهابي، فقد عمد داعش إلى اجبار باقي المكونات على اعتناق دين واحد.
المصالحة الوطنية مدخل رئيسي
وعن المعالجات والدروس المستخلصة تحدث رائد فهمي قائلاً ان الوسائل المستخدمة في محاربة داعش غير كافية وان ظاهرة داعش هي ليست ظاهرة عراقية ولا عربية وانما هي ظاهرة دولية.
واضاف: خير دليل على ذلك، هو تسلل الارهابيين من دول العالم وبالالاف، حيث ان هناك عمليات تهميش للاشخاص الذين ينتمون للارهابيين في دولهم وهذا ما يدفعهم الى الانضمام لداعش .
واشار إلى ان الأسباب هي في بنية المجتمعات التي أوصلت الحال إلى الوضع الحالي ونرى أشخاصا يتبنون سلوكيات غريبة وشاذة من اجل إثبات الذات .
وأضاف أن القوى النافذة في السلطة متمسكة بامتيازاتها ومصالحها وليست قادرة على بناء الدولة، وان داعش تهدف إلى تخريب الدولة ، وهذا ما يفسر الصعوبة في محاربتها. مؤكداً أن محاربة داعش تكون عبر الارتقاء بالدولة وليس التمسك بمفاصل الاستفادة الضيقة.
وأوضح ان الخطر الاكبر هو بنيوي وسياسي من خلال المحاصصة ونمطها غير القادر على بناء مؤسسات الدولة ونحن منذ عشر سنوات نسير بنفس النهج ولم نؤسس لشيء.
واشار إلى ضرورة ان يخوض المجتمع عبر كافة منظماته السياسية والمدنية، المعركة مع داعش التي تحمل عقيدة فكرية. مؤكدا على ان عنصر الزمن ليس في صالحنا والمطلوب الآن هو تحقيق انجاز على طريق المصالحة الوطنية وهي مدخل رئيسي للتسوية.
انتكاسة الموصل كشفت النواقصإلى ذلك قال عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، د.صبحي الجميلي، خلال الندوة وفي حديث له الى" المدى برس" إن "الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية التي سبقت سقوط الموصل تشكل جزءاً كبيراً من مسببات الانتكاس السياسي الأمني في العراق بعد العاشر من حزيران 2014 المنصرم".
وذكر الجميلي، أن "إدارة الحكومة السابقة وكيفية تعاملها مع أبناء الموصل، والعلاقات المتوترة بينها وبين إقليم كردستان، من الأسباب المضافة لسقوط الموصل بيد داعش بتلك السرعة"، معتبراً أن "انتكاسة الموصل كشفت عن كثير من النواقص في بناء المؤسسة العسكرية التي امتدت إليها المحاصصة الطائفية والحزبية بنحو أثر سلباً على تركيبها فضلاً عن إرادة القتال والصمود بمواجهة داعش".
ورأى عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، أن "معالجة آثار تلك الانتكاسة لن يكون عسكرياً فقط، بل يتطلب إجراءات سياسية واجتماعية واقتصادية، وقيادة موحدة توظف كل عناصر الانتصار في المعركة ضد داعش".