دفاعا عن التقاليد الأصيلة.. لا للفصليات.. لا للاتجار بالنساء

بغداد، الديوانية، واسط، بابل – طريق الشعب
وقفة في الديوانية
نظمت مجموعة من منظمات المجتمع المدني في مدينة الديوانية، عصر السبت الماضي، على كورنيش المدينة، وقفة جماهيرية احتجاجا على سوق 50 امرأة في فصل عشائري بمحافظة البصرة.
ودعا المشاركون إلى انصاف المرأة ومنحها حقوقها وكرامتها، ونددوا بالانتهاكات العشائرية التي حولت المرأة إلى سلعة للمقايضة.
الفصلية ضحية أعراف
ممثلة "منظمة أوان" فريال الكعبي، تحدثت لـ "طريق الشعب" عن المعاناة التي فرضت على المرأة العراقية بسبب التقاليد البالية، وقالت ان "النساء العراقيات أصبحن ضحايا أعراف وتقاليد بالية، وصراعات عشائرية لم يكنَّ طرفا فيها، لذلك شددنا في الوقفة الجماهيرية على أهمية تدخل الدولة في فض النزاعات العشائرية بموجب القانون، وبعيدا عن عرف "الفصليات" اللاإنساني الذي حول المرأة إلى سلعة للمتاجرة".
انتهاك سافر لحقوق المرأة
من جهتها تقول سكرتيرة رابطة المرأة العراقية في الديوانية عالية محمد هادي، ان قرار الفصليات انتهاك سافر لحقوق المرأة، في الوقت الذي تسعى فيه الدول المتحضرة إلى مساواة المرأة بالرجل.
وتضيف لـ"طريق الشعب"، "نطالب بوضع حد لهذه الممارسات غير الحضارية، لا سيما ان المرجعية الدينية اكدت عدم شرعية الفصليات. كذلك ندعو إلى الاكثار من تنظيم النشاطات وعقد الندوات التي تثقف المواطنين في مجال حقوق المرأة".
وشاركت في الوقفة منظمات عدة من بينها "رابطة المرأة الصحفية"، "منظمة أوان"، "تحالف تنفيذ قرار 1325"، "رابطة المرأة العراقية"، "تحالف اتحدوا مع الإعلاميين"، "رابطة الشعراء"، و"منظمة الصمود".
بشار قفطان: "سنينة" نائمة من أيقظها؟
تناقلت بعض وسائل الإعلام خبرا مفاده ان حصيلة حل النزاع العشائري بين قبيلتين في مدينة البصرة تم حسمه بفصل قيمته خمسون فتاة ، هذه السنينة العشائرية كانت نائمة منذ عقود خلت ،ولكن في هذا العام تم إيقاظ جذوتها ، ولا ندري سبب هذا الإيقاظ في هذا الظرف المعقد الذي يمر فيه بلدنا. هل سببه ضعف القانون؟ ام ممارسات عناصر تنظيم داعش غير الإنسانية واللا أخلاقية في تعاملهم مع أبناء المدن التي يسيطرون عليها ؟ ان جميع أبناء الشعب العراقي على اختلاف انتماءاتهم الدينية والقومية والمذهبية ينتمون إلى تلك العشائر بمختلف ترا?يبها ومسمياتها وتوجد مشتركات إنسانية في علاقاتها وصلاتها الاجتماعية مع بعضها البعض. وفي أحيان عديدة تمارس مبدأ التسامح في حل المشاكل العشائرية بما ينسجم مع المشتركات الانسانية والاخلاقية والدينية وتعزيز لغة التفاهم المشترك بين سائر ابناء القبائل ، نعم في بعض الاحيان توضع شروط عالية من الفصل العشائري، ولكن ذلك لا يكون على حساب شريحة لا علاقة لها بهذا النزاع واعني به المرأة التي تنتمي إلى تلك العشائر ولكنها ليست طرفا في تلك النزاعات ومن غير الممكن ان تدفع ثمن أخطاء غيرها، وقد ذكرت في مكان سابق ان من جعل المر?ة ضحية نتائج المشاكل العشائرية (فصلية وحسب سناين قديمة) ونحن ندخل القرن الواحد والعشرين والذي يفترض ان يتعمق الوعي الثقافي لدى سائر الناس وخصوصا ابناء الريف والحد من النزاعات العشائرية التي غالبا ما تحصل بسبب غياب العقل واللجوء إلى لغة السلاح في حل المنازعات بدلا عن الحوار والتفاهم، نسي إن المرأة هي إلام والأخت والزوجة والبنت، وسيكون عرضة للمساءلة القانونية في يوم ما.
ان الإمكانات والقيم الأصيلة والمنطلقات الإنسانية التي يتمتع بها معظم زعماء القبائل والعشائر في بلدنا كفيلة بان تعود الى تغليب لغة الحوار والتفاهم المشترك وتجسيد المبادئ والقيم الإنسانية التي تتماشى مع العصر وإخراج المرأة من دائرة النزاعات التي لا ناقة لها فيها ولا جمل.
عاصي دالي: الفصلية في القرن الواحد والعشرين
كانت المرأة العراقية في القرون الماضية وحتى قبل ثورة الرابع عشر من تموز 1958 ضحية لأعراف وتقاليد اجتماعية لا تتماشى مع شخصيتها الإنسانية لذلك أصبحت تدفع ثمن أخطاء غيرها وتتحمل وزر الجرائم التي يرتكبها الآخرون وتدفع ثمنها كـ ( الفصلية ) لحالات القتل المتعمد وحتى غير المتعمد التي يقوم بها أهلها أو أقاربها وتعيش ذليلة ومهانة في بيت من يتزوجها وبعد ثورة تموز المجيدة صدر قانون الأحوال الشخصية رقم ( 188) لسنة 1959 ونصت المادة التاسعة منه بما يلي :
1ــ لا يحق لأي من الأقارب أو الاغيار إكراه أي شخص ذكرا كان أم انثنى على الزواج من دون رضاه ويعتبر عقد الزواج بالإكراه باطلا إذا لم يتم الدخول كما لا يحق لأي من الأقارب أو الاغيار منع من كان أهلا للزواج بموجب أحكام هذا القانون من الزواج
2ــ يعاقب من يخالف أحكام الفقرة 1 من هذه المادة بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا كان قريبا من الدرجة الأولى أما إذا كان المخالف من غير هؤلاء فتكون العقوبة بالسجن مدة لا تزيد على عشرة سنوات.
والنساء اللواتي تزوجن بهذا العرف قد عشن حياة مليئة بالظلم والاضطهاد في حين أنهن لم يرتكبن أية جريمة حتى تتم معاقبتهن بهذه الطريقة الحقيرة التي لا تقرها القيم الإنسانية، ولا تزال المرأة في العراق تعاني تمييزا فاضحا وسيطرة ذكورية شاملة تحول المرأة في حالات معينة إلى سلعة للمقايضة في القضايا الخلافية التي تدب بين المتخاصمين من العشائر المختلفة، وتقدم فتاة من عشيرة الجاني إلى عشيرة المجني عليه فيتم تزويجها قسراً إلى أحد أقارب القتيل وتترك من ثم لتواجه قدرها وحيدة
واليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين تشير بعض الإنباء الى تقديم (50) امرأة كفصل عشائري لقتال حدث بين عشائر في شمالي البصرة في الوقت الذي أصبح للمرأة دور مهم في المجتمع وفي جميع المجالات فهي اليوم النائبة في البرلمان والوزيرة والطبيبة والمحامية والمهندسة المعمارية البارزة والمربية وألام والأخت والحبيبة وقد أعطيت في بعض الدول المرتبة الأولى في المجتمع فمن المخزي والمعيب جداً أن تستمر هذه العادات والتقاليد الجاهلية المتخلفة التي تمتهن المرأة وتهينها بهذا الشكل المعيب وتقدمها كسلعة وضحية لخلاف عشائري لا ناقة ?ها فيه ولا جمل والمسؤولية الكبرى تقع على الجميع من دولة وحكومة ومنظمات مجتمع مدني لإنقاذها ومساعدتها وتوفير الطمأنينة لها وتحويل صرختها ودموعها إلى ابتسامة مشرقة ترتسم على شفتيها ونظرة فرح لغد مشرق وجميل وذلك يساعد على تقدمها وتطورها والذي سيؤدي بالنتيجة إلى تطور المجتمع.
عادل الزيادي: لماذا لا تكون "الفصليات" من الرجال
ان المرأة تعرضت للكثير الكثير من الرؤية الدونية والاستزلام المبهم والمتاجرة والسبي التاريخي وحتى المغالاة في عدم الدفاع عن كرامتها وحقوقها، ولا غرابة ان تتعرض للانتهاك مرة اخرى تحت عنوان (الفصليات) وهي صيغة ان لم تكن حديثة تاريخيا فهي تضم من دون شك مفهوما تعسفيا وقسريا تجذر في المجتمعات المتخلفة ولاسيما الشرقية منها , فلماذا يقع الظلم والتعسف وتحت مبررات عدة على كاهلها دون غيرها؟ فهي في الحروب تسبى وما بعدها (تقايض) رغما عن إرادتها وشهادة امرأتين تقابل شهادة رجل واحد وهي المقيدة الاولى دوماً بضوابط اجتماعية لا تقل قسوة عن مثيلاتها من المصادرة والانتهاك وهي المتهمة دوما وعليها تدور الدوائر , ولماذا لا نتركها تفكر وتنتج وتمارس حريتها بعيدا عن القيود والشروط والتاريخ فقد اختبر الكثير منهن ونجحن بامتياز لا بل فوق الامتياز فمنهن المناضلات والمفكرات والسياسيات. فدعوها تطالب بحقها وتتحدى وتتظاهر وتتحرر من اغلالها ، ومن هنا ننظر إلى الامر معكوسا لماذا لا تكون (الفصليات) من الرجال؟ ربما هذا التساؤل سيستفز الكثيرين من الرجال فيقفون ضده ويمتشقون سيوفهم انتصارا لكرامتهم, ولماذا الرجال أسياد على الاخرين؟ ومن فوضنا لهذه المهمة التي ما ان فتحنا عيوننا وجدناها على مائدتنا ؟ وافتراضا لو كان الامر هكذا ( فصليات من الرجال ) فمن حق النساء الادلاء بآرائهن فليس من الجائز ان يكون شريكها معتوها او بصيراً او قد خرج من اتون حرب حديثة بساق واحدة او فقد كلتا ساقيه فلابد ان يكون الشريك سليما معافى وهذا حق من حقوقها, لانها سترهن حياتها برمتها معه سواء بارادتها او دون ارادتها، ومن هذا الجدل المبرر نحث الحكومات واصحاب القرار ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان على تبني مشروع حضاري يرفض (الفصليات واشباهها) داعما للمراة وكينونتها وانسانيتها وابعادها عن كل التبعيات والمتاجرة بها، ومنحها الفرصة في ان تمارس حريتها كما الرجل وان يسن قانونٌ يعاقب كل من يتبع ويقرر هذه الاعراف سريا او علنيا حتى نشعرها بانها انسانة وليست سلعة كما يشتهيها البعض وفي اي وقت من الاوقات .