- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأحد, 05 تموز/يوليو 2015 19:54
في لحظة التخرج
لحظتان لفرحة التخرج، تتمدد الأولى في الحفل الذي تقيمه الكليَّة/ الجامعة للطلبة الخريجين، وهو حفل عام، تشارك فيه عائلات الطلبة، آباؤهم وأمهاتهم، ومعهما الأشقاء والشقيقات والأصدقاء والجيران، وقد تحول الحفل هذا من مجاني الى دعوات مقابل أثمان تصل قيمتها بين 25 ألف دينار الى 30 ألف دينار، وأحيانا الى 50 ألف دينار!، ومع هذا لا يقف هذا المبلغ "الكبير" حاجزا أمام زحف العائلات المتلهفة لرؤية أبنائها وبناتها وهم يرتدون القبعات وروب التخرج الأسود يغمرهم "فرح العمر"، وهو فرح يأتي مرة واحدة خاتما مسيرتهم الدراسية الطويلة عبر مراحلها الأربع، الابتدائية والمتوسطة والاعدادية والجامعية، قبل الانطلاق نحو ترجمة الشهادة الجامعية عمليا لخدمة مجتمعهم الذي ينتظر جهودهم وابداعهم لخدمة الأجيال التي تليهم.
الفرحة الثانية تكمن في اللحظة التي يتسلم الطالب فيها شهادة نجاحه، ويحاط بالثناء والدعوات والتهاني، فيهرع الى بيته لتقابله أمه بالعناق ودموع الفرح ونثر "الواهليّه"، ويحضنه الأب باكيا، مستذكرا كل ما بذله لهذه اللحظة التي تغمره فرحا، وهو يرى أنه استرخص الغالي والنفيس لصنع ابن بار متعلم مثقف، منتج، سيسهم في بناء الوطن، ويشار له بالبنان.
ومع فرحة الأب والأم سيلاقي الطالب المتخرج تهاني أشقائه وشقيقاته وأصدقائه وجيرانه، فيشعر انه كبر فعلا، ودخل مرحلة جديدة في حياته، وأن حلمه اقترب من ملامسة النور، وكل مشاريعه القادمة باتت في قبضة يده.
تتلاكه الوجوه!
ولكن بأيّ وجه يلاقي البلد أبناءه الخريجين وآباءهم وأمهاتهم وأحلامهم، حين يحيلهم الى الانتظار والبطالة والتسكع في الشوارع والمقاهي والكازينوهات؟، بأي وجه سيلاقي الطالبات اللائي تحولن الى ربات بيوت، بعيدا عن أحلامهن وطموحاتهن، ومعاناة حفنة أعوام غالية، تبددت من أعمارهن، وهن يتابعن شهاداتهن وقد أمست حبرا على ورق، وأن قطار أعمارهن توقف في محطة البطالة، وما عادت عربة واحدة منه تجتاز هذه المحطة الى أفق آخر؟
ترى ماذا يقول الآباء الذين ضحوا بأعمارهم وهناءاتهم، مقابل توفير الكتب والقرطاسية ولوازم الدراسة والمصروف اليومي والأقساط السنوية للجامعات الأهلية والملابس وأجور النقل والهدايا وأجور المدرسين الخصوصيين وووو.....، تضحيات جسام، ومعاناة لا توصف من أجل تلك اللحظة/ الفرحة التي لطمها الوطن، عوضا عن أن يستقبل جيله المتعلم الجديد ليخدمه ويبذل قصارى جهده، ليمده بعطاء واعد يبنيه ويجعله في مصاف المجتمعات المتحضرة!؟
لا أدري بأي وجه سيقابل أمهات الطلبة الخريجين اللائي يستذكرن معاناتهن من لحظة المخاض والحضانة والرعاية والرضاعة والصبر والمتابعة والتربية والتثقيف والدعم والسهر والمؤازرة وصنع الوجبات الغذائية والدعوات والابتهال ليعشن فرحة أعمارهن وهن يرين الأبناء وقد تخرجوا من الجامعات والمعاهد وكبروا بأعينهن وشارفوا على التعيين في دوائر الدولة ليبنوا مستقبلهم ويساهموا في تحسين ظروف الأسر المعيشية ويحققوا أحلامهم وطموحاتهم!؟
ولكن للأسف، مازالت تلك الجملة "العسكرية" في عهد النظام السابق تتردد، ليس لمساواة العسكري الخريج بغيره الأمي، ولكن لمساواته مع أي شخص مازال يتهجى "آه ديكي نحباني للو"!
أسباب وأسباب
طبقا لمنظمة العمل الدولية فإن العاطل عن العمل هو كل شخص قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبله عند مستوى الأجر السائد ولكن دون جدوى.
وقد عرفت البطالة بأنها:"حالة خلو العامل من العمل مع قدرته عليه بسبب خارج عن إرادته، أما منظمة العمل الدولية فقد عرفت العاطلين عن العمل بأنهم:"الأشخاص الذين هم في سن العمل والراغبون فيه والباحثون عنه، لكنهم لا يجدونه في فترة الإسناد"، وثمة تعريف اجرائي يفيد بأن البطالة "هي كل إنسان قادر على العمل، راغب فيه باحث عنه، يقع في دائرة القوى المنتجة أي يكون عمره ما بين 15 و60 سنة، مدربا على العمل، أي له حرفة أو خبرة ما، ولا تتوفر لديه فرصة للعمل ولا يملك رأس مال نقدا كان أو عينا.
وترجع أسباب مشكلة البطالة بحسب بعض الخبراء الاختصاصيين في الجزء الأكبر منها إلى أسباب هيكلية تعود إلى طبيعة نمو الاقتصاد، كاقتصاد نام يعاني اختلالات هيكلية داخلية وخارجية تتمثل في الاختلال في ميزان المدفوعات والاختلال في الموازنة العامة للدولة، إلى جانب وجود فجوة كبيرة بين كل من الادخار والاستثمار وبالتالي الإنتاج والاستهلاك، وهناك أسباب أخرى أهمها التخلف الاقتصادي في الدول النامية وهو اجتماعي المنشأ، فكلما زاد التضخم السكاني زادت نسبة البطالة ارتفاعا، ذلك أن الزيادة السريعة في النمو السكاني وما ينشأ عن ذلك من خلل في التوازن بين قوى العرض والطلب وسوق العمل ،فالنمو السكاني يؤدي إلى زيادة نمو القوى العاملة. وهناك سبب آخر يتعلق بندرة الموارد الاقتصادية أدت ندرة الموارد الاقتصادية إلى عدم وجود فرص وظيفية للعاطلين خاصة مع التحويلات الكبيرة التي يمر بها الاقتصاد العالمي وانعكاساته على الاقتصاد الوطني، وهو الأمر الذي يشكل عبئاً إضافياً على الدولة في تمويل عمليات التنمية.
كذلك يبرز سبب آخر وهو عجز سوق العمل عن استيعاب الخريجين فهناك أعداد هائلة من الخريجين الحاصلين على مؤهلات بأنواعها المختلفة ومع ذلك يعجز سوق العمل عن استيعابهم، وعدم تحديث وتطوير أساليب وطرق العمل، وعدم التوسع في أماكن الإنتاج أو تنفيذ مشروعات جديدة.
شريط معاناة الخريجين
من الوريد الى الوريد
يقول اياد كريم جبار، مبرمج علوم حاسبات: تخرجت 2012-2013، كلية العلوم، ومازال الهاجس والمعاناة الوحيدة هو التعيين، وأعتقد أن المنافسة الشريفة للحصول على التعيين انعدمت بشكل كبير، فلو حزت على شهادة والآخر على شهادة أقل درجة منك، ومنتم الى "حزب ما"، فمن المؤكد سيتم تعيينه، وتبقى أنت عاطلا، حتى لو كنت تمتلك خبرة أكثر منه. والطامة الكبرى هي تعيين أشخاص لا يمتلكون أي شهادة، لكن ثمة من يقف وراءه!
وأضاف: قدمت طلبات الى أكثر من دائرة، لكن لا جدوى، بسب وجود الفاسدين وغيرهم. لقد كان حلمي في التعيين وتكملة دراسة الماجستير والدكتوراه، لكن الفساد والظلم والتخلف وقفوا في وجهي مدججين بسكاكين وقد أمسكوا بحلمي وذبحوه من الوريد الى الوريد!
مظلوم و"النبي" مظلوم
ويقول محمود هادي، دبلوم محاسبة، سنة التخرج 2010: حتى هذه اللحظة، قدمت أكثر من 23 "فايل - طلبات"، ولم أجد من يستجيب أو ينصف، لذا لا أملك سوى أن أضم صوتي الى أصوات الجميع، لبيان المظلومية بحقنا وحرماننا من الوظيفة.
كارثة بشرفي
تبدأ قصة علي عامر، بكالوريوس ادارة واقتصاد- قسم المحاسبة هكذا: تخرجت مثل غيري وبقيت بلا عمل، لا بالقطاع الحكومي ولا بالقطاع الخاص، من لم يكن لديه صلة بـ "جهة داعمة" لا توجد له وظيفة، حتى ولو في الشركات الاهلية، وعلاوة على كل ذلك توجد بعض شركات التوظيف في عموم العراق تمارس الدجل والكذب، تستلم المال من الطالب وتعده بالأحلام الوردية، ثم "تضربه بوري امعدل"!، والغريب في الأمر، يضيف "أبو حسين" أن أي جهة تتقدم اليها بطلب تعيين، تطالبك باجادة اللغة الانكليزية، "مو مشكله، اني أقرأ انكليزي، وأكتب انكليزي بصورة ممتازة، لكن يبقى الدايلوك وسط، ايكلك واجب الدايلوك، لازم تتحدث بصورة ممتازة، طيب آني وين عايش غير بالعراق؟، امنين واشلون راح أكون قوي بالدايلوك، هاي مشكلة متنحل لا والله"!؟
علي أضاف:"وبعدين نجي لموضوع الخبرة، اني محاسبة، امنين اجيبلكم خبرة وآني صارلي سنة بلا شغل، لا بأختصاصي، ولا بغير اختصاصي!؟، والشركات تطلب أقل شي خبرة سنتين في مجال العمل او خبرة خمس سنوات في مجال العمل!، ما أعرف منين أجيب الخبرة، وآني كاعد بالبيت، يعني آني أريد أقول للمسؤول عن تعيينات اية شركة واكوله منين اجيبلك خبرة وشرط سنتين في مجال العمل المختص؟، ومنين اجيبلك اللغة الممتازة، اني عربي مو أجنبي حتى تكون انكليزيتي اقوى من عربيتي"، ترى والله كارثة ابشرفي"!
علاوي المحروك قلبه أضاف:"لم اترك بابا الا وطرقته، حكومي، وأهلي، لكن لا وجود للعمل في ظل هذه التشويشات والفوضى، لذا أطلب شخصيا من كل برلماني أن يساهم في تحقيق مطالب الخريجين الذين ضحوا وجاهدوا في سبيل الوصول الى مستوى رفيع، نحن لا نطيق التحمل أكثر، ونطمح لتحقيق مطالبنا اليوم قبل غد، وترى الله فوك الراس".
أكبر مو !
ترى منار اكرم، بكالوريوس آداب، مكتبات ومعلومات، سنة 2006. أن مشكلتها هي أن القسم الذي تخرجت منه غير مرغوب فيه، وغير محبذ في التعيينات، واذا حصل وعثرت على تعيين مدرس لغة عربية، بدلا عن اختصاصها، يجب اشراكها في دورة خاصة لسد الفراغ"، وأضافت:"اتمنى أعرف، اذا اختصاصي، واكو هواي اقسام مثل حالي، ميردوهن، ليش ميسدوهن؟، اعتقد الافضل انو يغلقون كل الاختصاصات اللي ميحتاجوهن حتى لتزيد البطالة.. مو"؟.. أكبر مو..
معاناتي
معاناة زينب حسين، مهندسة كهرباء، سنة التخرج 2013 تلخصها كالآتي:"معاناتي هي اضطراري للبحث عن وظيفة، عن أي فرصة عمل يمكن أن يتقنها شخص غير متعلم، لم يهدر وقته بالدراسة، معاناتي هي عدم حصولي على ما يرضي طموحي للوصول نحو الأفضل، معاناتي هي منة أصحاب العمل علي بعد توظيفي بمعاش قليل بالكاد يسد رمقي ورمق أطفالي، مع أن ترك المن زينة المعروف، وكأن حق العمل والعيش الشريف ليس حقا مكفولا على الدولة تحقيقه للجميع، معاناتي هي رؤية من هو أسوأ مني حالا، ومن هم جياع في بلدي الغني، فأضطر للسكوت لوجود من هو أسوأ حالا مني، معاناتي هي رغبتي في البكاء كل يوم لشعوري بالعجز وقلة الحيلة أمام من قطعوا أوصال حلمي، وعبثوا بمقدرات بلدي، هذه معاناتي ومعاناة كل عراقي شريف".
حزورة
تقول رسل كاظم عبد الرضا، خريجة كلية تربية - قسم رياضيات، سنة التخرج ٢٠١١-٢٠١٢:"أنا من الأوائل، معدلي ٧٨ وأعشار، ومن أروح أقدم يكولولي قسمج ممطلوب، بينما المدارس كلها تعاني نقصاً في الرياضيات"!
معاناته "كوبي بيست"
يقول مجيد سرحان، خريج اداره واقتصاد، قسم محاسبة:"اني متهجر، وبيوتنه انباكت، ومخليت أحد مرحت له، كلهه اتدور افلوس، وآني نازح، منين اجيبلهم؟، والله أعرف ناس ما عدهم شهايد واتعينوا!.. المشكله جنت اشتغل عماله واداوم، والله لحد هسه مطلوب، واني خريج 2012.
ما اكول غير حسبي الله ونعم الوكيل.
المن تحجي؟
يقول علي الجبوري:"أنا خريج كلية الآداب- فلسفة سنة 2010 ولحد الآن أبحث عن عمل، ذهبت الى "أكثر من ابن حلال"، وشرحت له معاناتي، كلهم قالوا وباختصار:"روح حرس وطني احسن الك، حتى اتكون نفسك"، فكان أمامي طريقان، اما حرس وطني، واما اشتغل عماله "عامل بناء"، بيني وبينكم، اختاريت العماله، لان اني ما صدكت أخلص من "صدام" وحروبه، فختاريت الطريق الصعب، وعلى كولة اهلنه منتظرين الفرج، عسى أن يكون قريبا يا رب.. اكو مدارس محتاجه اختصاصي، بس محد يأخذني لأن ما عندي واسطه، واللي كاعد يدرس الطلاب مدرس تاريخ، وهو لا يعرف شيئا عن الفلسفة لكونها مادة صعبة، بس المن تحجي"؟
اختصاص فريد
يقول احمد شاكر، خريج جامعة بغداد كلية فنون جميلة 2013، من محافظة ذي قار:" اختصاصي فريد في محافظتي، أنا فقط أحمل هذا الاختصاص "تصميم طباعي"، واختصاصي يُقبل على وزارة التربية كمدرس وعلى وزارة الثقافة، لكن لعدم وجود "واسطة" لم أتعين لحد الآن.
ومن دون أجور
تقول بسمة أسعد طاهر، خريجة كلية التربية بنات جامعة بغداد، قسم علم الاجتماع، سنة التخرج 2008/ 2009:" مضى أكثر من خمس سنين وأنا أطرق الدوائر الرسمية بحثا عن وظيفة، لكن الرد هو:"قسمج ممطلوب"، وأضافت:عامان مضيا وأنا أحاضر في مدرسة ابتدائي، "آخذ صف ثالث، الدروس كلها أدرسها، وراحه ماكو ونتعب وياهم تعب ماصاير وفوك كل هاي بدون أجور"!
وتالي اشلون؟
تقول ياسمين عادل، بكالوريوس علوم رياضيات تطبيقية/ الجامعة التكنلوجية، خريجة عام 2006-2007:" منذ سنة التخرج ولحد الآن أبحث عن تعيين، مسجلة في شبكة العاطلين عن العمل سنة 2008، لم أحصل من هذه الشبكة سوى الدورات التدريبية، أضع اضبارة طلب تعيين في كل مكان، ولم يردني اي رد، واذا حصل يكون مليئا بالاستهزاء بشهادتي، "انتي شهادتج رياضيات شنسوي بيج؟، روحي للتربية احسنلج"، سمعت هذا الكلام وذهبت الى التربية، لكنهم اعتذروا بحجة أني خريجة الجامعة التكنلوجية، غير مطلوبة بتعيينات التربية!
وأضافت: قدمت طلبا للتعيين في أمانة العاصمة، تسلم الموظف اضبارتي وضحك قائلا:"شتحسبين زبالة الشارع؟، رياضيات جاية لأمانة العاصمة"!
ياسمين أضافت:" اشتغلت لفترة في مختبر صناعة الأسنان "أهلي"، وكان الراتب قليلا جدا، رضيت به، قلت بمرور الأيام ممكن صاحب المختبر يقدر جهدي ويرفع راتبي، ولذلك بقيت أعمل لمدة أربع سنوات، لأنني لم أعثر على فرصة أفضل، وفي عام 2013 قرأت في احدى الصحف عن شخص يشكر أحد الوزراء لأنه عيَّن مهندسة تبحث عن تعيين وكانت خريجة السنة نفسها، اتصلت بالشخص، وتحدثت معه "بحركة دم"، قلت له:"اني صار 6 سنوات محد يعيني وانت جاي تشكر وزير عين خريجة هاي السنة"؟، طلب مني أن أخبره عن ظرفي حتى يساعدني، وللأمانة ساعدني، وتعينت بأجر يومي 12000عن كل يوم دوام فعلي، "يعني جمعة وسبت مقطوع، الأعياد والمناسبات مقطوعة، يصفى راتبي بالشهر 240 ألف دينار"، وهكذا مضت سنتان، وأنا بهذا الحال، وكلما حصلت تعيينات من ذات اختصاصي، يتم تعيين أشخاص من خارج الوزارة وبدون مؤهل".
ياسمين قالت بألم:"أتصور لو يلغون كلية العلوم عامة والرياضيات خاصة أفضل"!
متزوجة وعاطلة
تقول رواء، خريجة آداب، قسم الجغرافية، سنة التخرج 2008 � 2009:"التعيينات مستمرة في وزارة التربية، وحين أراجع للتعيين يقولون لي لا توجد وظائف لاختصاصك، اختصاصك غير مطلوب، "ايسي، ما كو الك تعيين، لعد ليش فاتحين كلية بيها هذا اﻻختصاص؟، ولكن اذا عندك واسطه ورشاوي، تتعين من الصبح، لعد الفقير منو اله، راح نموت من الجوع، والله آني متزوجة وعندي 3 أطفال وكاعده ايجار، امنين واحد يجيب ويعيش"؟
كومة الوساطات
يقول مهند عبد الرزاق عبد الجليل
أنهيت دراستي الاعدادية عام 2007 بمعدل 73 ، ثم دخلت كلية الزراعة، وبعد معاناة عسر الحال، حيث كانت أسرتي تمنحني ثلاثة آلاف دينار يوميا كأجور للنقل ومصرف جيب، وما يبقى منه يذهب الى الاستنساخات شبه اليومية، وبقيت على هذا الحال حتى تخرجت سنة 2012، ومنذ ذلك الحين وأنا أتنقل بين الشركات الأهلية، بعد أن عجزت عن العمل في مجال اختصاصي، بينما بعض أصدقائي حصلوا على تعيين في مختلف الدوائر الحكومية بسبب "الواسطه"، التي لا أملكها. واليوم، أنا متزوج، ولدي طفل، ولازلت أبحث عن ابرة في "كومة التعيين.. تعيين الواسطات".
عامل مع خلفه
يقول باقر جابر، خريج المعهد التقني، قسم المحاسبة، سنة التخرج 2013 ، كان طموحي أن أتخرج وأحصل على وظيفة في احدى دوائر الدولة لكي أساعد أهلي وأكمل دراستي في احدى جامعات العراق المسائية، ولكن كل أمالي تحطمت بسبب عدم الاهتمام بهذه الشريحة المتميزة، علما أنا معيل لأسرة تتكون من 6 أفراد ولدي اخوة يدرسون في الجامعات، وأنا مسؤول عن مصروفهم، وحاليا أعمل عاملا مع خلفه لكي أساعدهم وأدعهمهم لمواصلة دراستهم".
مكافحة ولكن!
تقول كوثر مهدي صاحب، خريجة معهد اعداد المعلمات لسنة 2005- 2006 - اختصاص رياضيات وعلوم:" أنا فتاة، كان حلم حياتي، ومن الصغر، أن أكون معلمة ناجحة، تربي أجيالا صالحة، وتنشئ ثمارا، تبني مستقبلا زاهرا، لكن جرت الأقدار في زمن النظام السابق، ولكوني لم انتم لـ "حزب البعث"، رفض الجميع دخولي للدراسات الصباحية، فتحديت الصعاب، ورغم صعوبة الحالة المعيشية والظروف القاسية أكملت الدراسة في المعهد- الدوام المسائي، وتخرجت سنة 2005-2006 وبمعدل 94 بالمئة، وكان أملي هو الحصول على تعيين أو وظيفة كي أسعى لتحقيق حلمي واعانة عائلتي بعد وفاة والدي، لكن لا حياة لمن تنادي، فبسبب المحسوبية والمنسوبية ضاعت حقوقنا وأحلامنا، وعند التقديم للتعيين لا أحد يعترف بالشهادة المسائية، يعتبرونها ملغية، بينما نرى أقراننا قد وجدوا التعيين ومن السنة الأولى من التخرج!
نكعهه واشرب ميهه
يقول أحمد صبيح، خريج كلية الاعلام، قسم اذاعة وتلفزيون:" تخرجت في سنة ٢٠٠٩_٢٠١٠ ، ولم أدع وزارة الا وقدمت لها طلبا للتعيين، ولكن لم يتم قبولي في أي وزارة، علما أنني كنت الأول على دفعتي، في مشاريع التخرج، كأفضل مشروع وهو فيلم "زهور ذابلة"، ولدي ثلاثة أفلام أخرى أحرزت فيها المراكز الأولى في عدد من المهرجانات، وتم تكريمي من شخصيات مرموقة في الدولة، وحصلت على شهادات تقدير، " بس كلهه مثل ما يكول المثل: نكعهه واشرب ميهه"!
أريد أن أعين زوجي
تقول ملاك علي، خريجة كلية فقه قسم الفقه سنة 2009/2010:"أنا متزوجة ولدي أربعة أطفال، قدمت أكثر من "فايل - طلب تعيين"، ولكن بلا جدوى، حاضرت في مدرسة لمحو الأمية لمدة سنتين، ودخلت دورة رياض أطفال، لكن لم أحصل على أي تعيين، لكي أعين زوجي على الحياة الصعبة".
حملة شبابية.. مطالب مشروعة
منذ شهور انطلقت حملة شبابية بعنوان:" الحملة المستقلة للمطالبة بحقوق الخريجين"، وكان ميدانه الأول هو أحد شبكات التواصل الاجتماعي، فرح الجنابي/ مسؤولة اعلام الحملة قالت: هدفنا من هذه الحملة هو حصولنا، نحن الشباب الخريجين على حياة حرة كريمة، وهو ما كفله الدستور، لذلك ندعو جميع أبناء هذا البلد ان يحذوا حذونا ويضعوا أيديهم بأيدينا كي نحصل على حقوقنا.
وأضافت: الحملة الآن انطلقت ميدانيا على أرض الواقع، حيث قام عدد من شباب الحملة في كل من محافظتي كربلاء وذي قار بتسليم مدير مكتب النواب في كربلاء وذي قار طلبات مقابلة أعضاء الحملة مع نواب المحافظة بهدف إيصال طلباتهم إلى مجلس النواب والنظر في حقوقهم المشروعة، ومعنى هذا أننا تخطينا مواقع التواصل الاجتماعي الى أرض الواقع، وأخذت الحملة تفتح ممثليات لها في عدد من المحافظات العراقية بهدف إيصال صوت الخريجين إلى المسؤولين والعمل على إيجاد التعيينات المناسبة لاختصاصاتهم.
فرح بينت أيضا: أن هدف الحملة هو مجموعة مطالب، هي بمثابة قوانين معلقة داخل قبة البرلمان، كقانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي، وقانون العمل، وقانون الضمان الاجتماعي وغيرها، لذا فالحملة تعد صرخة للمطالبة بالحقوق، وهي بادرة ايجابية تنم عن حالة تعاف للمجتمع العراقي من مرض الرضوخ والاستسلام، فمطالب الحملة هي بادرة لتوعية الشعب بحقوقه المفقودة والتي نص عليها الدستور العراقي من خلال المطالبة بتشريع عدد من القوانين المهمة. لذا انبرى ما يقرب من 42000 عضو ليطالبوا بحقهم في الحياة الحرة الكريمة، وبرنامج عمل الحملة لتحقيق هذه المطالب يتمحور حول حث أصحاب القرار لاتخاذ دورهم التشريعي والتنفيذي من خلال جعل قضية الشباب قضية رأي عام، وهذا ما حصل فعلا، فقد تضامن معنا بعض أعضاء مجلس النواب".