من الحزب

"طريق الشعب" في ثماني صفحات*

تصدر "طريق الشعب" اعتبارا من هذا اليوم، وعلى غير ما اعتادت عليه في السنين الاخيرة، بثماني صفحات فقط.
ويأتي هذا الجديد نتيجة للظروف المالية المحيطة باصدار الجريدة، والتي ازدادت صعوبة باضطراد في الفترة الماضية. فكُلف العناصر الضرورية لادامة الصدور: البشرية والمادية والتقنية، ظلت تصعد دون انقطاع، في حين شحت بنحو متزايد مصادر التغطية المالية لهذا النمو.
ولا يختلف حال "طريق الشعب" في هذا الصعيد، كثيرا، عن حال العديد من زميلاتها الاخريات في اسرة الصحف اليومية العراقية.
فجميعها يصارع تحديات تتمثل، من ناحية، في التضاؤل الشديد لجمهور قرائها مقارنة بما كان عليه في عهود سابقة، والانخفاض الاشد في سعر بيعها الذي تحول واقعا الى سعر رمزي. وتتجسد، من ناحية ثانية، في المعركة اليومية الخاسرة غالبا، للحصول على شيء من اعلانات الوزارات والمؤسسات الحكومية الاخرى، المهيمنة عمليا في قطاع الاعلان.
فالمصدر المهم الآخر لتدفق الاعلان، وهو النشاط الاقتصادي، وهو معطل عندنا الى حد كبير، ولا يكاد يطل منه اعلانيا، في فترات متباعدة، سوى جديد شركات الهاتف النقال.
أما بالنسبة الى الاعلان الحكومي، فلم تكلف "الدولة" نفسها حتى اليوم تأسيس مكتب متخصص، تتجمع عنده الاعلانات التي ترغب المؤسسات الرسمية المختلفة في نشرها، ليقوم بتوزيعها توزيعا عادلا وشفافا بين الصحف الصادرة في البلاد. والنتيجة هي ان التصرف بالاموال غير الضئيلة التي تخصصها الدولة للاعلان، يبقى محصورا باشخاص محددين في كل وزارة ومؤسسة، يقررونه وفقا لاهوائهم وامزجتهم، وفي احيان كثيرة وفقا لحجم ما يحصلون عليه من "حصة في الكعكة" التي يهبونها!
تستثنى من ذلك طبعا الحزمة الدسمة من الاعلانات المخصصة لـ "الجريدة الحكومية "، والتي تمنحها الحكومة اليها مباشرة ومن دون اي شعور بالحرج ازاء بقية الصحف، التي تكابد - على نقيض "الجريدة الحكومية"- لتأمين بقائها.
في حصيلة هذا كله تتحول الصحيفة اليومية عندنا - سوى ما ندر - الى مشروع فاشل تجاريا، وعاجز عن تأمين متطلبات ديمومته بنفسه. مشروع خاسر يصارع من اجل البقاء، ولا بقاء له من دون دعم مالي منتظم من خارجه.
وهكذا كان الحال وما زال بالنسبة الى "طريق الشعب" ايضا. واذا كان هناك ما يميزها عن معظم زميلاتها الاخريات، فهو ان صاحبها وممولها - الحزب الشيوعي العراقي - هو نفسه محدود القدرات ماليا، ويعتمد اساسا في تمويل عموم نشاطه على جمهرة اعضائه واصدقائه، ذوي الامكانات المحدودة هم كذلك. وهو ضمانا لبقائه مستقلا في قراره السياسي، يعتمد في هذا المجال دائما على نفسه، ويتكيف مع ظروفه الملموسة وإمكاناته.
ومثل الحزب تتكيف "طريق الشعب" اليوم وهي تباشر الصدور بصفحات اقل.
علما انها في هذا التكيف لا تجترح جديدا. فمنذ صدورها الاول قبل ثمانين عاما ونيف باسم "كفاح الشعب"، واستمرارها في العقود التالية باسماء اخرى متنوعة، وهي - تبعا للظروف المحيطة بالحزب ونشاطه ولقدراته المادية - تصل الى قرائها وعامة جماهير الشعب في هيأة منشور مطبوع بالرونيو، او بشكل الجريدة المعروف الخارج من رحم ماكنة الطباعة. في ورقة من صفحتين او في اربع صفحات احيانا، وفي 12 صفحة وحتى اكثر في احيان اخرى. بصورة علنية حينا وسرية في احيان اخرى. يومية مرة، واسبوعية او شهرية او في غير انتظام مرات اخرى ..
هذا كله، وغيره، كان ويبقى يتغير في جريدتنا ويتبدل، ارتباطا بتغير الاحوال وتبدل الامكانات.
لكن شيئين اثنين بقيا في "طريق الشعب" ويبقيان ثابتين في كل حال وظرف، ولم ولن تحيد عنهما.
اولهما نهجها الوطني ورسالتها التقدمية، وتمسكها بقضايا جماهير الشعب ومصالح كادحيه، واعلاؤها شأن الانسان وكرامته وحقوقه وخيره..
والثاني اعتمادها اولا ودائما على الشيوعيين واصدقائهم وجمهرة القراء الاوفياء وعامة العراقيين الوطنيين، في الوقوف الى جانبها في الاوقات الصعبة، ودعمها ماليا عند الضيق، مثلما هو الحال اليوم..
.. كي تظل تسعى الى تحقيق هدفها هدف الحزب الشيوعي المتجدد: حرية الوطن وسعادة الشعب!
«هيئة التحرير»*