لم يعزف منفرداً, بل مشى على السلم الموسيقي جماعةً, وشارك ببنائه في بلده الموطن خطوة بخطوة, انه الموسيقار "صلحي الوادي"، الراعي والمؤسس الأول للموسيقا الكلاسيكية في سورية, والمؤسس للفرقة السمفونية الوطنية.
مسيرته الفنية شهدت له بقدرته الهائلة على العطاء والتطور والتجديد, فكان القدوة التي أضاءت مشاعل النور الموسيقي في دروب الابناء في المعهد العالي للموسيقا الذي أشرف على تأسيسه وحمل ذلك المعهد اسمه تخليداً لذكراه بعد رحيله، هكذا يكرم الموطن من اعطاه وبكل أسف يهمله وطنه الذي رباه.
ولد صلحي الوادي في بغداد عام 1934 من أب عراقي وأم أردنية وانتقلت عائلته فيما بعد للاقامة في دمشق, حيث درس فيها المرحلة الأبتدائية ثم انتقل الى الاسكندرية في مصر لتلقي علومه.
وتقرب فيها من الوسط الموسيقي وتعرف فيها على الموسيقا الغربية الاحترافية وتعلم العزف على آلة الكمان وأصبحت الموسيقا شغفه وهمه الكبير.
لقد أكمل مشوار دراسته في لندن بهدف دراسة الهندسة الزراعية، لكن شغفه بالموسيقا دفعه لدراسة الموسيقا في الأكاديمية الملكية ويعود بعدها عام 1960مع زوجته البريطانية سينتيا الوادي الى دمشق ليبدأ العمل على انجاز مشروعه الموسيقي ففي عام 1962 تم تعيينه مديراً للمعهد العربي للموسيقا في دمشق والذي كان قد أسس حديثاً وسمي هذا المعهد لاحقاً باسمه تكريماً لعطاءاته بهذا المجال . ثم أسس بعد ذلك عام 1990المعهد العالي للموسيقا في دمشق وقد تم تعيينه عميداً له , واستطاع من خلاله تأهيل الكوادر الموسيقية وبناء كوادر تؤسس بدورها الأوركسترا الوطنية في عام 1993 وقاد الوادي عام 1995أول حفل موسقي أوبرالي في سوريا هو "ديدو واينياس" لهنري بورسيل بحضور 15ألف متابع في مدرج بصرى الأثري ليكرم بعدها بوسام الأستحقاق من الدرجة الممتازة في بلده الموطن سوريا حازالوادي "دكتوراه فخريه" من كونسرفتوار كوميداس في أرمينيا عام 2000 وفي عام 2001 كرمه البابا يوحنا بولص الثاني بمدالية القديس بطرس وبولس وذلك خلال زيارة البابا الى سوريا.
لقد تحلى الأب الروحي للموسيقا الكلاسيكية في سوريا بعدة خصال أهمها الصدق والدقة والانتظام بالعمل لتخرج هذه المعزوفات والمؤلفات الموسيقية من أعماق الوجدان وتصبح قاعدة لكل من أراد ضبط الايقاع.
وفي كتاب "قطاف المعازف" لكاتبه أيمن هلال يحدد فيها الموسيقار المبدع صلحي الوادي رؤيته و مبادئه لعالم الموسيقا قائلاً:
الموسيقا هي لغة انسانية لها لهجتها الخاصة. وليست هي لغات مختلفة القواعد, لأن قواعد الموسيقا واحدة مهما اختلفت البيئة سواء كانت صينية أم تركية, علينا أن نتعلم تلك القواعد كي نتحدث هذه اللغة الانسانية ونعطيها لهجتنا ونكهتنا الخاصة وقد حدد الفنان صلحي الوادي تلك المبادئ التي يجب ان ينهض عليها الفن الموسيقي اذ قال:
حين أتحدث عن الموسيقا المتكاملة فأنا أشير الى موسيقى تحتوي العناصر الآتية: اللحن, الإيقاع والهارموني, إضافة إلى التشابك اللحني والتوزيع الاوركسترالي والفورم , واي موسيقا لا تحتوي هذه العناصر بتناسق مقبول لا أستطيع أن اخذها مأخذ الجد كموسيقا ........
ويتابع طلابه نهجه ويكملون مشوار العطاء لتؤسس بعد وفاته في العام 2007 جائزة صلحي الوادي الدولية لالة البيانو كما توسعت نشاطات معهد صلحي الوادي لتشمل جميع المحافظات السورية وهي تعمل في سياق مشروع صلحي الوادي.
وهو من نشر الموسيقا الاكاديمية وتعليمها وجعلها مجالاً علمياً وفنيا للأجيال القادمة.
وفي الختام هكذا تكرم الأوطان البديلة مبدعيها فأين نحن من تكريم هذه الترنيمة العراقية المبدعة فهل من مجيب أيها السادة .....؟