ادب وفن

مسار عباس عذاب: المسرح رسالة ومبادئ / كرار الباهض

كان المسرح العراقي في السبعينيات مزدهرا بأعماله الفنية الجادة والمتنوعة بما فيها الكوميديا الساخرة الهادفة، وكانت هذه الأعمال تعبر عن رسالة المسرح الحقيقية بالمجتمع في ظل توافر الأدوات الخاصة باستمرار المسرح في أداء رسالته من مسارح إلى جمهور واعي للمسرح إلى أعمال ذات مضامين اجتماعية هادفة. والذي ينظر الى المسرح الآن يجد الصورة معاكسة لما كانت عليه في تلك الفترة. هذه التساؤلات نقلناها في حوارنا الآتي الى المخرج المسرحي الشاب مسار عباس عذاب:
إذن المسرح العراقي إلى أين؟

إذا بقي المسرح على وضعه الحالي فمصيره إلى هاوية سحيقة جدا وذلك لعدم وجود مؤسسات ترعى المسرح والحفاظ عليه، يوجد فقط المسرح الوطني كمؤسسة حكومية.
المسرح العراقي يحتاج الى أدوات وجمهور واع للأعمال المسرحية والى دور للمسرح وسط المجتمع. لكن المسرح الوطني حاليا مصمم لعرض الاحتفالات فقط، ولا بد ان نذكر مبنى مسرح الرشيد الذي تعرض الى الحرق والخراب والذي كان مسرحا وفق الطراز العالمي والنظام العالمي آملين إعادة تأهيله وظهور مؤسسات جديدة تعنى ببناء مسرح جديد نظامي عالمي.

وماذا عن المسرح التجاري والاعمال التجارية؟

لا أميل الى استخدام مصطلح المسرح التجاري، لان المسرح له رسالة ذات مبادئ وكل شيء تجاري ليس له مبادئ، أما الأعمال الهابطة فأنها تسعى الى الربح المادي على حساب الأعمال المسرحية الهادفة والجادة وافساد ذوق الجمهور بحجة ان العائلة العراقية تحتاج الى الترفيه والضحك كمتنفس عن الضغوط اليومية لاسيما ان هذه الاعمال يتخللها سيناريوهات ذات كلمات نابية خالية من اي مضمون اجتماعي وإنساني، وبهذا فان هذه الأعمال التجارية هيمنت على حساب الأعمال الجادة لتغيب الوعي عن الجمهور العراقي وإخفاء الرسالة الحقيقية للمسرح، باعتباره وس?لة للنهوض بالوعي الاجتماعي والتقدم والرقي الانساني.
ان استخدام الكوميديا لغرض ايصال رسالة اجتماعية او نقد لظاهرة اجتماعية افضل من انتزاع الضحك او الفرفشة من الناس على حساب افساد اذواقهم، اذ كانت هناك اعمال كوميدية كثيرة ذات مضمون اجتماعي مثل مسرحيات بغداد بين الجد والهزل وكان ياما كان وغيرها من الاعمال المسرحية الكوميدية الهادفة.
ماذا تقصد بعدم إظهار الرسالة الحقيقية للشارع العراقي عن طريق المسرح، هل القضية مقصودة؟

نعم مقصودة، بدليل ان دائرة السينما والمسرح هي الدائرة الوحيدة المسؤولة عن نشاط المسرح اي بمعنى هي المسؤولة عن الرقابة على الأعمال المسرحية وإلا من اين جاءت هذه الأعمال المسرحية الهابطة وكيف تم عرضها على المسرح الوطني بالذات وبإنتاج منتجين مجهولين غير معروفين، أما الأعمال المسرحية الجادة فان ظهورها لا يعدو محاولات خجولة ومهرجان هنا وهناك أو عروض مسرحية قليلة جدا كونها أعمالاً جادة وكان الأجدر استغلال مناسبة بغداد عاصمة للثقافة العربية لعرض الاعمال الجادة الكثيرة امام الوفود الحاضرين، اما الحديث عن منتدى ال?سرح الكائن في شارع الرشيد فانه مسرح صغير لا يتسع لأكثر من ستين متفرجاً ولا يمكن الاستمرار بعرض الاعمال المسرحية فيه.

هناك المبادرات الشخصية او لنطلق عليه إيجاد البديل لذلك عن طريق المسارح الشعبية في المناطق الشعبية والقريبة من الناس، كيف تقرأ ذلك؟

كانت هناك مبادرة باستخدام احد "الجملونات" في منطقة بارك السعدون في بغداد، وعرضنا اعمالاً مسرحية جادة نالت استحسان الجمهور، ولكن عدم وجود الدعم المادي والتكلفة المعروفة عند اخراج مسرحية من انارة ضوئية وتهيئة ملابس ومكياج وغيرها شكلت كلها عقبات امام استمرارنا بهذه الاعمال على الرغم من ان هناك في النية استخدام مسرح القشلة لعرض الأعمال الجادة اذ لا يمكننا التوقف عن أداء رسالتنا، وعليه نطالب الدعم الكامل من مؤسسة السينما والمسرح للاهتمام بالأعمال الجادة والمسرح الشبابي كونها تمتلك الأدوات والدعم المادي.

الاعمال المسرحية الجادة التي تقوم بإخراجها، الى اي المدارس تنتمي من الواقعية؟

هناك الكثير من المدارس في المسرح ولكن لا توجد مدرسة معينة للإخراج المسرحي والاعمال هي مزيج من رمزية في التعبير لتخفي خيوطاً تربط مضمون الاعمال بمدارس معينة مثل البريشتية او الملحمية او التعبيرية وهناك الكثير من الاعمال الواقعية سابقا والتي اخرجها مخرجون كبار مثل سامي عبد الحميد وفاضل خليل وبدري حسون فريد، فضلا عن التجربة الرائدة لحد الان وهو مسرح الصورة للدكتور الرائع صلاح القصب، ولا ننسى رائعة المرحوم عوني كرومي في ترنيمة الكرسي الهزاز، وكذلك مسرحية دزدمونه لعباس الحربي، وعليه فاننا لا نستطيع العمل على مدرسة واحدة، وأنا أميل إلى التخصص مثلا هناك فرقة في انكلترا تسمى فرقة شكسبير تقدم أعمال شكسبير فقط الكلاسيكية ولكن بحداثة عالية وكذلك وجود فرقة مسرحية تعرض احدى المسرحيات لأكثر من ثلاث عشرة سنة فإذا أردنا أن نعمل على نظام المدرسة الواحدة في المسرح نحتاج الى معاهد متخصصة او بيوت ثقافية متخصصة لهذه المدرسة تعمل بأنظمة مشابهة للأنظمة المعتمدة في معهد الفنون وكلية الفنون الجميلة.

ما هي وسائل النهوض بالمسرح في الوقت الحالي؟

زيادة على ما ذكرناه فان التلفزيون يعد وسيلة مهمة للدعاية للأعمال المسرحية كونه موجوداً في معظم بيوت العراقيين، اذ كانت الاعمال المسرحية في السابق تعرض في التلفزيون مما يدفع الجمهور الى البحث عن المسارح او الاعمال الجادة لذلك نحن نحتاج الى دعم مؤسسة التلفزيون والفضائيات في عرض الاعمال الجادة وتعريف الجمهور بها .