ادب وفن

«فندق كويستيان» رواية عن الوجع العراقي / فاضل ثامر

رواية "فندق كويستيان" للراوئي خضير فليح الزيدي، الصادرة عام 2014 هي واحدة من روايات الوجع العراقي. إذ تتزامن أحداثها مع الجريمة النكراء التي ارتكبتها عصابات الإرهاب والتكفير في العراق بتفجير شارع المتنبي في ظهيرة يوم الاثنين 5/3/2007.
وزمنيا, في حساب الزمن الكرونولوجي للرواية, فهي تدور في زمن لا يزيد على عشرة أيام, لكنها تمتد أفقيا وعموديا نحو أزمنة بعيدة, منها بشكل خاص بعض صفحات الحرب العراقية الإيرانية التي كان فيها البطل مجندا وتحديدا عام 1985 حيث يروي لنا البطل صوراً مؤلمة ودالة لبشاعة الحرب العدوانية المجنونة التي شنها النظام الدكتاتوري آنذاك.
وقد يفضل بعض القراء وصف الرواية بأنها رواية عن تفجير شارع الثقافة العراقية العريق هذا، وقد يعقد البعض الآخر مقارنة بينها وبين رواية عراقية أخرى سبقتها هي "شباك أمينة" للروائي اسعد اللامي الصادرة عام 2014 أيضا والتي صدرت قبلها ببضعة أشهر، لأنها هي الأخرى تنقل جوانب مهمة من تلك الجريمة البشعة.
لكن لا يمكن اختزال رواية "فندق كويستيان " بهذا الحدث التراجيدي فقط, كذلك الأمر بالنسبة لراوية "شباك امينة ". فرواية " "فندق كويستيان" هي رواية عن الواقع العراقي المؤلم الذي رافق سنوات الصراع الطائفي الدموي عامي 2006 و 2007 حيث نجحت قوى الإرهاب والتكفير وأيتام النظام الدكتاتوري المقبور في استدراج بعض القوى السياسية إلى الاقتتال وإضفاء مظهر الصراع الطائفي على الصراع الذي كان يقوده تنظيم القاعدة والأجنحة الإرهابية المسلحة المختلفة التي كانت تتحالف معها ضد الواقع السياسي الجديد الذي أعقب سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003.
والرواية تتسع لتتحول إلى سيرة ذاتية لراويها وبطلها ناصر رشيد فوزي ولصديقه علي عبد الهادي, كما تتفتح على محاور بحث عديدة في مقدمتها: البحث عن المخطوطة التي كتبها البطل قبل هروبه خارج العراق والبحث عن رباب حسن فضلا عن البحث عن الفاعلين المفترضين لجريمة تفجير شارع المتنبي و لكنها تتحول أيضا إلى عملية البحث عن البطل نفسه ناصر، بعد اختفائه المفاجئ.
تتكون الرواية من ثلاثين فصلا مرقما وملحق وثائقي يتناوب فيها السرد بطل الرواية وراويها المركزي ناصر الذي يسرد اثني عشر فصلا وصديقه علي عبد الهادي "ابو الجرايد" الذي يسرد العدد نفسه من الفصول فيما تكشف الفصول الستة المتبقية عن رواة مختلفين منهم الكتبي كريم حنش , كما نجد فيها بعض المرويات التي يقدمها الروائي علي عبد الهادي أيضا.
والسرد بصورة عامة, في هذه الرواية يتخذ مظهرا سرديا فنيا مبأراً حيث تعرض الأحداث الأساسية عبر زاوية نظر أحد الرواة دونما تدخل أو إقحام من قبل الراوي او ذاته الثانية اللهم إلا في بعض المقاطع التي لا يمكن نسبتها إلى راو محدد.
ويبدو أن المؤلف قد عمد , لكي يضمن شد القارئ وضمان ملاحقته لأحداث الرواية إلى لون من المونتاج الروائي تحول فيه إلى "مونتير" حقيقي حيث قام بتقطيع ولصق وقص بعض الأحداث وإيقافها أو تجميدها في لحظة زمنية معينة ليعاود بثها في زمن لاحق من حبكة متوترة وفقت بين حركة الارتداد إلى الماضي وتحديداً إلى أعوام الحرب العراقية الإيرانية عام 1985 وبين حركة الحاضر عام 2007.
وجلي أن الرواية تنتمي بامتياز إلى ما يسمى بالمنحى الميتاسردي في الرواية والمتمثل في وجود قصدية في كتابة الراوية وفي إدخال رواية قديمة هي مخطوطة "حديث الريم" المفقودة داخل المتن الروائي الجديد, فضلا عن انطواء الرواية على أحاديث وتعليقات تقنية خاصة عن فن الراوية بشكل عام واتجاهات الرواية العراقية الحديثة بشكل خاص من خلال حوارات كريم حنش وخالد وحسين علي يونس وغيرهم. وواضح أن المؤلف عمد إلى إدراج الأسماء الحقيقية لبعض شخصيات الرواية الثانوية مثل الأسماء التي أتينا على ذكرها توا. مع تحفظه من جانب آخر على ذكر الأسماء الحقيقية للشخصيات الرئيسية خشية الملاحقة القانونية والملاحقة العشائرية كما ورد ذلك في نص الرواية, إذ أنها مجرد أسماء وشخصيات إفتراضية تخيلية وربما ورقية كما يرى رولان بارت.
ومن الطبيعي لا يمكن للقارئ أن يبدأ بقراءة الرواية ويقفز على" عتبة نصية "بتعبير جيرار جينت مهمة تتمثل في قصيدة" شارع المتنبي "للشاعر الأمريكي براين تيرنر تصدرت الرواية. فهذه القصيدة المترجمة تمهد لدخول الفضاء الروائي, بل وتلقي ظلالها عليه.
وبعيدا عن الدخول في التفاصيل الخاصة بالشاعر والقصيدة نكتفي بالقول أنها واحدة من القصائد العديدة التي كتبها شعراء أجانب عن جريمة تفجير شارع المتنبي, وهي لشاعر أمريكي كان مجندا في جيش الاحتلال الأمريكي في العراق لمدة سنة واحدة وقد ترجمها الشاعر حيدر الكعبي: والقصيدة تعكس معرفة الشاعر بالإطار الثقافي لشارع المتنبي ورمزيته بالنسبة للثقافة العراقية. ومن المعروف أن الشاعر "بريان تيرنر" كان قد نشر قصيدته بعد عشرين يوما من التفجير وأرخها في 25\3\2007. وأهداها إلى الشهيد محمد حياوي أحد مالكي مكتبة النهضة الذي استشهد مع آخرين في تلك الجريمة النكراء. ولذا يمكن أن تعد هذه القصيدة بمثابة مرثاة حزينة عن تدمير شارع الثقافة واستباق سردي أو نبوءة بالأحداث التالية, حيث تتزامن عملية وصول بطل الرواية وراويها ناصر مع تفجير شارع المتنبي وتتعالق أحداث الرواية مع الحدث من خلال عملية البحث عن المخطوطة التي كانت مودعة لدى المكتبي المعروف كريم حنش الذي تعرضت مكتبته إلى الدمار أيضا.
يستهل الروائي سرده الروائي في الفصل الأول بمونولوج داخلي يستغور أعماق راوي الرواية وبطلها ناصر وهو يتأمل حياته في برلين وقراره بالعودة إلى بغداد بحثا عن المخطوطة وكذلك عن رباب حسن, حيث يجري شريط الأحداث داخل الطائرة التي تقله عائدا إلى بغداد.
"في هذه اللحظة بالذات تجاوز عمري الخمسين سنة عراقية "ثم يكشف لنا البطل عن حبكة الرواية بالاعتراف بانه سيبتدئ سرده من النهاية إلى البداية:
"زمني دار بي بعكس عقارب الساعة اللعين من اليمين إلى اليسار.. لهذا سيكون تسلسل الحكاية من النهاية إلى البداية "حقا تجنب الروائي المسار الخطي الزمني في بناء حبكة الرواية ومبناها الحكائي, لكنه لم يبدأ من النهاية تماما, بل وربما من منتصفها, لان النهاية -سرديا - تظل بعيدة جدا.
ومثلما كانت الطائرة هي المكان الذي استهل فيه الروائي اسعد اللامي روايته " شباك آمنة " كذلك كانت الطائرة هي المكان الذي شرع فيه الراوي بوضع لمساته الأولى في روايته " فندق كويستيان " وتتحول الطائرة إلى بؤرة مكانية للسياحة عبر الذاكرة إلى أزمنة بعيدة هي طفولته في مدينة السليمانية, وتتوقف طويلا أمام سنوات الحرب العراقية الإيرانية وتحديدا في العام 1985 عندما كان مجندا في قسم جمع الجثث في احد المواقع العسكرية المتقدمة في محافظة البصرة.
كما ترحل ذاكرة البطل إلى أزمنة قريبة عن حياته الخاصة في برلين مع قطته "سيسو" في شقته ولقاءاته مع أصدقائه العراقيين والعرب في مقهى عرب سنتر البرلينية وعمله مصمما للكراسي والتوابيت في إحدى الشركات الألمانية. ومن خلال سرد سيرى "اوتوبيوغرافي" يكشف الراوي/ البطل الكثير من جوانب حياته ويومئ عرضا وتلميحا إلى أهداف زيارته لانجاز مهمة وصفها بالسرية:
"وبنيتي التوجه إلى بغداد على أمل أن أعود مجدداً بعد انقضاء المغامرة السرية "، وهكذا يوفق المؤلف في إثارة اهتمام القارئ وفضوله بعد أن تجنب الإفصاح عن سر عودته إلى بغداد, لكنه يبدأ تدريجيا بإماطة اللثام عن ذلك السر المتمثل في البحث عن مخطوطته "حديث الريم "التي كتبها أثناء خدمته العسكرية وربما أساسا المرأة/ الحلم رباب حسن بطلة مخطوطة روايته تلك.
"وأنا البطران فرح ُأحلق في طائرة العودة إلى رباب حسن.. أوهمت الأصدقاء بأني قادم إلى بغداد من أجل العثور على مخطوطة روايتي ثم طباعتها".
كما ينطوي الفصل الاستهلالي الأول على استباق سردي مهم يتمثل في التعليق الساخر الذي قدمه بركات أحد أصدقائه في مقهى "عرب سنتر" محذرا إياه من مخاطر العودة إلى بغداد:
"أنصحك بالتخلي عن الفكرة يا صديقي, إلا إذا رغبت بمشاهدة راسك يتدحرج بعيدا عن بقية أعضاء جسمك.. وأنت تشهر بيدك المرتعشة جواز سفرك الألماني أمام الكاميرا.. خلفك لافتة سوداء مكتوب عليها لا اله إلا الله.
تكمن أهمية هذه النبوءة في أنها تنبأت بالمصير اللاحق لناصر وهو ما تحقق فعلا بعد اختفائه واختطافه من قبل إحدى المليشيات المسلحة. وتشغل الذاكرة ومروياتها وخزائنها الكثير من المساحة في حياة الراوي/ البطل:
"ذاكرتي تتضخم يوميا, تعتاش على بقايا شريط فيلم يتحرك امام ناظري... ذاكرة تقودني كالأعمى من مكان إلى آخر نحو طيف رباب المرأة التي أحببتها من طرف واحد".
وهكذا يصبح فعل الذاكرة قوة دافعة للعمل بالنسبة للراوي/ البطل:"في الطائرة أحاول قتل الوقت بتنشيط ذاكرتي والتنقيب عن جغرافية الأمكنة".
لكن الذاكرة ليست كل شيء في الرواية إذ تنتقل الرواية من فعل الاستذكار إلى فعل البحث عن سلسلة من المحاور الرئيسة والثانوية, فما أن يتم العثور على أحد الأهداف مثل العثور على مخطوطة الرواية المفقودة حتى ينبثق فجأة محور آخر من محاور البحث يضطلع به البطل الذي يظل هدفه البحث عن المرأة/ الحلم، الهدف المركزي لرحلته وعندما يخفق هذا الحلم باختفاء البطلة واختطافه, يبرز محور جديد ومهم من محاور البحث يتمثل في بحث علي عبد الهادي المضني عن مصير صديقه الحالم ناصر رشيد فوزي الذي سبق لصديقه بركات في مقهى "عرب سنتر" أن تنبأ به.
لقد نبشت الرواية الكثير من الطبقات المدفونة والمسكوت عنها في الواقع العراقي, وبشكل خاص تلك المقترنة بمآسي الحرب العراقية الإيرانية والجرائم التي ارتكبها جنرالات النظام الدكتاتوري ضد الجنود العراقيين من خلال تأسيس فرق الإعدام التي كانت تعدم بصورة مباشرة الجنود المتراجعين بعد اتهامهم بالتخاذل والهرب. كما حفرت عميقا في أسباب الصراع السياسي والاجتماعي والطائفي بعد سقوط النظام الدكتاتوري ودخول قوات الاحتلال الأجنبي. لكني لاحظت أن الروائي قد بالغ كثيرا في تصوير حالات الاحتراب والاقتتال حتى حول العراق إلى مسلخ بشري, وهو لم يكن كذلك أبدا. ومن الجهة الأخرى فان الرواية أخفقت في الكشف عن الجوهر الخفي للصراع الطائفي بوصفه صراعاً بين قوى الإرهاب والقوى المتحالفة معها ضد النظام السياسي الجديد الذي أعقب سقوط النظام ونجاح قوى الإرهاب في إضفاء الصفة الطائفية على الصراع من خلال استدراج بعض القوى السياسية والطائفية الى حلبة الصراع آنذاك. ومن المؤسف ان تتحدث الرواية عن اقتتال الأخوة, وهو أمر محدود وغير متجذر في السلوك الاجتماعي والسياسي لمختلف مكونات الشعب العراقي.
كما حاولت الرواية أن تقدم تصورا افتراضيا عن الجهات التي خططت لتفجير شارع المتنبي بإيعاز من أحد أمراء الإرهاب "محمد عساف" وبالتعاون مع الشيخ حمادة وثلة من الإرهابيين الذين كانوا يتخذون لهم من احد الجوامع القريبة وكراً سرياً. وسبق لرواية "شباك أمينة" للروائي أسعد اللامي أن قدمت افتراضا آخر يقوم على إناطة هذه المهمة باثنين من الإرهابيين أحدهما تونسي وهو الذي قام بتفجير حزامه الناسف والآخر سوداني اسمه "مبروك" رفض تنفيذ الأمر وألقى حزامه الناسف في نهر دجلة. وهذه المرويات عن تفجير شارع المتنبي هي مجرد تأويلات إفتراضية بسبب غياب بيانات الدولة الرسمية عن الجهة المنفذة ودوافعها.
ويمكن أن نعد رواية "فندق كويستيان" بسبب ما تقدم واحدة من الروايات العراقية القليلة التي تناولت جريمة تفجير شارع المتنبي في بغداد, وهي أيضا واحدة من الروايات المهمة التي قدمت صورة ناطقة عن طبيعة الصراعات الاجتماعية التي عرضت النسيج العراقي إلى خطر التمزق بسبب المظهر الطائفي للصراع الاجتماعي الذي كان يضمر في الأساس جوهرا لعدوان مبطن خارجي وإقليمي ضد التجزئة السياسية الجديدة، تقوده منظمات إرهابية معروفة مثل القاعدة وداعش وبقايا أزلام النظام الدكتاتوري المقبور.
ومن المهم الانتباه إلى هذا التعالق بين جرائم النظام الدكتاتوري المقبور وخاصة من خلال سلسلة من الحروب الدموية المجانية , وجوهر الفعل الإرهابي التكفيري للصراع السياسي خلال السنوات التي أعقبت الاحتلال وسقوط النظام السابق والمتمثل هنا في جريمة إحراق شارع الثقافة ومظاهر العنف المختلفة. وإذا ما كان المتن الروائي الرئيس يغطي جوانب أساسية من الحياة بعد التغيير, فان المخطوطة التي كتبها بطل الرواية ناصر الموسومة بـ "حديث الريم" والتي نشرت بعض فصولها موزعة بين ثنايا المتن الأصلي تغطي فصولاً من جرائم النظام الدكتاتوري من خلال ملاحقة أحداث البحث عن زوج السيدة رباب المفقود ومن ثم تقصي أنباء الجريمة البشعة التي ارتكبها جنرالات النظام وزبانيته بتصفيته عدداً من الجنود العراقيين ودفنهم سراً بحجة الهرب من جبهات القتال والتخاذل.
والمخطوطة التي كانت قد فقدت وتم العثور عليها بصعوبة تشغل أربعاً وثلاثين صفحة أي ما يعادل خمس المتن الأصلي, وقد تم توزيعها بمهارة من خلال عملية التنقيح والمراجعة التي كان يشارك فيها ناصر والمكتبي كريم حنش. ويمكن أن نلاحظ أن هذه المخطوطة هي بمثابة قصة داخل قصة مما يؤكد المظهر الميتاسردي لرواية "فندق كويستيان" لكننا لاحظنا تواضع البنية السردية ولغة الكتابة في المخطوطة, وهو أمر قد يجد ما يبرره في النظر إليها بوصفها يوميات أو مذكرات وثائقية وتسجيلية لمقاتل في الجبهة كتبها في ظروف صعبة وتحت القصف. فالمخطوطة تتخذ مسارا خطيا وزمنا كرونولوجيا متصاعدا وكأنها تقرير صحفي لمتابعة حركة الحافلة المتجهة من بغداد إلى موقع عسكري متقدم شرق البصرة حيث تنشأ علاقة حب صامته من طرف واحد بين المجند ناصر بطل الرواية والزوجة رباب التي تبحث عن زوجها المفقود. وإذا ما نظرنا إلى ثيمة البحث بوصفها هدفا مركزيا مرتبطا بقصة الحب, فان المخطوطة سرعان ما تكشف عن انكسار مفاجئ لهذه الثيمة من خلال ملاحقة مصير الجنود الذين صفاهم جنرالات النظام وفرق إعدامه ودفنهم في مكان مجهول حتى كاد القارئ أن ينسى الثيمة الأساسية للمخطوطة التي لا يمكن أن تكون رواية قصيرة فهي لا تزيد عن كونها قصة قصيرة ليس إلا في بنائها وفضائها السردي وشخصياتها وزمنها ووحدة موضوعها.
لقد وفق الروائي في بناء شخصية ناصر الكردي وصديقه علي عبد الهادي وكانت شخصية ناصر, وهو البطل المركزي نامية ومتحولة وتكتنز أسرارا لا تحد, وهو محمل بذاكرة عراقية, وبغدادية تحديدا تدفعنا إلى التساؤل عن مبرر جعله كرديا, إذ أن وعيه وثقافته وتكوينه تعكس نفسية وروح المثقف العراقي الذي وجد نفسه داخل طاحونة الحرب التي هرسته مع أبناء جيله. كما كانت شخصية علي عبد الهادي شخصية مؤثرة وفاعلة وخاصة في بحثه الدؤوب عن المخطوطة ومن ثم عن صديقه ناصر الكردي, وهو بحث يذكرنا برواية "البحث عن وليد مسعود" لجبرا إبراهيم جبرا. إذ لاحظنا أن علي عبد الهادي يتناوب السرد مع بطل الرواية ناصر ويبرزه أحيانا في عدد من الفصول التي يرويها أو يشارك فيها خاصة بعد اختفاء صديقه ناصر الذي يظل على الرغم من ذلك الشخصية المركزية في الرواية، تماما مثل وليد مسعود في رواية جبرا إبراهيم جبرا الذي اختفى فجأة.
رواية "فندق كويستيان" من الروايات العراقية القليلة التي فاجأتني بنضجها وتوافرها على مقومات السرد الروائي الحديث وتدفعني إلى التفاؤل بدرجة اكبر بالآتي والقادم من عطاء روائيينا العراقيين في المستقبل.