- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 20 كانون1/ديسمبر 2016 20:35

الصورة الأولى: بيت الأسرة؛ صورة بالقلم الرصاص.
الصورة الثانية: الإنغمار في العالم صور باقلام ملونة.
الصورة الثالثة: الذات بمواجهة العالم، صور بالحبر السري.
الصورة الأولى صورة بالقلم الرصاص لمدينة الحلة ، لبيوتها العلمية والثقافية والوطنية، صورة مركبة من البعد الديني المتأصل ،ومن البعد الاجتماعي الأسري ببنية متضافرة بحيث يمكنك أن ترسم الحلة كأيقونة دينية ورمزية من خلال صورة كبيرة لها تجمع بين اسرها وديانتها والطبيعة الثقافية والاجتماعية التي تتحكم بمساراتها.
يكون جلال الماشطة حفيدا في زواية من بانوراما صورة الأسرة الكبيرة، وخلفه ترتسم علامات واضحة أن يكون الحفيد حاضرا في بؤرة هذه الصورة. وفي التاريخ الشخصي لجلال الماشطة سترافقه هذه الصورة البانورامية للأسرة وللحلة كأطار طبيعي وفضاء يشمل الجميع ضمن بينية ثقافية واجتماعية لها حضورها الرمزي في تاريخ العراق, سيحمل جلال الماشطة هذا الماضي الذي عاشه وتكون في حضرته معه دون ان ينسى أو يتناسى دور صورة جلال وهو ينتقل من مهنة إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى، صورة يعود إليها كل ما يحتاجه الآخرون كي يكون لهم سندا أو علامة تعيدهم أو تعيده إلى هذه الوشيجة الأسرية الحلاوية ومتلازمات الحياة وتعقيداتها.. وتبقى هذه الصورة حاضرة في كل مسارات حياته، يزيدها حضورا بما يفعل ويلمعها وهي اللامعة بمزيد من الأفعال التي تشد من حضورها بين الناس،
في البعد الرمزي لسيرة الصور بالقلم الرصاص أنها تسجل الذاكرة الأولى لعلاقته بالأشياء، لما تزل صورة القلم الرصاص الأساس للصور المقبلة، ولذلك يكثر فيها الطفل اللاعب والطفل المشاكس والشاب المتطلع والرجل المحتفى اسريا به.نجد ان صور القلم الرصاص تجمع بين عراقة دينية واستيعاب لحداثة السياسية، دون ان يكون فيهما متطرفا أو بعيدا عن همومه الناس ومشكلاتهم، ويستطيع الأقربون ممن يعرفون جلال الماشطة أكثر منا أن يعيدوا تركيب اجزاء هذه الصورة السيرية ليجدوا أن حفيد آل الماشطة أصبح في مركز الصدارة من الصورة عندما أعاد بنيتها وفق حضور الحداثة الثقافية والاجتماعية والإنسانية فيها، عننما تقدم الكادر بخطوط الرصاص العميقة لترسم ملامحه وبعض القسمات، وها هو يمارس تأكيدها في الأنشطة التي اشترك فيها، دون أن يتخلى عن اسم"الماشطة" كما تمارس الصورة تأكيد نفسها وديموتها بما يفعله ويمارسه المرسومون بالقلم الرصاص.
طبيعة الشخبطات الأولى تؤسس عالما من الأفعال العشوائية وغير الدقيقة، ولكننا نجد العكس عند جلال حين زاد ارتباطه الأسري والمديني،وها هو يرحل لأكثر من أربعين عاما ليعود إلى طفولته ممعن النظر في تلك الخطوط الرصاصية التي رسمت طريقه.
الصورة الثانية: رؤيته القلقة للعالم، رؤية يرسمها بأقلام ملونة هذه المرة، ويؤكد حضوره فيها بجميع مفاصلها، ها نحن نعيد تركيب هذه الصورة المتعدد الخطوط،وكأن جلال يعدد شخصياته فيها، أو ينشئ نوعا من الحوار متعدد الأصوات، وتشكل سيرة الأقلام الملونة طرقا لمسار الماشطة في الحياة، مشكلة نوعا من السيرة الذاتية الأكثر حضورا في بلدان موسكو ولندن وباريس وبغداد وغيرهان هنا، ومن داخل متن السيرة الذاتية لجلال الماشطة،يقدم الماشطة لنا عالم الصحافة والترجمة والسياسة والثقافة والعلاقات والعمل الصحفي والمراسل، لنجد أنفسنا أمام مجموعة من الصور الفرعية المتجاورة والعاملة معًا، وفيها تاريخان: تاريخه الشخصي،وتاريخ المواضيع والأفكار التي قدمها: صورة المثقف اليساري، صورة الناشط الإجتماعي، صورة الكاتب الصحفي، صورة المفكر، صورة الاتصال الاجتماعي والثقافي، صورة السياسي المستقل، صورة المعرفة والترجمة والحضور الفاعل، صورة المشارك لمحن الناس ومواقفهم، صورة المناضل الموهوب في بنية التوازنات السياسية في العراق، صورة المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، صور المرض، صورة الموهبة التي لا يمكن الاستغناء عنها. وبمجوع هذه الصور التي كتبت باقلام ملونة يخلق مثقف عضوي كامل الجدارة بان يكون له رأي في مسار العراق. وبالرغم من أن هذه الصور المركبة والمتداخلة ستبني سيرة قلقة نجده جديرا بأن يحل مشكلاتها ويقف مع المناضلين في تأكيد ايجابياتها، فالصور ،وكما يبدو أنها خارجية تلامس العالم، لكنها من السعة ما جعلها صورا تعكس ذاته القلقة، عندئذ نستطيع ان نجمع صور الاقلام الملونة في سيرة ذاتية داخلية لجلال كي يرى العالم بأكثر من عين.، سيرة المثقف العضوي، المثقف الفاعل.
الصورة الثالثة: وتكتب هذه الصورة بالحبر السري، بقلم خاص لا يعرفه غيره، صورة داخلية،حيث يتشكل عمود الصور كلها باعمال الفرد المسؤول، المؤتمن، فالممارسة الفعلية لتداخل الصور وجدلها حاضرة ومؤثرة في كل ممارساته أثناء علاقته بالسلطة كمستشار لرئيس الجمهورية، حين يعبر عن مواقفه بحرية التنوع الثقافي له، حرية صوته الخاص فهو الإنسان المركب من قوى عملية وثقافية كانت خطاباته متوانة، مشفوعة بخِطاب سياسية ثقافي، وشهد الوسط السياسي حضور جلال الطالباني من خلال جلال الماشطة، وحضور جلال الماشطة من خلال الطالباني، هذا يعني ان خطابات الاثنين عملتا وشيجة لخطاب وطني. حين يقدم الطالباني الكبير الماشطة كمستشار إلى جهات رسمية ووطنية، كان يقدم نموذجا إلى مثقفي العراق القادرين على إدارة البلاد، وعمق الماشطة حضوره السياسي من خلال حضوره الاجتماعي، كما شهد الماشطة وهو متنقلا عاملا في مدن العالم ورسولا للثقافة الوطنية،الكيفية التي تبنى فيها ثقافة البلد وسياسته.
كان جلال الماشطة في الصورة الثالثة، مؤلفا لخطاب السلطة، ويعد هذا المؤلف نقديا وفق طبيعة المؤلفين في البنيوية مؤلفا ثالثا، لخطاب عام غير مقيد بكلماته، ومؤسس لخطاب يجمع بين معنى اللغة الثقافية ومعنى اللغة السياسية، ثم يترك لنفسه اختيار الكلمات والجمل التي تعبر عن الموقف السياسي، لذلك فهوليس ناطقا باسم ما ولا مدونا لخطاب آخر يُلقى عليه، ولا مؤرخًا أو نساخًا أو وراقًا، إنَّما هو مؤلف لسياق ثقافي سياسي يعبر من خلاله عن موقف السطلة الرسمي، ممثلا بالرئيس جلال الطالباني الذي كان احد أهم الرؤساء المثقفين.وفي موقفه هذا كان ينقل خطاب السلطة من المعلومة إلى الثقافية .
في مركزية الصورة الثالثة، المكتوبة بالحبر السري، يعيد جلال الماشطة بنية بيت الماشطة من جديد ويديم حضوره في مرحلة مهمة من تاريخ العراق، دون أن يكون لهذا الحضور بعدا عشائريا. وانا اتابع بعض انشطته أجد أن صورة القلم الرصاص وصور الأقلام الملونة والصورة الذاتية المكتوبة بالقلم السري تجتمع كلها في كل فعالية يتقدمها جلال الماشطة، فالتاريخ يتجدد عبر حضور الأشحاص الفاعلين ولا تعاد صياغته لمجرد رغبة ما، التاريخ خالد يحفر إلى الأمام دائما