متابعة "طريق الشعب"لم تكن الأزمة الخليجية بين السعودية والامارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، مفاجئة، لكن المفاجئ هو القرار القاطع بسحب الدول الثلاثة سفراءها من الدوحة، إذ من الأساليب الدبلوماسية المتعارف عليها استدعاء السفراء للتشاور أولًا، وليس سحبهم.
وإن كان سحب السفراء مفاجئا فعلا، فإنه يدل على قرار خليجي بمعاقبة الإمارة الصغيرة على دورها في العديد من المسائل الشائكة في المنطقة.
وحمّل البيان المشترك الصادر عن الدول الثلاثة قطر مسؤولية عدم تقيدها بمقررات قمة مجلس التعاون الخليجي في 23 تشرين الثاني 2013، الذي نص على "الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس، بشكل مباشر أو غير مباشر. وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أم عن طريق محاولة التأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي".
وهذا الاتهام الخليجي أو السعودي لقطر ليس جديدا، خصوصا أن الشأن المصري أدى إلى توتر العلاقات بين الجانبين، مع استمرار قطر في دعم الإخوان المسلمين، وإتاحة الأثير الإعلامي لهم، وفي مقدمتهم شيخهم يوسف القرضاوي، لمهاجمة السعودية والإمارات مرارا.
وقال البيان: "في ضوء مرور أكثر من ثلاثة أشهر على توقيع الاتفاق دون اتخاذ دولة قطر الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ (...) واستشعارا منهم بجسامة ما تمر به المنطقة من تحديات كبيرة ومتغيرات تتعلق بقضايا مصيرية لها مساس مباشر بأمن واستقرار دول المجلس، فإن المسؤولية الملقاة على عاتقهم أوجبت تكليفهم وزراء خارجية دولهم إيضاح خطورة الأمر لدولة قطر، وأهمية الوقوف صفا واحدا تجاه كل ما يهدف إلى زعزعة الثوابت والمساس بأمن دولهم واستقرارها، وذلك في الاجتماع الذي تم عقده في دولة الكويت بتاريخ 17 / 2 / 2014 بحضور الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، والشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، ووزراء خارجية دول المجلس. والذي تم خلاله الاتفاق على أن يقوم وزراء خارجية دول المجلس بوضع آلية لمراقبة تنفيذ اتفاق الرياض".
وختم البيان: "تلا ذلك اجتماع وزراء خارجية دول المجلس في الرياض يوم 4 / 3 / 2014، والذي تم خلاله بذل محاولات كبيرة لإقناع دولة قطر بأهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع اتفاق الرياض موضع التنفيذ، والموافقة على آلية لمراقبة التنفيذ، إلا أن كافة تلك الجهود لم يسفر عنها مع شديد الأسف موافقة دولة قطر على الالتزام بتلك الإجراءات".
وبعيدا عن الخليج، يرى المراقبون إن السياسة التي انتهجتها دولة قطر في الأزمة السورية خرجت عن الإجماع الخليجي، في تقديم كل الدعم الممكن للشعب السوري، ليتخلص من نظام بشار الأسد.
فالسعودية والامارات تتهمان قطر بتمويل المجموعات الجهادية المرتبطة بالقاعدة، لكي تكون رهن إشارتها السياسية والميدانية، تستثمرها متى تريد لتعزيز مكانتها الاقليمية والدولية في أي تفاوض على السلام في سوريا مستقبليا.
ثم تتهمانها بعد ذلك ببيع كل الشبكات المعادية لحزب الله في لبنان إلى أجهزة الأمن في الحزب، من ضمن اتفاقية للتعاون الأمني، وضع أسسها مدير المخابرات القطرية مع مسؤولين في حزب الله، التقاهم في بيروت منتصف شباط الماضي.
وترى السعودية إن هذا السلوك القطري يضر بالعلاقات الخليجية مع دول المنطقة، خصوصا مع لبنان، من خلال الإيحاء بأن الشبكات الأمنية كانت تأتمر بأمر سعودي، وهو مناف للصحة والعقل، خصوصا أن هذه الشبكات التفجيرية معادية للسعودية بمقدار معاداتها لحزب الله.
الجدير بالذكر أن وزير خارجية قطر زار مؤخراً ايران، وجرت محادثات بين الطرفين لم يتم الكشف عنها.