مدارات

الناجون يروون تفاصيل التفجير الدموي في مدخل الحلة

وكالات - طريق الشعب
على طول الطريق الممتد بين النجف ومحافظة بابل، تشاهد سيارات مسرعة تحمل جثامين من قضوا في التفجير الانتحاري الاخير، بعضها ملفوف بالعلم العراقي.

وفيما يلف الحزن العميق ركاب هذه السيارات، تسمع صيحات الحزن والالم من نسوة اتشحن بالسواد عند مرور كل سيارة حيث توقفنا قليلا للتزود بالوقود بين المدينتين.
في مدينة الحلة، مركز محافظة بابل، التي فجعت قبل يومين بفقد أحبتها اثر تفجير انتحاري يعد الأعنف والأكثر دموية خلال سنوات في البلد، تشاهد مشاعر الغضب وعدم الرضا مرسومة على الوجوه البابلية، حزناً على من فقدوه، وغضباً من استمرار مسلسل الاعتداءات من دون توقف، تضاف اليها الإجراءات الأمنية في تفتيش وتدقيق السيارات والأشخاص.
ونقل مراسل إحدى وكالات الأنباء المحلية أنه قصد "محل الانفجار عند مدخل المدينة الشمالي علّنا نعثر على ناج من الانفجار، حيث هالنا ما رأينا من آثار الدمار وبقايا الأشلاء الممزقة والمبعثرة في محيط 200 متر أو أكثر. فما يسمع عنه غير ما يشاهد بشكل مباشر؛ رائحة الموت المنبعثة من بقايا السيارات المتفحمة والهياكل الحديدة المتبقية من حاجز التفتيش واكشاك الباعة تزكم الأنوف؛ ففي هذا المكان قضى اكثر من خمسين شخصا نحبه وقائمة الموت تزداد في كل ساعة، بموت المصابين من جرحى الانفجار.
على مقربة من الانفجار تقدم باتجاهنا شخص وهو يصفق بيديه أسفا ويتمتم بكلمات غلب عليها صوت البكاء، مؤكدا انه لم يشاهد في حياته اكثر رعبا وإيلاما من ساعة الانفجار.
يروي السيد احمد كاظم وهو بائع كان على مقربة من الانفجار ان "ساعة الذروة كانت حين دوى صوت ارتفعت بعده أعمدة اللهب والدخان تلتها أشلاء ممزقة وقطع حديد انتشرت على مسافة وصلت الى 500 متر أو اكثر".
ويتابع البائع حديثه وعلى وجهه لا تزال علامات الصدمة والذهول مرتسمة انه شاهد "جثثاً متفحمة وأطرافا مبتورة وامرأة تحمل بيديها طفلا غطت الدماء وجهه".
ويضيف كاظم ان "صرخات الاستغاثة علت في كل مكان. وتطوع الناجون من الانفجار لإسعاف المصابين رغم اصرار الشرطة على الابتعاد تحسبا من وجود مفخخة اخرى".
تركنا احمد وتوجهنا الى مقر قناة العراقية في الحلة التي فقدت اثنين من إعلامييها بالانفجار، (والقول لمراسل وكالة "واي نيوز" الإخبارية)، حيث كان باستقبالنا الزميل محمد حسين علي، الذي أشار الى ان الزميلين مثنى عبد الحسين وخالد ثامر صادف وجودهما لحظة الانفجار عندما كانا متوجيهن لتصوير برنامج صباح الخير في منتجع آثار بابل، وذكر انهما كانا على بعد سيارتين من الصهريج المفخخ وقد تفحما بشكل كامل.
وقال علي ان مشاعر الحزن والغضب تسيطر على مشاعر الناس هنا، فهم بحاجة الى آمان يفتقدونه في كل يوم، وأصبح الخروج من البيت مجازفة كبيرة"، مشيرا إلى أن "لحظات تشييع الزميلين من مقر مكتب العراقية في بابل كانت مليئة بالحزن والحيرة، وخيّم على الجميع الصمت والوجوم، فبالأمس كانوا معنا يشيعون حياةً وآمالا، واليوم غيبهم الموت ولا يعلمون لماذا وأي ثقافة او دين يبيح قتل الناس وإزهاق الأرواح.
عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل حسن فدعم الجنابي، اكد في اتصال هاتفي مع "واي نيوز"، ان " القادة الأمنيين في المحافظة يتحملون مسؤولية تكرار الخروقات"، مشيرا ان لجنته "طالبت مرارا وتكرارا باجراء تغييرات في قيادة الاجهزة الامنية والمجيء بدماء جديدة من ذوي الخبرة والكفاءة لمواجهة التحديات الكبيرة في المحافظة ".
واوضح ان "من يقوم بالتفجير هم رجال يخططون للقيام باعمالهم الاجرامية، ولا بد من توفر رجال على قدر المسؤولية يضعون الخطط المناسبة للقضاء على أي مجموعة تهدد امن المجتمع، وهو ليس صعبا اذا ما تم التعامل وفق الخبرة والكفاءة في اختيار الاشخاص لقيادة الملف الامني".
من جهته، أكد محافظ بابل صادق السلطاني، امس الثلاثاء، الأنباء التي تحدثت عن إعفاء مدير شرطة محافظة بابل اللواء عباس عبد زيد وتنصيب اللواء رياض الخيكاني بديلا عنه، بالإضافة الى عمله مديراً لاستخبارات المحافظة.
وقال السلطاني في تصريح اطلعت عليه "طريق الشعب" أمس"، ان "القرار صدر على خلفية استهداف المحافظة بعدد من السيارات المفخخة، التي أدت الى استشهاد وجرح عدد من المدنيين الابرياء ومنتسبي الاجهزة الامنية"، موضحا ان "الاستهداف الاخير لسيطرة الاثار اوجب علينا إجراء اتصالات مكثفة مع الجهات العليا والخروج بنتيجة، وهي تغيير مدير الشرطة وعدد من قيادات المديريات الاخرى ووضع هيكلية جديدة للقيادات الامنية واستبدال الخطط الامنية بأخرى للحفاظ على ارواح المواطنين".
وكشف محافظ بابل ان "السيارة التي انفجرت صباح الأحد كانت تستهدف إحدى الدوائر الحكومية داخل المحافظة. وان تمكن احد الضباط من التعرف الى الإرهابي؛ أدى الى إسراعه في تفجيرها قرب السيطرة".
وبين ان "العمليات العسكرية المستمرة في محافظة الانبار، أدت الى تسرب الكثير من العناصر الارهابية الى مناطق شمال بابل، التي وجد فيها الإرهابيون بعض الملاجئ الآمنة، واستطاعت بطريقة ما إشغال القوات الامنية واستهداف الأمنيين والمدنيين".
وأكد السلطاني "استعداد الحكومة التنفيذية في محافظة بابل، للتعاون ودعم كافة الاجهزة الامنية لبسط سيطرتها، وحماية ارواح المواطنين".