مدارات

قصة بناء قبر الشهيد الخالد يوسف سلمان يوسف (فهد)

سالم الحميد

بتاريخ 14/شباط/2014 والذي يصادف يوم الشهيد ولدى زيارتنا قبر الرفيق الخالد فهد ضمن وفد منظمة محلية الثورة، التقينا مصادفة بالفنان المصور أنور الفرحان حيث كان ضمن الحاضرين للاحتفاء بهذه الذكرى العطرة. وسألناه عن كيفية بناء قبر الرفيق الخالد فهد، قال الرفيق أنور:
كنت أنا صاحب الفكرة الأولى لإعادة ترميم وبناء قبر الشهيد الخالد فهد كان ذلك عام 1974 . كنت شاباً يافعاً ، حين سمعت أن بعض رفاقنا سيقومون بزيارة لقبر الشهيد فهد فطلبت منهم أن أرافقهم، وحين وصلنا ترقرقت الدموع من عيني وجدت أن القبر مهدم ومعالمه آيلة للزوال وتحيط به النفايات، والاعشاب، فقلت في داخلي أيمكن أن يكون هذا القبر لشخصية عظيمة مثل الرفيق فهد.. اثار الموضوع اهتمامي خصوصاً أن شخصية الرفيق فهد كانت تسيطر على جل تفكيري كنت متأثرا به.. بل كنت مغرماً بشخصه وأفكاره.. حتى إني حين كنت أمر من باب المعظم قرب الطب العدلي من جوار المقبرة كنت أشعر بشعور غريب يجتاحني وأتخيل مشهد دفنه ومرور جنازته من هذا الشارع..

كيف عرفتم إن هذا قبر الرفيق فهد؟

قال الرفيق ابو خلدون أحمد الغنام وهو أحد المساهمين في الترميم والبناء:
-تم دفن الشهيد فهد من قبل الشرطة في مقبرة باب المعظم ولم تسلمه لعائلته وخاصة اخاه الأكبر داود. وبقي قبره مجهولاً حتى قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958. كان الرفيق عبد الرزاق الصافي أول من قاد حملة لمعرفة مكان القبر، وقام بالاتصال بأمانة العاصمة، عن طريق أحد موظفي الامانة الوطنيين، فيما أشرف موظف اخر على دفنه وأشار لموقع قبره بين نخلتين. للدلالة لمعرفة مكانه، بعد انقلاب 8 شباط عام 1963 خاف حارس المقبرة أن يهدم البعثيون القبر فقام برفع الشاهد واخفائه، علما أن حارس المقبرة لم يكن من الشيوعيين، بل كان متعاطفا مع صاحب القبر الذي كما كان يقول " أن صاحب هذا القبر شخصية مهمة ووطنية لذا كنت أخشى ان تزول معالم هذا القبر.. لذا أزلت الشاهد واحتفظت به.."
*توجهنا بالسؤال الى الرفيق أنور الفرحان ليحكي لنا قصة بناء القبر..
قال (كما ذكرت في عام 1974 ولما رأيت القبر متداعيا، تبلورت لدي فكرة الترميم وبنائه من جديد، فعملت لمدة شهر وانا أجمع المبلغ المطلوب للترميم، كنت كل جمعة آتي وأقوم بتنظيف المكان وقلع الاعشاب المحيطة به حتى هيأت مساحة مناسبة لتكون ساحة للوقوف حدادا على روحه وتم صبها بالاسمنت ثم بنينا القبر، حتى اصبح معلماً مميزاً بين القبور، بعد ذلك قمت بصبغ الشباب المحيط بالقبر باللون الاحمر والابيض وأحطت الشباك بشعارات ولوحات للحزب، جاء وفد من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وزاروا القبر، وعرفوا أنني من قام بهذا العمل لذا أمروا بتكريمي بأن يوجهوا لي بطاقة دعوة لحضور احتفالية العيد الأربعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي اقيمت الاحتفالية في قاعة الخلد، كنت قد تفاجأت حينما حضر الرفيق المسؤول الى بيتنا وهو يسأل عني علما أنه لا يعرف محل سكناي. وسلمني بطاقة الدعوة.. وحتى لا أبخس حق احد من المشاركين في العمل فأنهم الرفاق الناشطون، احمد الغانم، وخضير عبد الرحيم، وحميد قاسم، ووادي جلود، وطالب ديمتروف، ونوري عبد الحسين..

كيف كان ترميم القبر مرة ثانية؟

-في عام 2004 انبثقت فكرة الترميم حاضرة، والغريب إن حارس المقبرة -وكأن التأريخ يعيد نفسه- قام برفع الشاهد خوفا على القبر من أن يهدم..
اقترحت على الحزب تعديل وترميم القبر فكلفت بالأشراف على عملية الترميم، وكانت تكلفة إعادة البناء مصروفة من قبل الرفيق وبموافقة الشهيد سعدون.. قمنا بجلب المواد الضرورية للبناء، وذهبنا الى حارس المقبرة لاستلام الشاهد الذي كان محافظا عليه كقطعة ثمينة.. وتم وضعه من جديد ليرى النور مرة اخرة بعد أن اختفى لمدة تزيد على الخمسة والعشرين عاماً.. علما أن الشكل الحال للقبر هو تصميمي وفكرتي كلفت الفنان نداء كاظم بنحت تمثال نصفي لوضعه على القبر الا أنه اختفى"
ورافقني بالبناء بعض الرفاق منهم الرفيق ابو وسام وعمل معي كحرفي، وضعت داخل القبر للتأريخ مجموعة من الصحف منها طريق الشعب، والفكر الجديد، والشاهد، والقاسم المشترك، ودفنت بعض الصور كما وثقت عملي هذا ووضعته بحافظة داخل القبر..
ثم أضاف وهو ينهي قائلاً اتمنى ان يكون لي الشرف ببناء صرح مميز لمؤسس الحزب الشيوعي العراقي الرفيق فهد حلم طالما تمنيته..