مدارات

ألمانيا .. فعاليات متنوعة في أكثر من 100 مدينة بمناسبة الذكرى الـ 75 لاندلاع الحرب العالمية الثانية

رشيد غويلب

تمر غدا الاثنين الذكرى الخامسة والسبعون لاندلاع الحرب العالمية الثانية، ففي الاول من ايلول عام 1939 غزت قوات النظام النازي الالماني الاراضي البولونية، معلنة عن بدء واحدة من اكبر المآسي في تاريخ البشرية، راح ضحيتها اكثر من 50 مليون انسان، ما عدا الاضرار المادية و ألآثار النفسية التي خلفتها معاركها، والجرائم التي رافقتها.
وقد جرت العادة في المانيا على استذكار هذه المناسبة سنويا تحت تسمية "يوم ضد الحرب" في غرب المانيا، و"يوم السلام العالمي" في المانيا الديمقراطية السابقة، وبهذه المناسبة اصدر "مجلس حركة السلام الالمانية"، ومقره مدينة، كاسل، اصدر تصريحا ضافيا اشار فيه الى:
تستقبل حركة السلام، واتحاد نقابات العمال في عموم المانيا هذه المناسبة بتنظيم فعاليات متنوعة في اكثر من 100 مدينة، وستشمل هذه الفعاليات ، تجمعات للاستذكار ضحايا الحرب، و اخرى للاحتجاج ضد الحرب، و ندوات، وغيرها من الفعاليات. وستنطلق اولى الفعاليات في الساعة الخامسة وخمس و اربعون دقيقة صباحا عند النصب التذكاري لضحايا النازية في مدينة كاسل، في محاكاة لكذبة هتلر الوقحة: " في تمام الساعة الخامسة والدقيقة الخامسة والأربعون تم الرد على النيران المعادية"
واشار التصريح الى ان الحرب لا تأتي من فراغ، بل يجري التحضير لها وإعلانها من قبل المهيمنين، وهكذا كانت الحال قبل مئة عام مع الحرب العالمية الاولى، وكذلك كان قبل خمس وسبعين عاما مع الحرب العالمية الثانية. وان كلا الحربين انطلقتا بهدف السيطرة على العالم، ومن الارض الالمانية.
وكان الدرس المستخلص من الحربين: "لا للفاشية، لا للحرب ثانية". وبتأسيس الأمم المتحدة، واعتماد ميثاقها في عام 1945، حرمت الحرب، وشكلت منظمة عالمية هدفها الرئيسي، الحفاظ على السلام، واحترام القانون الدولي. الا ان نظرة على العقد الاول من القرن الحادي والعشرين، تبين اننا ابعد ما نكون في أي وقت مضى عن تحقيق كلا الهدفين. "ان العديد من بلدان العالم تعاني من سباق التسلح، والحرب، والعنصرية، ومعاداة الاجانب، والاضطهاد، وملاحقة الاقليات - وهناك القليل من السلام في الافق".
وجددت حركة السلام نقدها لسياسة تصدير الاسلحة، التي تمارسها الحكومة الالمانية، والتي جعلت المانيا، في السنوات الاخيرة، تحتل المرتبة الثالثة بين البلدان المصدرة للسلاح. فالاسلحة الالمانية منتشرة في جميع ساحات الحرب، وهي تنافس اليوم افضل ما انتجته ماكنة الحرب في البلدان الصناعية المتقدمة، وهذه الاسلحة انتشرت بعيدا عن مناشئها، وتغذي اليوم عدد لا يحصى من الحروب الاهلية، حيث ان احدث الدبابات الالمانية وضعت تحت تصرف حكومات اندونيسيا، وقطر، و الامارات العربية المتحدة، وستصل قريبا للسعودية. وتريد الحكومة الالمانية من البرلمان الموافقة في يوم الاثنين القادم، يوم ذكرى اندلاع الحرب، الموافقة على تصدير السلاح الى مناطق الصراع المسلح في العراق ، خلافا للضوابط التي تعتمدها الحكومة ذاتها في التعامل مع عمليات تصدير السلاح.
وهذه السياسة العسكرية تتماشى مع ما اعلنه الرئيس الالماني، وزير الخارجية، ووزير الدفاع في كلماتهم في "مؤتمر ميونخ للامن"، و تأكيدهم على: أن ألمانيا ستلعب في المستقبل دورا ناشطا في إدارة الأزمات الدولية، ولا تقف متفرجة على التدخلات العسكرية القادمة. وضرورة انهاء "ثقافة التحفظ العسكري". وبعد 69 عاما على تأسيس الامم المتحدة، و 65 عاما على اقرار الدستور الالماني يجري التجاوز على القانون الدولي، الداعي لحظر العنف. وتجري العودة الى اعتماد العسكرة والحر ب كوسائل اساسية في ممارسة السياسة. ومنذ سنوات يجري العمل على تحويل الجيش الالماني من جيش للدفاع، كما اراده الدستور، الى جيش جاهز للتدخل في جميع انحاء العالم.
وشددت حركة السلام على ان مقاومة هذه السياسة ما تزال متواضعة، على الرغم من وجود اكثرية بين السكان تصل الى 70 في المائة، ترفض التدخلات العسكرية في الخارج، وتطوير وتصدير الاسلحة. ولم تحول هذه الاكثرية، التي عكستها استطلاعات الرأي، الى فعاليات جماهيرية. واختتمت حركة السلام تصريحها بضرورة "تجاوز هذا الضعف"، باعتباره المهمة الأرأس لها.