رشيد غويلب
اعلن السكرتير العام لحلف الناتو "راسموسن" عن ارسال وحدة من قوات الحلف الخاصة الى بولونيا، ودول البلطيق تتولى مهمة التنسيق مع حكومة "كييف". ولغرض فهم ما يجري من تغيرات في البنى الامنية للناتو في اوربا، لابد من عودة الى ما حدث في الاشهر العشر الاخيرة.
في تشرين الثاني الفائت ، نفذ حلف شمال الأطلسي مناورات الخريف الكبيرة في بولندا ودول البلطيق. بمشاركة 6 آلاف جندي، شاركت فيها الولايات المتحدة الأمريكية بخمسين مقاتل فقط.
وفي حينها عبر المعنيون عن ارتياحهم لنجاح المهمة، ولكن قادة الناتو يرون اليوم ان تعامل الرئيس الروسي فلادمير بوتين في اوكرانيا ، غير كثيرا في تصوراتهم السابقة.
ومنذ اذار الفائت وضع الناتو، وبسرعة قياسية استراتيجية جديدة، ينوي اقرارها في قمته المرتقبة ، التي ستبدأ الجمعة في مدينة ويلز. والاستراتجية الجديدة ليس سوى عودة الحلف الى وسائله القديمة، لادارة الحرب الجديدة، على اساس الهجوم افضل وسيلة للدفاع، ولهذا يريد الحلف تعزيز تواجده العسكري في بولونيا ودول البلطيق ، ليتوانيا ولاتفيا واستونيا. وعبر عن جدية خطط الحلف سكرتيره العام اندرس فوغ راسموسن" في تصريح له في العاصمة البلجيكية بروكسل: " ان الامر لا يتعلق بالتصريحات، بل ما نعنيه هو التدابير الملموسة".
و عرض راسموسن الاثنين الفائت، لاول مرة تفاصيل مفهوم الدفاع الجديد المسمى " خطة جاهزية العمل"، التي بموجبها سيستخدم الحلف قوات الهجوم السريع المتوفرة لديه، والمعروفة بلغة الحلف العسكرية بـ"راس الحربة"، والتي ستحرك بسرعة فائقة الى بولونيا ودول البلطيق. وبهذا الصدد قال السكرتير العام للحلف: "خلال ايام قليلة"، ينبغي لقوات راس الحربة ان تكون جاهزة للتدخل في مناطق الازمة. واضاف " سنتحرك بسرعة ونضرب بشدة". وكما هو معتاد في مثل هذه الحالات ادعى راسموسن "نحن لا ننوي الهجوم ، ولكن لأننا في حاجة للرد على التحديات".
والى جانب بولونيا ودول البلطيق، سيشمل تعزيز التواجد العسكري للحلف على الحدود الشرقية رومانيا، وكذلك كندا حيث يعيش مليونا مهاجر اوكراني. ومن الجدير بالذكر ان حكومات هذه البلدان تدفع باتجاه تواجد دائم لقوات الحلف على اراضيها، على الرغم من التزام الناتو بموجب معاهدة وقعها مع جمهورية روسيا الاتحادية في عام 1997، بعدم ابقاء قوات قتالية كبيرة بشكل دائم على اراضي دول معاهدة وارشو السابقة. ولهذا اشار "راسموسن" الى ان الحلف سيحترم الاتفاقات المعقودة ويعمل على تدوير قطعاته العسكرية في المنطقة، كما يدعي!
وبدأ الناتو بعد وقت قصير من اندلاع الازمة الاوكرانية بتطبيق مبدأ تدوير القوات. وفي هذا الاطار ارسلت الولايات المتحدة اربع سرايا من المضليين الى مناطق الحلف الشرقية، وارسلت طائرات مراقبة جوية اضافية. وارسلت بريطانيا وفرنسا والدنمارك ايضا طائرات مقاتلة. ويشترك الجيش الالماني منذ الاثنين الفائت بعمليات المراقبة الجوية. وستحل وحدة مضليين المانية في كانون الثاني المقبل محل احدى الوحدات الامريكية المرابطة هناك.
ولم يحدد " راسموسن" حجم قوات "رأس الحربة". لكن تحدثت وسائل الاعلام عن 10 آلاف مقاتل، وسيتمركز جزء منها في قاعدة "غرافنفيور" الامريكية في ولاية بفاريا الالمانية. وأعلن عن البدء بقواعد عسكرية، وساحات تدريب في بولونيا ودول البلطيق، وسيجري العمل على زيادة عدد المناورات في دول اوربا الشرقية. وتناول " راسموسن" مسالة عضوية اوكرانيا في الناتو بدبلوماسية، عندما اشار الى ضرورة ان يتخذ البرلمان الاوكراني بعد الانتخابات المقبلة قرار بهذا الشأن، واقترح السكرتير العام للناتو "الشراكة الامنية"، كما هو قائم مع جورجيا، وستنظم مناورات مشتركة مع اوكرانيا، وهو ما سيزعج الرئيس الروسي.