مدارات

شيلي.. قتلة المغني فكتور جارا يحالون الى المحكمة

رشيد غويلب
يستذكر الشعب الشيلي يوم غد الخميس الذكرى الحادية والأربعين لانقلاب الحادي عشر من ايلول 1973، الذي اطاح بحكومة الوحدة الشعبية اليسارية المنتخبة، بزعامة سلفادور اليندي، وكلف شعب شيلي آلاف الضحايا، والمفقودين، ناهيك عن آلاف اخرى زجوا في السجون والمعتقلات، التي اقامها الفاشيون الذين حولوا البلاد خلال ايام قلائل الى سجن كبير.
وغداة فعاليات استذكار الانقلاب فتح القضاء الشيلي مجددا ملف تصفية المغني والمخرج الشيوعي الشهير فكتور جارا، الذي يعد الى جانب الرئيس المغدور سلفادوراليندي، والشاعر الشيلي الكبير بابلو نيرودا ، من ابرز ضحايا الانقلاب ومقاوميه. وفي هذا السياق اصدر القاضي "ميغيل فاسكيز بلازا" الاربعاء الفائت ، مذكرات اعتقال ضد ثلاثة ضباط سابقين في الجيش الشيلي، بتهة التورط في جريمة اغتيال فيكتور جارا، ومجموعة من رفاقه قبل 41 عاما. واثناء احداث الانقلاب كان جارا ، البالغ من العمر 40 عاما يتواجد في اروقة الجامعة التكنولوجية، التي تحولت لاحقا الى جامعة سانتياغو، وجرى اعتقاله من قبل الانقلابيين مع جمع من اساتذة الجامعة وطلابها ، ثم نقل المعتقلون الى ملعب المدينة، الذي حوله الانقلابيون ، ومباني مؤسسات اخرى، الى مراكز للاعتقال الجماعي والتعذيب. وفي الملعب تعرض جارا الى تعذيب وحشي، حيث قام الفاشست بقطع اصابعه، ولسانه ، عقابا على اغانيه التي جسدت احلام الملايين، والتي كان ينشدها في المعلب المعتقل حاثا الجموع على المقاومة والصمود. وفي السادس عشر من ايلول، أي بعد الانقلاب بخمسة ايام تمت تصفيته.
وبعد نهاية دكتاتورية بنوشيت الفاشية في عام 1990 تم الاعتراف رسميا بجريمة قتله، وجرى نقل جثمانه، من الحفرة المجهولة التي دفنه فيها الانقلابيون، الى المقبرة الوطنية، والمعلب سانتياغو الذي شهد تعذيب وتصفية جارا يحمل اليوم اسمه. وعلى الرغم من ذلك لم تشهد السنوات التي اعقبت نهاية حكم الدكتاتورية فتح ملفات الضحابا والمفقودين، لان العسكر حافظوا خلال الفترة الانتقالية على دور مؤثر في الديمقراطية الجديدة، من خلال تمتع اعضائه في مجلس الشيوخ بالعضوية الدائمة، ومن خلال نظام انتخابي جائر ضمن للاقلية من انصار الفاشية واليمين حق الفيتو، ولهذا كان فتح ملفات جرائم الفاشية يجري ببطء وتلكؤ مقصود. وعلى هذا الاساس لم يجر في عام 1991 سوى الاعتراف بـ 2300 جريمة قتل وتغييب فقط. وفي عام 2011 اعترفت الحكومة اليمينية رسميا بوجود اربعة آلاف ضحية للنظام الدكتاتوري، منهم 3065 بين قتيل ومفقود. ولم يتضمن العدد اللاجئين السياسين، الذي توزعوا في بقاع العالم المختلفة بعد الانقلاب مباشرة، وكذلك افراد عوائل الضحايا الذين دمرت حياتهم بفعل جرائم الانقلابيين.
وفي عام 2007 بدأ القاضي "خوان إدواردو فوينتيس بلمار" التحقيق في ظروف مقتل فيكتور جارا. ومنذ ذلك الحين تم رفع دعاوى قضائية ضد ثمانية من ضباط الدكتاتورية الفاشية، المتهمين اما باطلاق النار على جارا مباشرة، او تورطوا في اخفاء اثار الجريمة. والآن وصل عدد المشمولين بالتحقيق الى احد عشر شخصاً. وقد كشفت التحقيقات ان اثنين من المتهمين سيقدمان الى المحاكم بتهمة المساهمة المباشرة في الجريمة، وفيما يقدم اثنان آخران بتهمة المشاركة في اخفاء اثار الجريمة. وفي مؤتمر صحفي في العاصمة سانتياغو، عبرت جوان جارا، ارملة الفنان المغدور عن ترحيبها بالخطوات المتخذة قائلة:"على الرغم مما حدث، فنحن نرحب بان التحقيقات تسير الى امام. وبعد 41 عاما على استشهاد فكتور نطلع عبر محاكمة قانونية على تفاصيل تصفيته". في نفس الوقت طالبت السيدة جارا بـمحاسبة "بيدرو بارينتوس" المقيم منذ عام 1990 في الولايات المتحدة، والمتهم بكونه المسؤول الاول عن الجريمة. وكان الملازم السابق في الجيش مسؤولا عن اعطاء الاوامر المباشرة بتصفية جارا، وكذلك اطلاق رصاصة على جسده. ومن جانبه ينفي المتهم مسؤوليته عن الجريمة، ويدعي بعدم وجوده في الملعب في حينها، ويدعي انه لم يكن يعرف في ذلك الوقت من يكون "فكتور جارا". وعبر المحامي نيلسون كاوكوتو المختص بحقوق الانسان، عن تقديره لإصرار القاضي على كشف الحقيقة. وان التحقيقات كشفت معلومات جديدة ، عملت الدكتاتورية، وامتداداتها على اخفائها.