مدارات

د. سليم الوردي في ضيافة الشيوعيين: الأكاديمي بين اصطفافين: السياسي والثقافي

رشيد غويلب
ضيّفت اللجنة الثقافية لمقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، في ساحة الأندلس وسط بغداد، عصر الأربعاء الفائت الأكاديمي المعروف د.سليم علي الوردي، الذي تحدث في موضوعة "الأكاديمي بين اصطفافين: السياسي والثقافي".
حضر الندوة جمع من المهتمين والمتابعين يتقدمهم سكرتير اللجنة المركزية للحزب الرفيق حميد مجيد موسى وعدد من اعضاء قيادة الحزب، وأدارها الرفيق فاروق فياض الذي رحب بالحضور وقدم عرضا لسيرة الضيف الشخصية والأكاديمية.
ابتدأ د. الوردي حديثه بالإشارة إلى حساسية موضوع الندوة، مبينا انه يثير فيه القلق ويحتمل بعض الانزلاقات غير المقصودة، وداعيا الى ترك النوافذ مفتوحة لإعادة ترتيب الأشياء المألوفة، بهدف تحريك المياه الراكدة.
بعد ذلك قدم د. الوردي تعريفا لمصطلح "الأكاديمي" وجذوره التاريخية، وعرّج على قضية ترفّع المثقف على السياسي، مشيرا إلى ان "على السياسيين قراءة اسباب عزوف المثقفين عن السياسة".
واستنتج د. الوردي ان حالة الاحباط التي يعيشها المثقفون جاءت نتيجة فشل مشروع الدولة الوطنية العراقية التي تأسست في عام 1921 ، وشدد على أهمية وجود مرجعية معرفية لا ترنو الى كرسي الحكم، وإنما تسعى للاقتراب من الحقائق العلمية.
وتابع قائلا: "اما الحقائق التي يسعى اليها السياسيون فهي عادة مرتبطة بقضية السلطة". وقد افترض د. الوردي في حديثه ان المرجعية المعرفية تشكل قاسما مشتركا بين المرجعيات السياسية، وعزز ذلك بأمثلة، وطالب بوضع مسافة بين السياسي والمعرفي، وبوجوب ان تكون السياسة تابعة للمعرفة.
وقدم عدد من الحضور جملة من المداخلات والأسئلة، ابتدأها الكاتب رضا الظاهر، الذي اشار الى ان "الأسئلة الصحيحة تقود إلى خلاصات صحيحة، وان الأزمة الثقافية هي في جوهرها من الأزمة الاجتماعية، وان هناك تغييبا لدور المثقفين، جاء نتيجة لوجود خلل في موقف السياسي من المثقفين، وكذلك لغياب دعم الدولة للإبداع، وانسحاق المثقفين في طاحونة الركض وراء لقمة العيش".
وتابع قائلا: "ان علاقة الثقافة بالديمقراطية ترتبط بعلاقة المثقف بالسلطة، وان صوت المثقف يواجهة ثالوث (المال والايديولوجيا والقمع)، وان الدولة دائما مؤسسة قمعية"، على حد قوله. وقدم الظاهر في هذا السياق عرضا لتجربة المثقفين الماركسيين الأوائل، متطرقا إلى الانسجام الذي ساد في العلاقة بين المثقف والسياسي العراقيين في عقدي الأربعينيات والخمسينيات، حتى انتهى بانقلاب 8 شباط 1963.
وفي مداخلة له عرض عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الرفيق حسان عاكف، موقف الحزب من الأسئلة المثارة في الندوة، مؤكدا "ان الحزب يسعى لأن يكون قريبا من منتجي العلم والثقافة، وان هناك حاجة لعلاقة صحية مع هذه الفئة لا تقوم على تأطير المثقفين، وفيها الكثير من المرونة".
أما الصحفي توفيق التميمي فقد قدم مداخلة شدد فيها على اشكالية عنوان الندوة، محملا المثقفين مسؤولية في خلق هوة بين الاثنين (الأكاديمي والسياسي) ، ومشيرا إلى ان هناك استبدادا للثقافة الشعرية في العراق، وان انقلاب 8 شباط أدى إلى مجزرة ثقافية.
هذا واكتفى د. الوردي بردود مختصرة على الأسئلة المباشرة الموجهة اليه، دون مناقشة المساهمات المقدمة، وهي كثيرة.
وفي الختام قدم الرفيق حميد مجيد موسى باقة ورد للضيف.