- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الإثنين, 11 أيار 2015 06:51

رشيد غويلب
شهدت الساحة الحمراء بموسكو، امس السبت، العرض العسكري الأضخم في تاريخ روسيا بمناسبة الذكرى الـ70 لعيد النصر على النازية في الحرب الوطنية العظمى.
وحضر العرض زهاء 30 زعيما وقرابة 40 مسؤولا أجنبيا في مقدمتهم رؤساء الصين، الهند، جنوب إفريقيا، فيتنام، مصر، زيمبابوي، كوبا، مقدونيا، منغوليا، فلسطين، سلوفاكيا، البوسنة والهرسك، أبخازيا، أوسيتيا الجنوبية، قبرص، صربيا التشيك، ووزيرا خارجية إيطاليا وفرنسا إضافة إلى الأمين العام الأمم المتحدة بان كي مون والمدير العام لليونيسكو إيرينا بوكوفايا وممثل بريطانيا حفيد وينستون تشرتشل رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية.
وشارك في العرض العسكري بموسكو نحو 16 ألف عسكري و190 قطعة من المعدات الحربية و150 طائرة ومروحية، بما فيها أحدث نماذجها، كما سارت في الاستعراض صواريخ "يارس - 24" العابرة للقارات، ودبابات وعربات المشاة القتالية الحديثة "أرماتا"، والعربات القتالية "كورغانيتس" و"راكوشكا" و"تايفون"، والطائرات المقاتلة "سو 34"، و"ميغ 29 أس أم تي"، وقاذفات القنابل الاستراتيجية "تو 160"، والمروحيات القتالية "مي 28 أن" (الصياد الليلي)، و"كا 52 "(التمساح).
كما سارت في الاستعراض عشرات القطع العسكرية من القوات المسلحة لرابطة الدول المستقلة ودول أخرى صديقة، منها أذربيجان، أرمينيا، بيلاروسيا، كازاخستان، قرغيزيا، طاجكستان، الهند، منغوليا، الصرب، الصين.
وخلال كلمة له في مستهل العرض أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأول مرة في الساحة الحمراء بهذه المناسبة دقيقة صمت لذكرى شهداء الحرب الوطنية العظمى.
وبعيد العرض وضع الرئيس بوتين برفقة نحو من 30 من زعماء وقادة الدول الذين حضروا العرض الزهور على ضريح الجندي المجهول قرب جدار الكرملين.
وقبل 70 عاما وفي التاسع من أيار 1945 انتهت الحرب العالمية الثانية في اوربا باستسلام المانيا النازية، ولهذا فالتاسع من ايار هو يوم انتصار الحرية على الفاشية والعنف، و قد تحقق النصر نتيجة تحالف قوى عالمية واسعة، كان فيها لشعوب الاتحاد السوفيتي وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة وفرنسا ومقاومة الفاشية في اوربا والصين وشرق أسيا التي كان الشيوعيون قوتها الأساسية, دور رئيس فيها.
وأدت الحرب إلى سقوط اكثر من 50 مليون ضحية من العسكريين والمدنيين، كان نصيب الاتحاد السوفيتي منها 20 مليون على الاقل، وشكلت وحشية النازيين وحلفائهم وصمة عار في تاريخ البشرية، وشملت جرائم الإبادة الجماعية ملايين الأبرياء في أوربا، لأسباب عرقية ودينية وثقافية، ولهذا فمن الضروري ان تبقى الذاكرة الجمعية للشعوب حية ولا تنسى ما حدث.
تشكلت معالم خطر صعود الفاشية في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين، في سياق الكساد العظيم، ودعم وتشجيع الرأسمالية المهيمنة في اوربا لها، في هجومها ضد الديمقراطية والسلام، وبهدف القضاء على دولة البديل الاشتراكي في الإتحاد السوفيتي.
وسوف لن ينسى التاريخ ممهدات هذه الحرب التي تمثلت في الانقلاب الفاشي في روما وحرق الرايشتاغ في المانيا، وغزو الحبشة وحرب الغازات فيها، والانقلاب الفاشي في اسبانيا، ومعاهدة الخيانة في ميونخ في ايلول 1938.
ويحتفل الشيوعيون و قوى اليسار والنقابات والحركات الاجتماعية, وكل المناضلين من اجل السلام في عالم اليوم بالانتصار على الفاشية، باعتباره انتصارا للحياة على الموت. وكانت محاكمات نورنبيرغ محطة تاريخية اصدر فيها العالم قراره بحق الفاشية. ووجد شعار "لا للحرب .. لا للفاشية ثانية" صدى واسعا في العالم. ومثل عام 1945، عام انجاز كبير لصالح قوى الديمقراطية والتقدم على طريق نضالها ضد القوى الرجعية والمحافظة. وشكل الإتحاد السوفيتي قوة رئيسة وعونا كبيرا للشعوب في نضالها ضد قوى الاستعمار ومن اجل التحرر و الديمقراطية. وتأسس اتحاد النقابات الديمقراطية العالمية وغيره من النقابات بالتوازي مع تأسيس الامم المتحدة. واستقبل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بحماس منقطع النضير.
وبعد 70 عاما تعود الفاشية والعنصرية الى طريق النمو من جديد، ومعهم المحرضون، الذين يريدون إعادة كتابة تاريخ الحرب، وإعادة رسم الحدود الدولية، والذين يتلقون الدعم والمساندة من ذات القوى التي عملت في العقود الأولى من القرن العشرين على دعم الفاشية وتشجيعها. وتعمل قوى رئيسية في الغرب على عزل ومحاصرة جمهورية روسيا الإتحادية. وفي اوكرانيا تدلل المجزرة ضد النقابيين في اوديسا، كيف ان الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو توظف في صراعها مع روسيا القوى المعادية للشيوعية واليمين المتطرف وحركات النازية الجديدة.
وتسعى هذه السياسات الى التخفيف من عجز البلدان الرأسمالية، وخاصة في سنوات الأزمة الاقتصادية والمالية، عن توفير الحاجات الاجتماعية للأجيال الجديدة في مجالات العمل والرعاية الصحية والسكن والتعليم. ويتسع عدد البلدان التي تنتهك سيادتها، وينتشر الارهاب في الكثير منها، ويقتلع الملايين من البشر من اوطانهم، ويجوبون قارات العالم في بحث يائس عن السلام، والعمل والأمن.
لهذا تحذر الأحزاب الشيوعية وعموم قوى اليسار في العالم من الأخطار المميتة التي يحملها النظام الرأسمالي في زمن الازمة. و في وقت يشهد العالم فيه هجوما على المكتسبات الاجتماعية والحقوق الديمقراطية التي تحققت في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية. وبالتالي فان القوى الحية في العالم، وخصوصا الشعوب الأوربية مدعوة الى العودة الى اليقظة وتصعيد نضالها ضد العنصرية والفاشية والعسكرة التي تنتجها الأزمة الرأسمالية وسياسات التقشف المعتمدة للتعامل معها.