- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 09 حزيران/يونيو 2015 20:46
ترجمة وإعداد / رشيد غويلب
عرض / د. مزاحم مبارك مال الله
صدر مؤخراً عن دار الرواد المزدهرة في بغداد الطبعة الأولى من كتاب "قوى اليسار الأوربي الأزمة المالية والسياسات البديلة"، وهو مجموعة من البحوث والدراسات والمقالات، قام بترجمتها وتصنيفها وأعدادها، الأستاذ رشيد غويلب. الكتاب يقع في 279 صفحة من القطع الكبير، يغلفها غلاف معبر وجميل التصميم أنجزه حسين مهدي.
في مقدمته يقول الأستاذ غويلب أن أوربا تمتاز بـ :
1. تعددية ثقافية ولغوية وقومية وأثنية ودينية.
2. عاشت الكثير من الحروب والتجارب.
3. ذات إسهامات فكرية وعلمية وثقافية وفنية متميزة.
4. شهدت ولادة الفكر اليساري المعاصر والذي تبلور من التطور الرأسمالي الذي أنطلق منها.
5. موطن الفكر القومي المعاصر، منتقلاً منها الى قارات العالم.
ويشير الى أن عالم اليوم يشهد:
- مؤشرات قوية نحو استمرار "خيار اليسار الجذري" على جدول أعمال عدد من التجارب الراهنة.
- أن الأزمة الاقتصادية العالمية خلال 2008-2009، أعادت الاهتمام بالتحليلات اليسارية الجذرية وخصوصاً مؤلف كارل ماركس "رأس المال".
ويشرح غويلب مفهوم "اليسار الجذري":
أولاً ـ لتوصيف (قوى ومشاريع اليسار التي تدعو وتعمل على تجاوز الرأسمالية وتطرح بديلاً اقتصادياً - اجتماعياً آخر).
ثانياً ـ هو ليس مفهوم قوى اليسار التي تدعو الى التعايش مع النظام الرأسمالي وتراهن على أصلاحه.
ثالثاً ـ لا ينحصر في التيارات التي تتخذ من الماركسية مرجعية فكرية لها.
يحتوي الكتاب على مقدمة وأربعة عناوين رئيسة تتناول قضايا اليسار في أوربا كالتجارب والتحديات والنضالات المتنوعة مسلطة الضوء على الأزمات الأقتصادية ـ الأجتماعية في دول أوربا التي تحكمها قوى الليبرالية الجديدة ،وكذلك على أساليب العمل المختلفة من أجل الوصول بالناخب الى صناديق الأقتراع كي يصوّت على برامج تلك الأحزاب.
هذه العناوين جاءت كالأتي: اليسار الأوربي، اليسار اليوناني، اليسار الألماني واليسار الأسباني.
وكل عنوان من هذه العناوين ضمّ مجموعة من المقالات والدراسات والبحوث.
اليسار الأوربي
أحتوى هذا الفصل على12مقالاً، مبتدئاً بـ "حزب اليسار الأوربي"، فيتناول الانعكاسات السلبية لانهيار التجربة السوفيتية على عموم قوى اليسار، القريبة والمتحالفة مع الحزب الشيوعي السوفيتي والبعيدة المتعارضة معه.
أعتبر المعد إن حزب اليسار الأوربي شكل من أشكال الأممية الجديدة، فهو يضم في صفوفه 40 حزباً شيوعياً ويسارياً، يمتلك عدداً من الشبكات العاملة ومجموعات عمل، فهو إطار يساري فاعل وفضاء لتبادل التجارب الى جانب تنظيم الحملات وأسابيع النشاطات المشتركة والفعاليات الفكرية السنوية.
وقد شهدت الأحزاب الشيوعية وغالبية قوى اليسار الجذرية في أوربا، تراجعاً في نفوذها الشعبي خلال العقدين الأخيرين، وبعضها بدأ تراجعه قبل ذلك منذ بداية هجوم اليمين على قوى اليسار، ومع تطبيقات "الليبرالية الجديدة" /أواخر السبعينيات/ من أجل خصخصة القطاع العام والتراجع عن مكتسبات وضمانات اجتماعية في عدد من دول أوربا، والتي جرت على أيدي أحزاب يسار الوسط (الأشتراكية الدولية).
ثم يتناول التسلسل التاريخي للأحداث، فقد عاشت قوى اليسار الأوربي مرحلة انتقالية صعبة 1989-1990 وتوصلت تلك القوى الى استنتاج مهم وهو: "أن الوقت قد حان لتطوير التعاون الملموس وإعطاء اليسار الأوربي هويته المميزة"، فتمخض عن ذلك تأسيس منتدى العمل المشترك في البرلمان الأوربي وكذلك منتدى اليسار الجديد، ففي حزيران 1999 انبثقت كتلة اليسار الأوربي البرلمانية، وفي اجتماع "مجموعة المبادرة" المنعقد في كانون ثان 2004،تم توجيه نداء لتأسيس حزب اليسار الأوربي وتم الاتفاق على:
جميع خطوات التأسيس معلنة وشفافة.
- مشاركة جميع الموقعين والمتعاطفين مع المشروع.
- الحفاظ على استقلالية وخصوصية الأحزاب المشاركة, فاليسار الأوربي يتشكل من منظمات سياسية واجتماعية متعارضة ومختلفة في برامجها وفي رؤيتها للعالم وفي طبيعة قواعدها وفي وجهة نظرها بشأن الاتحاد الأوربي.
- مراجعة نقدية لتجارب مراكز الأممية السابقة مثل الكومنترن.
- على اليسار مقاومة تفكيك دولة الرفاه وتدمير الديمقراطية، وعليه التوصل الى قاسم سياسي مشترك ليتمكن من مواجهة هجوم الليبرالية الجديدة ومنطق السوق الرأسمالي.
في الشهر العاشر2005 عقد المؤتمر الأول للحزب في أثينا والذي أكد على ضرورة النضال المشترك مع القوى اليسارية الأخرى والاتحادات النقابية والمنظمات الاجتماعية من أجل أوربا السلام والعدالة الاجتماعية، وتوالت المؤتمرات فكان أخرها المؤتمر الرابع في 12/2014 بمدريد، وقد نجح الحزب في إيصال 17 نائباً عنه الى كتلة اليسار الجديدة في البرلمان والمتكونة من 35 نائباً، وكان ذلك في حزيران2009.
في مقال "سبل للخروج من الأزمة ..الخلفيات الاقتصادية والبدائل لمديونية الدولة"، تناقش د. سارة فاغنكنخت، الإفلاس الوشيك لليونان والذي جعل مديونية الدولة تحتل موقع الصدارة من اهتمامات الرأي العام ،كما إن المانيا تشهد ارتفاعاً تاريخياً بمديونيتها. وتقول أن السبب الرئيس في عبء الديون "ناتج عن التحول نحو الليبرالية الجديدة وأضعاف دور الدولة "، من خلال: رفع القيود عن سوق العمل، أضعاف النقابات، تخفيض شديد للضرائب على الشركات والعقارات، وأضعاف وتفكيك نظم الضمان الاجتماعي، نتج عنه، فك ارتباط الأجور من التصاعد في الإنتاجية ،سوء الخدمات وتقلص عائدات الدولة، كما أنتج تقلص القدرة الشرائية، وأدت الى تحمل المستهلكين تنامي الديون لتمويل الاستهلاك، وهذا ما لا يمكن تغطيته بالرواتب والأجور التي يتقاضونها. ويشير المقال الى ثلاثة عقود من الليبرالية الجديدة وما رافقها من أعتماد للتوزيع التصاعدي، أدت الى أنتاج فقاعة من الديون التي ستنفجر، وهنا تسطّ د. سارة ستة احتمالات للإجابة عن التساؤل: كيف ومن سيتحمل عبث هذا الانفجار؟ وما تأثيراته الاقتصادية؟ وهذه الاحتمالات هي:
1. الاستمرار حتى الانهيار.
2. هل يمكن تجاوز الديون؟
3. هل زيادة الضرائب ستخفض الديون القديمة؟
4. التضخم وسيلة لخفض قيمة الديون.
5. فصل مديونية الدولة عن الأسواق المالية.
6. أعادة جدولة الديون من أجل خفضها.
ويتناول الأستاذ غويلب مجموعة من المقالات المهمة التي وردت في هذا الفصل ولكن، استوقفني مقال "ماين هوند" المنشور في12/2012 والذي جاء تحت عنوان "في الذكرى 165 لتأسيس عصبة الشيوعيين /شبح الشيوعية مازال يجوب العالم"، هذا البيان صدر عن مؤتمر العصبة التأسيسي في 1847وكلف ماركس بصياغة نتائجه، وكتب محاضرة أنجلس، فيقول هوند ،"لم يعد موضع اختلاف، أن شبح الشيوعية لا يزال حياً، ليس في أوربا وحدها وإنما في جميع أنحاء العالم، وكان البيان هو الوثيقة الأولى التي تنبأت بالعولمة"، ويقول أنجلس - بعد صدور البيان - عن توصيف مختار لعصر الاشتراكية المقبل، "بدلاً من المجتمع البرجوازي القديم بطبقاته وتناقضاته الطبقية ،يحل مجتمع يكون فيه التطور الحر لكل فرد شرط للتطور الحر للجميع".
ومن مقال دومينيك هايلغ عضو قيادة حزب اليسار الألماني والموسوم "عرض موجز لمواقف أحزاب اليسار من العملة الموحدة" ـ ويقصد بها اليورو ـ، حيث يستعرض مواقف أحزاب :اليسار الألماني، اليوناني، الشيوعي الفرنسي، اليسار الأسباني المتحد، كتلة اليسار في البرتغال، أكيل، الشيوعي البرتغالي، تحالف الحمر الخضر في الدنمارك، لينتهي بخلاصة مفادها :"يبدو أن النقاش داخل حزب اليسار الأوربي يتجه على الأغلب الى أيجاد الكيفية التي تنأى بالاتحاد النقدي بعيداً عن تطرف السوق، وتحويله الى اتحاد اقتصادي - اجتماعي حقيقي، وباستثناء، أكيل، لا يوجد حزب مهم عضو في حزب اليسار الأوربي يدعو لترك منطقة اليورو".
اليسار اليوناني
يحتوي هذا الفصل على 19 مقالاً،ومن وجهة نظري فأن هذا الفصل يحتل أهمية خاصة في مؤلف الأستاذ الغويلب، للأسباب التالية:
1. الوضع في اليونان أحتل موقعاً متميزاً على طاولة مناقشات قادة الاتحاد الأوربي من حيث أزماته الاقتصادية المتتالية.
2. ومحاولة هذا الاتحاد تفريغ أزمته العامة على حساب اليونانيين.
3. نشاط اليسار اليوناني بدأ يبرز أكثر ايجابية جراء الأزمة العامة التي تلف البلد وعدم تمكن الليبرالية الجديدة من السير بالجماهير نحو بر الأمان.
4. وأخيراً تكلل سعي ونضال اليسار اليوناني بالفوز بالانتخابات الأخيرة وتشكيل الحكومة.
لهذه الأسباب أرى أن اليونان يعد نموذجاً مهماً في الدراسات التي ينبغي أن تأخذه بنظر الاعتبار حينما يُطرح موضوع التحديات المصيرية التي تواجه الفكر اليساري عموماً.
"الغضب اليوناني يتصاعد ضد سياسة التقشف المسعورة"، تحت هذا العنوان أعد المعد، هذه المادة في أيار2011،والخاصة بالتطورات المتسارعة في اليونان، حيث شهدت اليونان إضرابين، الأول في شباط والأخر في أيار عام 2011 ضد خطط التقشف التي ألتزمت بها الحكومة أمام صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوربي، وبلغت نسبة المشاركة في الإضرابين 70-100%، في المصانع الكبيرة وقطاع الخدمات. وناقش المقال سبل الخروج من الأزمة، على الصعيد السياسي ، أجراء انتخابات مبكرة وهذا يلقى الدعم من اليسار المعارض، أما على الصعيد الاقتصادي فهناك خمسة خيارات: تقديم المزيد من المساعدات ،تخفيض الديون، الخروج من منطقة اليورو، أدارة مشتركة لملف الديون بفرض قيود صارمة على الأسواق المالية ،وأخيراً ما يتبناه ح.ش. ي، واتحاد النقابات هو الخروج من الاتحاد الأوربي ومنطقة اليورو وأجراء تحولات اجتماعية جذرية من خلال تطبيق نظام اقتصادي اشتراكي، وعلى المستوى البعيد.
وفي مقال كونراد شولير، يقص لنا "حكاية - إنقاذ اليورو - ابتلاع اليونان" فيوضح أن مديونية اليونان تبلغ 340مليار يورو، وقد صوّت البرلمان لصالح التقشف، والذي يعني، خفض الأجور والمزيد من البطالة، رفع الضرائب، تقليص الخدمات الاجتماعية ،ثم يقول:"لا علاقة لإنقاذ اليورو باستعادة الأقتصاد اليوناني لعافيته، حيث سيستمر المتنفذون "بتقوية اليورو على حساب عظام الإغريق العارية!".
وهذا يعني أن اليورو يعيش أزمة، فتحاول القوى الليبرالية الجديدة الحاكمة أن تنقذه، ولكن على حساب الناس ،بمزيد من التفاوت الطبقي والأضطهاد والظلم الأجتماعي.
وتستعرض سلسلة مقالات هذا الفصل، الانتخابات وميزان القوى، اليسار واليمين، وتشكيل الحكومة ..الخ
وفي مقال دومينيك هايلغ، يستعرض القوى الرئيسة في اليسار اليوناني وكذلك قراءة في نتائج اليسار الانتخابية، فيقول: "وبحصول أحزاب اليسار على 38% من الأصوات ،أصبح من الصعب على أي ائتلاف حاكم تجاوزها أو محاصرتها، فهي اليوم المحرك الحقيقي للمعارضة لأن الجزء الأكبر من هذه الأصوات جاء نتيجة القدرة التعبوية والتحريضية التي تتمتع بها قوى اليسار، والتي لا تدافع عن مطالبها تحت قبة البرلمان وإنما تمتلك القدرة على تحريك الشارع وعلى التعاون مع المعارضة خارج البرلمان".
وفي مقترح كتلة اليسار اليوناني"لحل الأزمة في اليونان وأوربا"، كتب زعيم الكتلة الكسيس تسبراس مقالاً بالمقترح والذي مفاده "عقد مؤتمر الديون الأوربية" يجري خلاله خفض الديون، تأجيل تسديدها، العمل بشرط الاستدامة، إعادة رسملة البنوك، وتوزيع منصف للدخل والثروة، أن كل ذلك يعني مزيداً من النضال من أجل العدالة الاجتماعية والحقوق المتساوية.
ثم يستعرض سلسلة من المقالات الخاصة بالانتخابات اليونانية وتناوب كفة ميزان القوى بين اليمين واليسار في الفوز.
ونتيجة للنضال الدؤوب لقوى اليسار اليوناني فقد حقق انتصاره الباهر في الانتخابات الأخيرة مع بدايات عام 2015 لتشكل تحدٍياً مستقبلياً كبيراً أمام اليسار، وقد تلقى الدعم والتأييد من قبل اليسار الأوربي، وشكل اليسار اليوناني حكومته لتتخذ جملة من القرارات التقدمية فتعلن قطيعتها مع سياسة التقشف وإيفاءً لبرنامجها الانتخابي، فحمل رئيس وزراء اليونان الجديد على التصريح: "انتصرنا في المعركة والحرب لم تنته بعد".
اليسار الألماني
يحتوي هذا الفصل على 16مقالاً، مبتدئاً بمقال حول برنامج الحزب والصعوبات التي ترافق أقراره، وفيه لمحة تاريخية عن برنامج (غوتا / وهي المدينة التي عقد فيها اجتماع حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي وجمعية العمال الألمانية العامة ليندمجا في شباط عام 1875 فأصدرا البرنامج الذي كتب عنه ماركس هوامشه الشهيرة حول برنامج الحركة العمالية الألمانية والمعروفة بـ "نقد برنامج غوتا").
ويقول المعد: "أتهم ماركس وأنجلس كتّاب البرنامج بالتنازل عن مواقف هامة لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي لغرض تحقيق الوحدة، وقال: (أن كل خطوة حقيقية تبقى أهم من دزينة من البرامج)".
وتحت السياق ذاته هناك مقال جاء تحت عنوان "أسئلة اليسار المفتوحة"، وهو نقاش مفتوح حول مشروع البرنامج الجديد لحزب اليسار الألماني، هذا المقال أحتوى على العناوين التالية:
1. اليسار والرأسمالية.
2. اليسار ونظام الملكية.
3. اليسار والطبقات
4. اليسار والبرلمان والمشاركة في الحكومة.
5. اليسار والعسكرة والأمن الوطني
6. وأخيراً اليسار والثقافة السياسية.
وقد أحتوى هذا الفصل مقالات ودراسات غاية في الأهمية والتي جاءت بالعناوين التالية:(أهدافنا :التضامن المتبادل بين فئات العمال المختلفة، برامج إنقاذ اليورو وبدائل اليسار، شبح الاشتراكية يجوب أروقة البرلمان الأوربي، تحول اجتماعي آيكولوجي.. يسار الحاضر ومشروع المستقبل، التجسس على اليسار يقوّض قيم الديمقراطية البرلمانية، لماذا لا يحصد اليسار ثمار مواقفه الصحيحة؟،غرامشي: الأزمة ـ الهيمنة والتحوّل، حزب أخر نعم حزب ثوري،علمي، وديمقراطي، وأكثر فعالية.
وقد جاء في المقال المعنون: "لماذا لا يحصد اليسار ثمار مواقفه الصحيحة؟" لكاتبه اليساري الألماني البارز (أوسكار لا فونتين)، والمنشور في 12/9/2012،ما يلي:
(في مجتمع ديمقراطي يجب أن تسود مصالح الأكثرية وضعفاء المجتمع الذين يحتاجون الى القوانين ليتمتعوا بحريتهم ، ويجب أن تنشأ الملكية كنتيجة لعمل الفرد المباشر ،وليس أن نترك الأخرين يعملون لنا ومن أجلنا).
ويمكن تلخيص تفسير لافونتين والخاص بعدم حصاد اليسار ثمار صحة تحليلاته والسبل التي يطرحها للخروج من الأزمة ، بما يلي:
- أن هيكلية الثروة والسلطة تجدد وتعزز بعضهما البعض، ويقفان، على ما يبدو، كعقبة لا يمكن تجاوزها في طريق التغيرات التي يحتاجها المجتمع، ويشير لافوتين في هذه النقطة الى فقرة وردت في البيان الشيوعي: "إن الأفكار السائدة باستمرار في كل عصر هي أفكار الطبقة المسيطرة".
- استمرار لوبي البنوك في وضع السياسة فى المسار الخاطئ، فبدلاً من تفكيك البنوك الكبيرة وإعادة تنظيم المؤسسات المالية بموجب القانون، تعتمد حلولاً لأزمة الديون المفترضة تؤدي الى تدمير الديمقراطية والى نتائج اقتصادية معكوسة هي النتيجة المنطقية لسياسة التقشف، أن روح العصر واللغة والجهاز المفاهيمي والبنية الحقيقية للسلطة، تقف في طريق تنفيذ الإصلاح اليساري.
- يعاني اليسار من تراجع القيم (الاجتماعية)، فاليسار كان منذ البدء يمثل حركة المقاومة لعملية تدمير التماسك، الإحساس بالانتماء للمجتمع، التضامن والمحبة، وفي الوقت الحاضر حيث تسود "قيم الأسواق المالية"، يبدو اليسار في تبنيه للمشتركات والتماسك والتضامن في المجتمع، وكأنه يعمل خارج الزمن ولم نستفد من تداعيات الأزمة المالية.
- الوضع الثوري ينشأ عندما ترفض الفئات الدنيا استمرار الواقع، ولا تستطيع الفئات العليا تقديم أي شيء، والذين لا يريدون استمرار الحال ،لا يشاركون في الانتخابات.
"إن مقاطعة الفئات الرافضة لاستمرار الحال، للانتخابات، أنما هو ضياع فرصة أمام اليسار للوصول الى السلطة وبالتالي ضياع فرصة تنفيذ برنامجه الذي سيغير الكثير في مسار المجتمعات نحو العدالة الأجتماعية وتحقيق الديمقراطية".
- يتطلب من اليسار، العمل بجدية أكبر لتطوير مفرداته ولغته لتهيئة أرضية خصبة للإصلاح.
ويختتم هذا الفصل بمقال مهم وهو رد على بيان الحكومة الألمانية بشأن الأزمة الأوكرانية جاء تحت عنوان "حزب اليسار الألماني ..رؤية واقعية ومتوازنة لطبيعة الصراع".
اليسار الأسباني
وهو أخر فصل في الكتاب وقد جاء بستة مقالات، وأولها كان عنوانه "الشبيبة الأسبانية تحول اليأس الى ثورة"، ويقول المقال، يعد الأسبان أن ثورة 25 يناير المصرية مَثَلهم للتشابه بين الحدثين، فحتى ميدان التحرير تقابله ساحة بويريه دل سول(بوابة الشموس).
يطلق الأسبان على حركتهم ،التي تضم أكثر من 200 مجموعة، أسم "الديمقراطية الحقيقية الأن"، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أسماء، مثل"الثورة الأسبانية"، "الغاضبون".
الحركة تضم الطلبة والعاطلين والمتقاعدين وخصوم العولمة الرأسمالية وأعضاء النقابات والمنظمات المهنية ومنظمات المجتمع المدني وقوى اليسار وحماة البيئة، فهم خليط من يساريين وليبراليين ومحافظين ومؤمنين وملحدين، يوحدهم، رفضهم للأحزاب المتنفذة في الحكومة والمعارضة البرلمانية، يناضلون من أجل نظام سياسي جديد يحقق العدالة الاجتماعية ولا يخضع لوصفات صندوق النقد الدولي والأسواق المالية الجاهزة ،نظام يتبنى مكافحة الفساد والقضاء على البطالة مع توفير السكن.
وتأتي عناوين المقالات المتبقية كالأتي:(إيتا تنهي كفاحها المسلح في مقاطعة الباسك الأسبانية)،(هل ينجح اليسار الأسباني في أعادة تنظيم صفوفه)، (أسبانيا..الحزب الشيوعي والتحالفات الجديدة)، (اليوم أثينا وغداً مدريد، قراءة في مسيرة اليسار الأسباني الحاشدة)،وأخيراً، (أسبانيا..لا بديل لوحدة قوى اليسار).
وفي المقال الخاص بتحالفات ح. ش. أ الجديدة ،حيث تشهد البلاد انتخابات مجالس البلديات في ربيع 2015، أما الانتخابات النيابية فستجري في نهاية عام 2015، وقد جاء انتصار حزب اليسار اليوناني وتشكيل الحكومة الجديدة، لتشكل زخماً جديداً لليسار الأسباني.
ح.ش.أ يشكل القوة الرئيسية في اليسار الإسباني المتحد الذي تشكل قبل 30 عاماً وأرتبط بالاحتجاجات ضد دخول أسبانيا في حلف الناتو.
أن الصعود السريع الذي حققه حزب"نحن قادرون"/ وهو من اليسار الأسباني والذي خرج من معطف حركة"غاضبون"، قرر الدخول في الانتخابات البلدية بصيغتين، الأولى: تشكيل قائمة مفتوحة، والثانية: الدخول في تحالف انتخابي مع قوى يسارية بضمنها اليسار المتحد، هذا التحالف أطلقوا عليه (دعونا ننتصر)، وعلى ضوء ذلك أعلنت منظمة ح.ش.أ في مدريد(ذات الحكم الذاتي)، دخول التحالفات اليسارية الجديدة مباشرة، وينسجم هذا القرار مع التوجهات المركزية للحزب الشيوعي الأسباني مما عزز من موقف الشيوعيين في مدريد، يهدف الحزب الى تحقيق أوسع تحالف يساري قادر على إزاحة اليمين من السلطة.
**
إن أعادة ترتيب البيت الداخلي لقوى اليسار الأوربي لم يكن كرد فعل لفعل فشل التجربة الاشتراكية ،وإنما هي قراءة متميزة لليبرالية الجديدة لغرض فهمها والوقوف ضد زحفها استناداً للفكر اليساري العلمي.
اليسار الجديد هو استنهاض لقوى المجتمع وإعادة تجميع كل المعطيات والعناوين التي تقف بالضد من العولمة المتوحشة.
الكتاب جيد من حيث تسلسل الأحداث وتنوع المواضيع وهناك معلومات جديدة مهمة.