مدارات

اليونان .. هل يحسم الوسط المتردد نتيجة الانتخابات المبكرة؟

رشيد غويلب
تشارك 19 قائمة في الإنتخابات المبكرة التي ستشهدها اليونان في العشرين من ايلول الحالي، ويشارك في الإنتخابات لأول مرة حزب "الوحدة الشعبية" المنشق عن حزب اليسار اليوناني (سيريزا)، على خلفية توقيع حكومة اليسار اليونانية المذكرة الثالثة مع الدائنين. وليس هناك توقع حاسم لطبيعة الحزب او التحالف الذي سيقود البلاد بعد الإنتخابات. رئيس الوزراء الحالي يسعى الى تحقيق "الأكثرية المطلقة" لتشكيل الحكومة اليسارية الثانية، ولكن استطلاعات الرأي الحالية لا ترجح مثل هذا الاحتمال، فالفارق ضئيل جدا بين حزب اليسار ومنافسه الأقوى حزب "الديمقراطية الجديدة" اليميني.
وحسب وسائل الإعلام اليونانية، فان حزب اليسار يتقدم القوى الأخرى بـ 26,5في المائة يليه حزب "الديمقراطية الجديدة" بـ25,9 في المائة ويحتل الموقع الثالث حزب "الفجر الذهبي" الفاشي بـ6,5 في المائة بعده يأتي حزب باسوك، الذي اتحد مع حزب "اليسار الديمقراطي" الصغير بـ 5,8 في المائة ، وياتي خامسا الحزب الشيوعي اليوناني بـ5,3 في المائة ثم حزب "النهر" الليبرالي بـ 5,1 في المائة وحزب "الوحدة الشعبية" 4,7 في المائة واخيرا حزب "اليونانيون المستقلون" اليميني الشعبوي، المشارك في التحالف الحاكم، بـ3 في المائة وبهذا يصبح خار? البرلمان الجديد، وهناك ما يقارب 15 في المائة من الناخبين يمثلون الوسط المتأرجح بين انتخاب حزب اليسار، او انتخاب حزب "الوحدة الشعبية" اليساري المنشق عنه. ويبدو ان هذه المجموعة من الناخبين ستلعب دورا رئيسيا في حسم نتيجة الإنتخابات النهائية.

حزب اليسار: لا تحالف مع احزاب الحكومات السابقة

ويرفض رئيس الوزراء وزعيم حزب اليسار تحالف الكبار، ويرفض ايضا فكرة "حكومة الوحدة الوطنية" مع الأحزاب التي حكمت البلاد في السنوات الماضية، وقال: "سوف لن نعيد من الشباك، القوى التي اخرجها الشعب في انتخابات 25 كانون الثاني من الباب"، ويطرح تيسبراس بديلا عن ذلك امكانية التحالف، في اطار حكومة يقودها، مع احزاب صغيرة. ويدعو حزب اليسار الناخبين الى التصويت لصالحه، ليقود حكومة تعمل على تحرير اليونان من الليبرالية الجديدة والتقشف والبدء بعملية التحول الديمقراطي الجذري للدولة، وإيجاد الحلول للتخفيف من الآثار المترتبة ?لى الاتفاق القسري مع المراكز المالية، وتنفيذ سياسة تدعم الأغلبية وتغير ميزان القوى لصالح العاملين. وينطلق حزب اليسار من ان الدائنين فرضوا برنامج تقشف قاسيا بواسطة ممارسة ابتزاز غير مسبوق، إلا أن تنفيذ هذا البرنامج سيعتمد على إجراء مزيد من المفاوضات بين اليونان ودائنيها، ومجموعة واسعة من النضالات السياسية والاجتماعية للدفاع عن حقوق العاملين، فتح الطريق لتعزيز الملكية العامة.
واعلن تيسبراس برنامجه الإنتخابي في مدينة سالونيك ايضا، وعرض فيه اهم نجاحات حكومته خلا التسعة اشهر الماضية، والتي جرى تنفيذها تحت ضغط هائل من المراكز الرأسمالية. واعترف تسيبراس بارتكاب الحكومة أخطاء، والإتفاق الذي تم توقيعه يتضمن ضغطا شديدا، ولكنه كان الأفضل في ضوء توازن القوى في أوربا. وعبر رئيس الوزراء عن قناعته بعدم وجود يوناني كان يمكنه الوصول الى نتيجة افضل، ودعا تسيبراس الشعب اليوناني الى مواصلة النضال لإستكمال التجربة.

حزب "الوحدة الشعبية" اليساري: العودة الى العملة الوطنية ليست كارثة

واختارت قيادة "حزب الوحدة الشعبية" اليساري مدينة سالونيك ايضا مكانا لطرح برنامجها الأنتخابي، وزير الطاقة السابقة باناغيوتيس لفاتسانس، ورئيسة البرلمان السابقة زوي كستنتوبولا، جلسا جنب الى جنب على منصة المؤتمر الصحفي، الذي بدأ برسالة من المناضل الإسطوري ضد الفاشية مانوليس غليتسوس، الذي دعا الشعب اليوناني "ليصنع مستقبله بيده"، ووجه نقدا لموافقة رئيس الوزراء على الإتفاق مع الدائنين. وأكد قادة الحزب أمكانية العودة الى العملة الوطنية، اذا ما كان ذلك ضروريا، وسيساعد على تطوير الصادرات ويوفر سيولة نقدية لإنعاش الإ?تصاد، واستشهد بالبلدان الأوربية التي ما تزال خارج منطقة اليورو، وكان يجب التفكير باحتمال العودة الى العملة الوطنية، كما يعتقدون.
ويرى متابعون عدم وجود فوارق كبيرة في تفاصيل البرنامج الإقتصادي والاجتماعي للحزب الجديد، وحزب اليسار الذي انشق عنه، إذا ما استثنينا بعض القضايا النظرية، وتوقيع رئيس الوزراء اليوناني على الاتفاق مع الدائنين، والذي شكل السبب المباشر للإنشقاق.

الشيوعي .. يؤكد مواقفه السابقة

اما قادة الحزب الشيوعي اليوناني فقد أعادوا الى الذهان مواقفهم السابقة، مؤكدين ان حزبهم ليس حزب معطيات رقمية، فالمهم كما يقول السكرتير العام للحزب ديمتريس كوتاسمباس هو تقوية مواقع الحزب، وان كل من حزب اليسار والحزب المنشق عنه يمثلان حالة من خداع الجماهير، والاستمرار في خدمة الرأسمال، و"الحزب الشيوعي اليوناني هو من يجسد آمال الشعب اليوناني لأن لديه "بديل واقعي" يتمثل في مغادرة الإتحاد الأوربي وحلف الناتو، وعدم الأعتراف بالديون من طرف واحد، وتأميم ثروات البلاد، وإعادتها الى الشعب الذي يتولى مقاليد الحكم".