مدارات

الشركات الوهمية.. طبيعتها ومهامها ومدى شرعيتها

بغداد – طريق الشعب
أدت تسريبات "وثائق بنما" حول الملاذات الضريبية التي يوظفها أثرياء العالم ، وجمع من الشخصيات العالمية للتهرب من دفع الضرائب وحرمان موازنات العديد من البلدان من مصدر مالي مهم يوفر المليارات الضرورية لتنفيذ مشاريع وبرامج تهم حياة الملايين من الناس، أدت إلى تسليط الضوء بقوة على الشركات الوهمية، او الفضائية وفق التعبير العراقي الدارج.
من المعروف دولياً أن استثمار أموال في بنما أو غيرها من الملاذات الضريبية يمثل في جوهره سرقة بغطاء قانوني ، ويكمن اختصار الشركات الوهمية بعنوان بريدي ورقم حساب مصرفي، أي ان هذه الشركات موجودة على الورق فقط ولا تمارس أي دور تجاري او إنتاجي او خدمي. وعادة ما تؤسس الشركة الوهمية في إحدى الملاذات الضريبية في العديد من بلدان العالم منها: مثل بنما أو الجزر العذراء البريطانية أو جزر كايمان غرب البحر الكاريبي وذلك بمساعدة محامين أو شركات خدمات متخصصة في هذه الأماكن. وعن ذلك يقول ألكسندر زاوكن، الخبير الألماني في القانون الاقتصادي، إن لكل من هذه الشركات مدير تنفيذي ليس له عمل سوى أن يدفع رسوم السجل الضريبي لهذه الشركة في الوقت المناسب مرة واحدة كل عام. ولإخفاء تحركات الأموال يتم غالبا تحويل الأموال إلى هذه الشركات الوهمية عبر عدة حسابات في بلدان مختلفة "ولا يمكن تقريبا اكتشاف من يقف وراء هذه الشركة".
قانونية تأسيس الشركات الوهمية
من حيث المبدأ عملية تأسيس الشركات الوهمية لا تتعارض مباشرة مع القوانين النافذة في هذه البلدان، إلا إن عمليات التهرب الضريبي والفساد وغسيل الأموال تكون مصادرها في الغالب غير شرعية وإجرامية كتجارة المخدرات، وصفقات الرشا الكبيرة، وتهريب اللاجئين. والشركات الوهمية تختلف عن الشركات التي يجري تأسيسها للتخفيف من أعباء الضرائب، كتلك الشركات التي تؤسسها شركات ورجال أعمال كبار في لوكسمبورغ وايرلندا، على سبيل المثال، لأن الأخيرة تكون معروفة وواضحة أمام السلطات الضريبية في هذه البلدان
و يشير ايبرهارد كيمبف، المتخصص في القانون الجنائي، إلى وجود نماذج للتجنب القانوني للضرائب. ويقول كيمبف في هذا الصدد: "..فعندما تمنح شركة ما ترخيصا لاختراع وتكون هناك شركة تابعة لها في ألمانيا وتضطر هذه الشركة الصغيرة إلى دفع رسوم للشركة الأم في واحة الضرائب في جزر العذراء البريطانية فإن ذلك يخفض الأعباء الضريبية للشركة الأم في ألمانيا وهذا أمر مشروع، طالما أن الرخصة ذات مضمون اقتصادي".
كما أكد كيمبف أيضا أنه من "القانوني" أن يخفي الزوج عن زوجته جزءا من ثروته من خلال شركة وهمية ولكن لا يجوز له إخفاء هذا المال عنها في حالة الطلاق. وفيما يتعلق بأعداد الشركات الوهمية فإنها غير معروفة على وجه الدقة ولكن هناك تقديرات بأن هناك قرابة 214 ألف من هذه الشركات أسست بين عامي 1977 و 2015.
كما أن الوثائق، التي شاركت في تقييمها عدة صحف من بينها صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، كشفت أن العديد من رجال السياسة والرياضيين ومشاهير العالم أخفوا أموالهم في شركات خارج وطنهم الأصلي