مدارات

اليونان والبرتغال يشكلان جبهة ضد التقشف / رشيد غويلب

في الحادي عشر من نيسان الجاري اتخذت، في العاصمة اليونانية أثينا، حكومتا اليونان والبرتغال الخطوة الأولى لتشكيل جبهة مشتركة ضد التقشف في أوروبا ولتنفيذ سياسة بديلة. وأكد رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس ونظيره البرتغالي كوستا أن مذكرات التفاهم مع المراكز المالية لن تحل مشاكل البلدين، بل تعمقها. ولأول مرة يوقع بلدان من بلدان جنوب أوربا المتضررة من الأزمة المالية وعواقبها اتفاق مشترك.
"على أوروبا أن تغير مسارها"
وبموجب هذا الاتفاق يقف البلدان ضد سياسة التقشف القاسية، ومن اجل أوربا ديمقراطية تقدمية تتبنى العدالة الاجتماعية. وجاء في نص الاتفاق "على أوربا أن تغير مسارها"، فالبلدان لديهما تجربة متشابهة مع برامج التكييف الهيكلي، و"لديهما قناعة مشتركة بان سياسة التقشف علاج خاطئ لمواجهة التحديات القائمة", ان التقشف يؤدي إلى الركود والبطالة والفقر ويشق المجتمع" . وشدد زعيما البلدين على "إن تصاعد الفقر وعدم المساواة الاجتماعية، يجعلان بلدينا يواجهان فترة طويلة من الركود الاقتصادي. إن أوروبا تقف الآن في مفترق طرق حاسم"، وطالبا بـ" اتفاقية أوربية مجتمعية جديدة". وإلا فان خطر وقوع أوربا في "القومية، والكراهية، ومعاداة الأجانب والتطرف والشعبوية " ماثل للعيان.
وفي المؤتمر الصحفي الختامي أوضح كوستا، ان برامج التكييف المفروضة من الاتحاد الأوروبي أدت في البرتغال إلى مشاكل خطرة : بطالة، فقر، ومشاكل اجتماعية، ورفعت الدين العام من 97 في المئة إلى 130 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي . وشدد رئيس الوزراء اليوناني ان هدفنا المشترك توضيح ضرورة تغيير سياسة الاتحاد الأوروبي. والتباين الوحيد بين البلدين برز بشأن المطالبة بالغاء الجزء الأكبر من الديون الذي تطالب به اليونان، فيما تحجم البرتغال عن ذلك.
أوروبا يجب أن تبقى مفتوحة للمحتاجين
واتفق البرتغال واليونان أيضا على التعاون في ملف اللاجئين. ورفضا "بناء الجدران العازلة" و "حواجز" على حدود أوربا وطالبا بسياسات اتجاه اللاجئين قائمة أساس التضامن. وان الحدود الأوربية يجب أن تبقى مفتوحة للمحتاجين. ودعت حكومتا البلدين إلى إعادة النظر في اتفاقية دبلن بحيث يتم توزيع الأعباء بشكل عادل على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
واعلن رئيس وزراء البرتغال في المؤتمر الصحفي ان بلاده ستستقبل عددا كبيرا من اللاجئين الموجودين في اليونان. وحث الاتحاد الأوروبي على عدم تحميل عبء أزمة اللاجئين على كاهل بلد مثل اليونان، لان المشكلة أوروبية. وأضاف رئيس الوزراء اليوناني: "من الضروري أن نقيم جبهة تقدمية للتعامل مع أزمة اللاجئين والبرتغال حليف لبلادنا في هذا المجال". وانتقد بشدة استخدام قوات الأمن المقدونية الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي ضد اللاجئين العزل، وطالب الأمم المتحدة، ومفوضية اللاجئين إلى تحديد موقفها.
دعم اليونان
وتعد زيارة رئيس الوزراء رسالة دعم وتضامن مع اليونان في صراعها المتصاعد مع المؤسسات المالية العالمية. وفي نفس اليوم وصل أثينا مندوبو الدائنين لتقييم سير"الإصلاحات" المفروضة. ولهذا وظف تيسبراس اللقاء لإرسال رسالة واضحة إلى الدائنين مفادها إن اثينا مستعدة فقط لتنفيذ ما اتفق عليه في الصيف الفائت، رافضا المطالبة بإجراءات إضافية. وينبغي ان تدخر اليونان 5,4 مليار يورو. ويطالب صندوق النقد الدولي بإجراءات تقشف إضافية. كما كشف ويكيليكس مؤخرا إن صندوق النقد الدولي يتعمد دفع اليونان إلى الإفلاس، لكي يتمكن من فرض منهجيته.
وكانت المؤسسات المالية العالمية قد أجبرت اليونان في صيف 2015 على توقيع المذكرة الثالثة مقابل قرض جديد بقيمة 86 مليار يورو. لكن خزائن اليونان تفرغ ببطء لتوقف الدفعات النقدية. وعلى اليونان ان تسدد في منتصف تموز المقبل 2,7 مليار إلى البنك المركزي الأوربي وصندوق النقد الدولي، وهذه الأموال غير متوفرة. ولهذا تم قطع المفاوضات بعد يومين من بدئها من دون نتيجة تذكر. وقال احد موظفي وزارة المالية اليونانية لوسائل الاعلام: "لا يستطيع الشعب تقديم المزيد".
وأعلن وزير المالية اليوناني إن حكومته، وبعد فشل المباحثات مجددا، ستطرح من طرف واحد، ودون موافقة الدائنين، قانونين احدهما يتعلق بتخفيض الرواتب التقاعدية، والثاني خاص بضرائب جديدة للتصويت عليها في البرلمان. وان الحكومة أخذت في نظر الاعتبار ملاحظات الدائنين التي لا تتجاوز الخطوط الحمر التي وضعتها الحكومة. وفي الوقت نفسه أعلن وزير الاقتصاد إن اليونان ستنفذ جزءاً من إجراءات الخصخصة المفروضة التي يفترض ان توفر 50 مليار يورو، والتي "كانت منذ البداية غير واقعية". " في هذه الثناء تمكنا من تحقيق 15 مليارا".